ولد انتحار طالب السنة أولى بكلية الطب والصيدلة بمراكش مخاوف من انتشار عدوى أفكار الانتحار في صفوف الطلبة، بسبب مصيرهم الذي مازال مجهولا، ما دامت بوادر انفراج الأزمة لم تتضح بعد. وللأسف، هذه المخاوف لم ينفها محسن بن زاكور أستاذ علم النفس الاجتماعي. ففي تصريح ل "رسالة 24 "، أكد أن انتشار أفكار الانتحار وارد جدا بين هؤلاء الطلبة اليافعين الذين قد تنتقل عدوى اليأس عبر بعضهم البعض، بفعل الضغوطات النفسية التي تخلفها هذه الأزمة. ويوضح المتحدث، في هذا الصدد، أن البنية النفسية تختلف من شخص إلى آخر، ومن بيئة إلى أخرى. بمعنى أننا لا نتمتع كلنا بنفس الصمود النفسي. فهناك من يمتلك هذه القدرة، وهناك من يفتقر إليها. وهذا النوع الأخير، لا يصمد إذا كان في مواجهة طويلة مع مثل هذه الضغوطات خصوصا إذا كان الشخص في مقتبل العمر. والطالب المرحوم خير شاهد على ذلك: فهو طالب لم يتجاوز بعد سن 18 سنة، وبتجربة قصيرة وضئيلة في معترك الحياة، عنوانها الخروج مؤخرا من وصاية التعليم الثانوي وولوج الحرم الجامعي الذي لم يسعفه القدر أن يكتشفه. هذا الطالب، وهو الذي انكسر طموحه، وأصبح بصيص الأمل عنده ضعيفا. وموازاة مع ذلك، يعيش في كنف أسرة لا تساعده على ضمان رد التوازن النفسي المختل، والذي يزداد اختلالا بمجرد أن يخرج الطلبة من محطاتهم النظالية بخفي حنين في كل جولة مع الوزير او رئيس الحكومة. حينها، تتكسر الطموحات والآمال، مع العلم أن الإنسان يحتاج بطبيعته إلى الأمل حتى يستمر في الحياة. وهكذا، فأصل المشكل ليس في الانتحار، بل في التفكير فيه. فاحتمال التفكير في الانتحار يزداد حينما يرتفع منسوب الكآبة. حينما يفقد الانسان الأمل في مصيره، خصوصا لدى طلبة ذوي مستوى معرفي وإدراكي كبير مثل هؤلاء، والذين تكون علاقاتهم الاجتماعية محدودة. ويستطرد المختص قائلا: إن بلوغ مستوى معرفي وإدراكي لدى هؤلاء يكون على حساب علاقتهم الاجتماعية. فهؤلاء، لايترددون خارجا كثيرا، ولا ينسجون علاقات صداقة التي تكون قليلة إلى منعدمة. فغالبية الوقت يخصصونه للمراجعة والمذاكرة، وهذا يعد عاملا مباشرا للهشاشة الإجتماعية. وبالتالي، حينما يتخبط الشخص في مثل هذه الازمات التي يعيشها طلبة الطب، فهي تعري هذه البنية النفسية الهشة، فيؤثر ذلك لا محالة على إصابته بأمراض نفسية ومراودة الأفكار السوداوية. وحين تتضاءل الحلول أمامه، فيفكر في الحل "السهل" وهو أن يضع حدا لحياته في الوقت الذي فشل في مواجهة صعوبات الحياة. وهنا، يؤكد بنزاكور على ضرورة توفير الدعم النفسي لهؤلاء الشباب من لدن المجتمع المدني، والعمل على احتوائهم نفسيا لتجنب بلوغ هذه المرحلة، ويعيب المتحدث على المختصين عدم تحركهم صوب هؤلاء الطلبة الذين يحتاجون المواكبة النفسية.