استغل رئيس الحكومة عزيز أخنوش التعديل الحكومي ليحيط نفسه بمجموعة جديدة من الوزراء الذين ظلوا على مدى سنوات طويلة مقربين منه، ومن الركائز التي يعتمد عليها سواء في شركاته أو في وزارة الفلاحة، لينضاف هؤلاء الوزراء الجدد لآخرين حملهم أخنوش معه للحكومة منذ تشكيلتها الأولى عام 2021. ومن خلال قراءة سريعة في بروفايلات الوزراء القدامى والجدد المحسوبين على حزب رئيس الحكومة، يتضح أن معيار الاختيار الذي تم اعتماده في استوزارهم، هو الخدمات التي قدموها، كموظفين دخل إحدى شركات "هولدينغ أكوا" المملوك لرئيس الحكومة وزوجته، أو مقدار الولاء له كشخص وخدمته شخصيا سواء داخل الحزب أو داخل وزارة الفلاحة التي عمر داخلها أكثر من 14 سنة.
معيار الاختيار الذي استند إلى منطقي الخدمات والولاءات دفع الكثير من رواد مواقع اتواصل الاجتماعي إلى السخرية من التشكيلة الحكومية في طبعتها الجديدة التي أطلق عليها البعض لقب "حكومة أكوا" تنذرا، وذهب البعض الآخر إلى الحديث ساخرا عن إضافة مكون جديد للأغلبية الحكومية التي تتكون بالإضافة إلى أحزاب "التجمع الوطني للأحرار" من حزبي "الاستقلال" و"الأصالة والمعاصرة"، بحيث أصبحت مجموعة "أكوا" التي يرأسها رئيس الحكومة المكون الرابع لهذه الأغلبية! ومن بين 32 وزيرا تتكون منهم الحكومة في هيكلتها الجديدة يوجد 7 وزراء اختارهم رئيس الحكومة أعضاء داخل حكومته، بناء على عملهم سابقا داخل شركاته، أو بسبب ولائهم وإخلاصهم له أثناء عملهم بجانبه داخل الوزارة أو على رأس الحزب. وإذا ما احتسبنا وجود 8 أعضاء، بما فيهم رئيس الحكومة، ينتمون إلى نفس المجموعة، فإن تمثيلية مجموعة "أكوا" داخل الحكومة الحالية تمثل 25% من الحكومة، يرأسون حقائب مهمة اجتماعية مثل التربية والتعليم والصحة، وأخرى اقتصادية كبيرة مثل الفلاحة والصيد البحري والسياحة والاقتصاد الاجتماعي. وفيما يلي أعضاء الحكومة المحسوبين على عزيز أخنوش الذين استقدمهم من شركاته أو اختارهم بناء على ولائهم له. مصطفى بايتاس حافظ مصطفى بايتاس على حقيبة الوزارة المنتدبة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة، في النسخة الثانية من حكومة أخنوش، وهو المنصب الذي شغله بعد مدة طويلة قضاها إلى جانب أخنوش، اعتبر خلالها يده اليمنى. بايتاس عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، وقبل أن يشغل مهمة برلماني منذ سنة 2016 عن سيدي إفني، اشتغل إلى جانب أخنوش وهو بعد وزيرا للفلاحة، حيث كان مستشارا مكلفا بالعلاقات مع البرلمان في ديوانه خلال الفترة ما بين 2012 و2016، ولا يزال إلى اليوم من أشد المدافعين عن حصيلة أخنوش في الفلاحة، وعن المخطط الأخضر. فاطمة الزهراء عمور كما حافظت فاطمة الزهراء عمور، على منصبها وزيرة للسياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، في الحكوم، ليس بسبب كفائتها وإنما بفضل ولائها لمشغلها السابق ورئيسها في الحكومة عزيز أخنوش. فقد سبق لفاطمة الزهراء عمور أن اشتغلت بمجموعة "أكوا"، لمالكها عزيز أخنوش عام 2001، كمديرة للتسويق مكلفة بنحو عشرين علامة تجارية. ومكثت بالمجموعة لمدة عشر سنوات، اشتغلت خلالها على العديد من العلامات، مثل (أفريقيا) و(أفريقيا غاز). كما تولت عمور تسيير مهرجان "تيميتار" بأكادير منذ إحداثه إلى غاية سنة 2012، الذي يسيره ويديره عزيز أخنوش. وبقرار من عزيز أخنوش، عندما كان وزيرا للفلاحة، عينت فاطمة الزهراء عمور مندوبة عامة للمغرب في معرض ميلانو 2015، من أجل تأطير المشاركة المغربية في هذا الحدث الدولي البارز. محمد سعد برادة ليس في مسار محمد سعد برادة الأكاديمي والمهني، الخالي من أي علاقة بقطاع التربية الوطنية، ما يشفع للرجل كي يصير وزيرا على رأس قطاع التعليم، الذي تؤكد الحكومة أنه يحظى بالأولوية بعد ملف الصحراء. لكن قرب صاحب شركة حلويات "ميشوك" من الدائرة المالية لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، جعلت القريب بعيدا ومكنته من اعتلاء كرسي الوزارة بباب الرواح، لتدبير واحد من أهم القطاعات الاجتماعية، وأكثرها غليانا واحتقانا. فوزير التعليم الجديد، المستثمر بعدة قطاعات كالحلويات والصناعات الغذائية والأدوية والأشغال العمومية، ألحقه أخنوش بمجلس إدارة شركة "إفريقيا غاز" التابعة لهولدينغ عائلته "أكوا"، ثم ألحقه بحزب "التجمع الوطني للأحرار" ليكون من ضمن قيادات المكتب السياسي للحزب الذي يحمل شعار "الحمامة". ويأتي تعيين سعد برادة خريج مدرسة القناطر والطرق بباريس، وزيرا، لقطاع اجتماعي أساسي، ليثير من جديد مسألة تضارب المصالح في حكومة أخنوش. أحمد البواري على غرار سلفه محمد الصديقي، يعتبر وزير الفلاحة الجديد أحمد البواري، وهو مهندس فلاحي، من الركائز التي ظل يعتمد عليها أخنوش حين كان وزيرا للفلاحة، واستمر في الاعتماد عليها في القطاع بعد تعيينه رئيسا للحكومة، ولو ضدا على القانون. وشغل البواري منذ سنة 2013 إلى حين تعيينه وزيرا للفلاحة منصب مدير الري وإعداد المجال الفلاحي. وبحكم قربه وولائه، تم التمديد له من طرف أخنوش في نفس المنصب لثلاث مرات تواليا، وهو ما خلف احتجاجات داخل الوزارة، واتهامات لرئيس الحكومة بخرق القانون لتثبيت "رجل ثقته" في منصبه، وهي الاتهامات التي وصل صداها إلى الديوان الملكي، لكن الرجل المقرب من أخنوش ظل في منصبه إلى أن عينه الملك وزيرا للفلاحة في التعديل الحكومي الجديد. وإلى جانب كونه رئيسا لهيئة المهندسين بحزب التجمع الوطني للأحرار، يعتمد أخنوش على البواري في عدة مشاريع، على رأسها الطريق المائي السيار بين سبو وأبي رقراق، إضافة إلى محطة تحلية المياه باشتوكة آيت باها. أمين التهراوي جاء أمين التهراوي الذي عينه الملك محمد السادس، وزيرا جديدا للصحة، خلفا لخالد آيت طالب، من قطاع التسيير، وخاصة تسيير الشركات العائلية لرئيس الحكومة عزيز أخنوش. وسبق للوزير الجديد أن قام بتسيير الشركتين اللتين يقودهما الزوجان عزيز أخنوش حرمه سلوى الإدريسي، "أكوا" و"أكسال"، حيث تقلد العديد من المناصب الإستراتيجية إلى أن أصبح سنة 2012 المدير العام لمجموعة "أكسال"، التي تديرها سلوى أبو الحجول الإدريسي، زوجة أخنوش. وكان التهراوي قد شغل منصب المدير العام لشركة "أمازين"، الشركة المسؤولة عن تطوير المراكز التجارية للهولدينغ العائلي لأخنوش وزوجته. مما يدل على الثقة التي يحظى بها لديهم وهي التي أهلته لتولي منصب وزير الصحية في التشكيلة الحكومية الجديدة. وسبق للطهراوي أن شغل منصب مدير مركزي في وزارة الفلاحة عندما كان عزيز أخنوش على رأس الوزارة، وكان التهراوي بمثابة الرجل النافذ بعد الوزير في تلك الوزارة. وفي نهاية سبتمبر الماضي، تم تعيين أمين التهراوي، بإقتراح من رئيس الحكومة وقرار منه، كاتبا عاما لرئاسة الحكومة، أي كاتبا عاما في رئاسة الحكومة التي يقودها أخنوش. وبدأ الطهراوي حياته المهنية في البنك الاستثماري التجاري "فاينانس كورب" قبل أن ينضم إلى مجموعتي "أكوا" و"أكسال"، حيث شغل عدة مناصب تسييرية. زكية الدريوش تعتبر زكية الدريوش، بدورها من ركائز عزيز أخنوش في وزارة الفلاحة التي تولى حقيبتها ما بين سنتي 2007 و2021، فبعد سنة من اعتلائه كرسي الوزارة عينها مديرة للصيد والأحياء البحرية سنة 2008، ثم عينها في منصب الكاتبة العامة لقطاع الصيد البحري منذ سنة 2013، وتم التجديد لها سنة 2018، وبقيت في المنصب رغم انتهاء مدة التمديد في السنة الماضية، كما ظلت تشرف على برنامج "أليوتيس". واليوم، باتت الدريوش، الحاصلة على دبلوم الهندسة في التكنولوجيا الحيوية ببلجيكا، ودبلوم الدراسات العليا في الصيدلة بباريس، كاتبة دولة لدى وزير الفلاحة مكلفة بالصيد البحري، بعدما اقتنعت بالالتحاق بحزب التجمع الوطني للأحرار سنوات بعد تأكيدها في مقابلة تلفزية أنها لا تفكر في دخول عالم السياسة. لحسن السعدي ذاع صيت لحسن السعدي الذي بات كاتبا للدولة مكلفا بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، في الآونة الأخيرة، بعد ظهوره رفقة قيادات من حزب التجمع الوطني للأحرار يرقصون في الجامعة الصيفية لشبيبة الحزب على أنغام أغنية "مهبول أنا"، وضحايا الفيضانات في الجنوب الشرقي لم يحصوا بعد خسائرهم. مسار السعدي، أستاذ التعليم الابتدائي "معلم"، هو نفس مسار زميله بيتاس، كلاهما هجر فصل الدراسة وركب موجة "السياسة"، لأنها الأسرع لتحقيق المطامح والوصول إلى المناصب، ولو بدون كفاءات أو دبلومات. جاء السعدي من دوار "تازناخت"، أحد الهوامش المنسية بإقليم تارودانت، ليحرق المراحل بسرعة ويصبح رئيسا لفيدرالية الشبيبة التجمعية، وحملته رياح انتخابات 8 شتنبر 2021 إلى البرلمان، ليشغل، وهو الذي لا تجربة له، رئاسة لجنة المالية بمجلس النواب الذي لم يسبق له أن طرح فيها سؤالا واحدا مباشرا، ويعود آخر سؤال كتابي وجهه للحكومة إلى شهر يوليوز من سنة 2023. ولا تخفى على المتتبع للشأن السياسي العلاقة القوية التي باتت تجمع السعدي برئيس حزبه، خاصة وأن البرلماني الشاب لا يأل جهدا في الدفاع عن أخنوش وحكومته، فتارة يصرح بأنها الحكومة الاجتماعية رقم واحد في تاريخ المغرب، وتارة يقول إن مخطط المغرب الأخضر هو أنجح مخطط في تاريخ البلد، وأخرى يدافع عن تضارب مصالح رئيس الحكومة وفوز إحدى شركاته بصفقة عمومية بالقول إنها شركة مغربية ينبغي تشجيعها.. وفاء جمالي لم تعين وفاء جمالي عضوة بالحكومة، لكنها عينت مديرة عامة للوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي، باقتراح من رئيس الحكومة عزيز أخنوش. وجاء تعيين جمالي في منصبها الجديد بفضل قربها من رئيسها عزيز أخنوش، في العمل وفي الحزب، فقبل تعيينها في منصبها الجديد شغلت منصب السكرتيرة العامة لمكتب رئيس الحكومة بين 2021 و2024. كما سبق لها أن شغلت منصب مديرة ديوان رئيس حزبها "التجمع الوطني للأحرار" (2016-2021)، ومستشارة لديه عندما كان وزيرا للفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية (2014-2017)، ومسؤولة التخطيط الاستراتيجي في مجموعة رئيس الحكومة "أكوا القابضة" (2010-2014).