قالت الكاتبة المغربية الفرنسية، زكية داوود، إن محاكمة الإستعمار في المغرب قد تمت، لكن لم يحدث ذلك بالنسبة لموضوع ما بعد الإستعمار. واضافت أن "المغاربة لم يدركوا أنهم انتقلوا من حالة المستعمَر إلى حالة الزبون." وأوضحت في حوار مع مجلة جون أفريك أن هذا التغيير في الوضع مثير جدًا للاهتمام؛ حيث لم تعد فرنسا تُعتبر الدولة التي تقدم المساعدة، بل أصبحت المزوّد الذي يحق للمغاربة التفاوض معه.
وأضافت داوود أن "هذا التحول في العلاقة بين المغرب وفرنسا يُظهر مدى تطور الوعي الوطني، حيث بدأ المغاربة يدركون حقوقهم ويطالبون بمعاملة مختلفة، مما يعكس شعورًا متزايدًا بالاستقلالية والرغبة في شراكة حقيقية تقوم على التفاوض والتعاون المتوازن." وفي أحدث كتاب لها، "المغرب – فرنسا: أكاذيب وأحكام مسبقة"، تتناول الصحفية والمؤرخة المغربية الفرنسية، زكية داوود، العلاقات بين الرباط وباريس، من عهد الملك فرانسوا الأول إلى يومنا هذا، بين الشغف وخيبة الأمل.
وقالت للمجلة الباريسية: "كان يبدو لي أمراً مفاجئاً أن أرى هذين البلدين، اللذين كانت تربطهما علاقة جيدة، يتخاصمان بسبب ما بدا أمورا تافهة." واضافت الكاتبة بأن فرنسا كانت تُلام على عدم اعترافها بمغربية الصحراء، رغم أن هذا الأمر بدا محسومًا منذ أبريل 2007، عندما دعم جاك شيراك خطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب. وأستدركت زكية داوود أن هذا الموقف، الذي كان في السابق واضحا، لم يعد كذلك بعد أن ذهبت الولاياتالمتحدة وإسبانيا وألمانيا إلى أبعد في دعمها. وعلقت على قضايا التنصت الهاتفي، والتخفيض الكبير في عدد التأشيرات، ورفض إعادة قبول المغاربة المرحّلين من فرنسا وغيرها من الأمور التي تراكمت جميعها. وقالت المؤرخة إن "ما كان يمكن أن يُعالج بشكل طبيعي بين الإدارتين الحاكمتين أخذ بعداً غير منطقي وأهمية مبالغاً فيها." وتقول زاكية داود إن الحسن الثاني كان يتحمل علاقته بالثقافة الفرنكوفونية إلى النهاية، وأقام علاقات استثنائية مع فرنسا. أما محمد السادس، فقد أوضح منذ توليه الحكم عام 1999 للرئيس شيراك أنه يرغب في أن يكون شريكاً على قدم المساواة وليس مجرد زبون. غير أن هذا الطلب لإعادة تشكيل العلاقة الثنائية لم يُصغَ إليه بشكل كافٍ في ذلك الوقت، ولا لاحقاً من قبل نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند، وأقل بكثير من قبل إيمانويل ماكرون، الذي ينتقده المغرب منذ عام 2017 بسبب ميله الواضح نحو الجزائر. وترى داود أنه بالنظر إلى التاريخ، نجد أن الأسباب ذاتها تؤدي إلى النتائج نفسها، رغم التشويه المستمر في الرؤى. ففي القرن التاسع عشر، حينما أشادت شخصيات مثل شارل دي فوكو وبيير لوتي بالمغرب والمغاربة، كانت كتابات أولئك الذين ذهبوا إلى أوروبا، مثل ابن إدريس العمراوي والكركودي، تعكس رؤية مغايرة تماماً. فهذه الكتابات تضمنت خليطاً من مشاعر الحب والكراهية، وهي المشاعر ذاتها التي نجدها اليوم في بعض المواقف. وتعتقد داود أن هذا التفاوت في الرؤى يكشف جوهر المشكلة ويشرح الماضي بقدر ما يشير إلى المستقبل.