تدق الأرقام الأخيرة التي كشف عنها ائتلاف الجمعيات العاملة من أجل الصحة النفسية ناقوس الخطر، حيث تشير أن نصف المغاربة 48.9 في المائة مصابين بأمراض واضطرابات نفسية. على ضوء هذه الإحصائيات، أشار محسن بنزاكور أستاذ علم النفس الاجتماعي في حديثه ل"الأيام24"، إلى أهمية تحديد مفهوم الاضطراب النفسي و الذي يرى أن الكثير يخلط بين الإضطراب كسلوك له علاقة بالنفس و بين ما هو مرض. واعتبر أن الاضطراب النفسي سلوك يتولد عند الشخص بعد شعوره بالضيق أو العجز، مشيرا إلى أن الأرقام التي كشفتها الدراسة هي أرقام دقيقة لكون البنية النفسية للمغاربة أصبحت هشة و حالات الإضطراب في تزايد، و ترجع أسبابها حسب "محسن بن زاكور" للوضعية الاقتصادية و الاجتماعية، إضافة إلى طبيعة العلاقات بين الأفراد و التي يرى أنها أصبحت تعيش تدهورا كبيرا بخلاف السابق. وأضاف "العلاقات الاجتماعية كانت متينة و مبنية على التضامن و التآزر و الحب. في حين اليوم أصبحنا نعيش على مفهوم الصراع و "راسي يا راسي" يضيف بن زاكور . ويشير في نفس الاتجاه إلى أن للاضطراب النفسي عدة أوجه و التي تتجلى في العلاقات الثنائية بين الأزواج و الأسرة و التي أصبحت تعيش نوعا من التفكك، مؤكدا أن الشخص يعيش أيضا الاضطراب في العمل بحكم أن العلاقة التراتبية في العمل لم تعد تفهم على أساس توزيع للمهام لكنها تفهم على أساس التسلط و الإمتياز. وأعطى المختص في علم النفس الاجتماعي المثال ب " ما تم تداوله أخيرا حول "الوزير حفيظ العلمي والذي قال أنه مارس نوعا من التسلط على صحفية أرادت أخذ تصريح معه بامتناعه عن الأمر قائلا "إن لم تصمتي سأطردك"، مفسرا أن الصحفية مورس عليها نوع من الإهانة من شأنه أن يصل إلى أشد أنواع الإضطراب النفسي. وفي نفس الصدد أضاف بن زاكور أن الإضطراب أنواع ويتخذ اشكالا عديدة، منها، القلق و الضيق فضلا عن شعور ما وصفه "بالحكرة". و الذي يمكن أن يدفع بالشخص إلى القيام بردود أفعال عنيفة يمكن أن تصل إلى حد الانتحار. وأعطى بن زاكور مثالا آخر ب" تداخل مفهوم السلطة بالتسلط، و هو الأمر الذي وقع مع "مي فتيحة"، والتي فسر إقدامها على إضرام النار في جسدها كرد فعل بالإحساس بالحكرة" مضيفا أن "مي فتيحة" أحرقت جسدها بعد وصولها إلى أقصى حدود الإضطراب بعد أن مارس عليها "القايد" جميع أنواع الإهانة والتي تتجلى بتحقيرها أمام الملأ و تجريدها من مصدر رزقها مضيفا أن كل أنواع الحكرة اجتمعت في سلوك القايد و كانت كافية ليصل الامر الى ما وصل اليه" وختم بن زاكور حديثه أن البنية النفسية تختلف من شخص لآخر حيث هناك من له بنية قوية يستطيع من خلالها مواجهة المواقف الصعبة دون الوقوع في الإضراب النفسي، مشيرا أن الدراسة التي كشفت عنها الجمعيات المعنية لم تقل أن جل المغاربة مضطربين نفسيا بل النصف ما يؤكد إختلاف البنيات النفسية للأفراد.