أبى رئيس العصابة الحاكمة في الجزائر إلا أن يواصل العمل بتوصيات الاستعمار وأذنابه وعسكره في المنطقة، للاستثمار في الحرب والكراهية، والبحث الدائم عن الاتهامات المحركة لعدوان لا مبرر له، واختلاق الأكاذيب وتزوير الحقائق بشأن المغرب دولة وشعبا وأرضا، فرغم أن جار السوء قطع علاقاته مع المغرب وسد الأجواء والبر والبحر، وأغلق الأنابيب والممرات والمعابر بصفة نهائية في إطار تكريس سياسة اللاعودة واللارجوع، فإن باله لا يهدأ يوما عن يوم وساعة تلو ساعة من إثارة موضوع المغرب والتدخل في شؤونه الداخلية والشكوى من قيامه باعتداءات… وهو المغرب الذي اعتقدنا أن العصابة أدخلته إلى منطقة النسيان الأبدي واللارجوع واللاعودة إليه، وأحالته على الأرشيف، وأنه لن يذكر بعد غلق كل المنافذ إليه. والحال أن العصابة منذ قطعها العلاقات وغلقها الحدود والأجواء، تلهج باسم المغرب وتسبح به، وإن في صورة طقس احتفالي يومي للسب والشتم واللعن على منابر الخطابة الدينية والسياسية والإعلامية، من ثكنة بن عكنون، إلى قصر المرادية، إلى مسجد العاصمة، إلى قنوات الصرف الصحي والمياه العادمة. لم يعد لجزائر العصابة من مجال سلمي تستثمر فيه لصالح بلادها وجوارها، نظرا لتخلفها وبؤسها الإيديولوجي، فآثرت أن تكمل طريقها إلى الهاوية؛ خيارها الوحيد والأوحد للتمديد في عمرها، وهو خيار الاستثمار في الدم والدمار واقتصاد الحرب، لذلك لا تدع فرصة تمر دون استفزاز المغرب واستنفار آلياتها العسكرية، ونفخ الصدور والأوداج، وتهيئة الشعب الجزائري للتطبيع مع ثقافة الكراهية الموجهة ضد المغرب، ومن ثمة شيطنته وتوجيه الأنظار إليه عند حلول أي أزمة في الجزائر، باعتبار المغرب المستفيد الأول من أي فشل أو ضرر يصيب البلاد والعباد. وعلى أساس هذه البرمجة الذهنية العصبية الموجهة لأنظار العامة في اتجاه المغرب والشماعة المخزنية، وبتكرار واجترار أسطوانة الشر القادم من الغرب، فإنه يسهل إقناع الجزائري البسيط أن المغرب هو سبب تعاسته، وأن هجوم الجراد على المحاصيل الزراعية هو من تدبير المغرب، وأن نقص الإمدادات من السلع والبضائع والمواد الغذائية هو من عمل المغرب، وأن حرائق غابات القبايل هي من نيران المغرب، وأن مقتل سائقي شاحنات جزائرية في ظروف غامضة ومكان أغمض هو من جرائم المغرب، وأن سقوط طائرة جزائرية متهالكة هو من فعل الفاعل المغربي، وأن انكشاف الفساد في صفقات البناء والتعمير وإصلاح الملاعب الرياضية وأعشابها كشف معه العدو المغربي المختفي وراء العشب غير الصالح والبناء المغشوش، بهدف إسقاط الجزائر وتشويه صورتها وسمعتها الدولية. وهكذا دواليك في كل حادثة أو واقعة من بلاد العصابة، تصطف الأنظار على الحدود مثلما تصطف طوابير الحليب والزيت والسميد والسماد، معاتبة الجار المغربي تارة، وشاتمة ولاعنة له تارة أخرى، وموجهة لأصابع الإدانة إليه وتوعده بالانتقام والقصاص تارة غيرها، وبين هذه وتلك، تنسج عنكبوت شنقريحة نسيج الحقد والكراهية المهيئ للنفوس والمحرض للقلوب لاقتحام غمار الحرب، والوقوع في فخ المؤامرة الاستعمارية، ومن ثمة تبرير الخرجة العسكرية الدائمة لنظام العصابة بدعوى التحسب لما ينتظر الجزائر الصامدة والقوة الضاربة من ضربات. إن المواطن الجزائري البسيط والمطحون بالآلة الدعائية والمسحوق تحت أحذية العساكر وأزلامهم، والذي صدق هذه التضليلات وكفته العواقب الوخيمة لإعادة شريط الحراك الهادر على مسامع العصابة: "مدنية لا عسكرية"… "تبون مزور جابوه العسكر" … "يتنحاو كاع"، قد حشيت آذانه وأفواهه بشريط احتجاجي جديد من مثل "المروكي يا حيوان" صار من شدة تكراره وإعادة الاستماع إليه وبرمجته مع ملحقاته الكثيرة والمتنوعة، في كل لقاء جماهيري أو خطاب أو خبر أو تحليل، بديلا عن شعارات الحراك ضد العصابة، إنه شريطٌ مسلسلٌ لسب المغرب والمغاربة وشتمهم في أعراضهم، وإدانتهم بسبب التسبب في العزلة الإقليمية والدولية لبلدهم الذي تحكمه عصابة مجرمة تستثمر في القتل والتدمير والتخريب والحرب وقطع الطريق، لا دولة مسؤولة تسعى إلى كسب التعاطف الدولي بما تبديه من قدرات هائلة وفائقة على التعايش والتعاون والتبادل، وبما تقوم به من استثمارات في اقتصاد السلم والاستقرار والأمن. هذا المواطن الجزائري الذي ضُلل وزيف وعيه، هو على أتم الاستعداد لتصديق أسطوانة العدو المغربي المتخفي وراء كل أزمات الجزائر وأتراحها وأحزانها ونكباتها، عندما يتعلق الأمر بخروج رئيس نظام العصابة بنفسه ليزيد في قائمة التهم الجديدة ضد المغرب، تهما تعود أصولها إلى سنوات خلت، وهكذا فمقتل ديبلوماسيين جزائريين في جمهورية مالي منذ أزيد من 11 سنة وبعد كل التحريات التي أجريت والاعتقالات التي تمت حينها والاستجوابات التي حللت، ونتائج التحقيقات الواضحة عن أشخاص مرتكبي العملية الإجرامية وعن دواعيها وعن الجهة التي تقف وراءها، لم يخجل رئيس نظام العصابة من نفسه وهو يعيد فتح ملفات جزائرية وسخة تعود إلى عقود من الزمن، لبعثها وإحيائها وإعادة صياغة معطياتها بما يخدم إيديولوجيا إقحام المغرب في كل التاريخ الجزائري الأسود والمؤلم، وإخراجه نهائيا من التاريخ الفخري للجزائر بكل ما حمله إليه هذا المغرب من دعم ومشاركة في التحرير والبناء. إن التهم الخطيرة المجانية والكاذبة التي تتناسل من القلوب الحاقدة والمظلمة لقادة العصابة ضد المغرب، والتي يستسهل رئيسها إلقاءها جزافا في حواراته التلفزيونية الفضائية، ويصر أن يضمن كل حوار تهمة ملفقة جديدة ضد المغرب وكأنه مقتنع أن التهمة السابقة غير مقنعة ولا تفي بالغرض هي بدل أن تؤثر سلبا في موقع المغرب الإقليمي والدولي وفي علاقاته، فإنها تزيد دولة العصابة عزلة وانعدام المصداقية، كما تدفع دول العالم إلى مزيد احترام التزام المغرب الصمت وتحفظه عن الرد على حماقات وإساءات العصابة وعلى تهمها الفارغة التي لا تكاد تنتهي. ومن أقصى درجات الفجور في الخصومة، بعد أكاذيب تبون وهذيانه حول اغتيال المغرب للديبلوماسيين الجزائريين ودعمه لحركة إرهابية في مالي، خروج الأبواق الإعلامية للعصابة وعلى رأسها ما يسمى بوكالة الأنباء الجزائرية المتخصصة في أخبار المغرب وأساطيره، وفي الدعاية الحربية ضده، لتنفث مزيدا من سموم الحقد والكراهية في عضد الشعب الجزائري، باستيراد كل ما في قواميس المواخير والمواسير من ألفاظ نابية وساقطة ودنيئة وسباب وشتم وقذف في أعراض المغاربة المستهدفين في الحقيقة من طرف العصابة التي تنفي بغبائها هذا، ما أكدته على لسان رئيسها وقادتها من أنها تحترم الشعب المغربي ولا مشكلة لديها مع هذا الشعب الجار والشقيق، وإنما مع نظامه وحكومته. والحال أنه بولوغ العصابة في أعراض المغاربة وسب أمهاتهم وتشجيع السلوكات العنصرية ضدهم ومعاداتهم على أساس انتمائهم وهويتهم المغربية، وبإظهارها الدائم لوجهها القبيح ضد كل ما هو مغربي، يزداد وعي الشعب المغربي بأن كيانه ووجوده وأرضه وعرضه ومستقبله هو ما تستهدفه العصابة، وأن صراعنا مع نظامها العسكري البائس ليس معركة حدود بل صراع وجود. لا يهم العصابة أن تسقط الجزائر أخلاقيا في هذه الحرب القذرة، وأن تشوه صورتها أمام العالم، لأنها عصابة غير مسؤولة وليست دولة تحترم التزاماتها وترعى مصالحها ومصالح شعبها، ومن ثمة فإن ما يصدر عن العصابة من رعونة وعربدة وخسة وحقارة ودناءة وغش وخداع وتزوير ما هو إلا أخلاقها الرفيعة التي ترفع أسهمها في المزادات بين المنظمات الإرهابية وعصابات المخدرات والكوكايين والمتاجرة في البشر وشركات الاستثمار في العنف والكراهية والحرب.