بعد يوم واحد من المصادقة عليه من طرف لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب، وعشية عرضه على الجلسة العامة بمجلس النواب، كشف المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن توصياته وملاحظاته بشأن مشروع القانون رقم 72.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات. وسجل المجلس في ملاحظاته وتوصياته التي قدمها مؤخرا للبرلمان بغرفتيه، إعمالا للمادة 24 من القانون المنظم له، التي تنص على أن المجلس "يقترح كل توصية يراها مناسبة، وتوجهها رئيسة المجلس إلى رئيسي مجلسي البرلمان والسلطات الحكومية المختصة"، (سجل) ب"إيجابية إعداد مشروع قانون يؤسس نظاما وطنيا لتسجيل الأسر قصد الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي من خلال إحداث سجل وطني للسكان وسجل اجتماعي موحد، ووكالة وطنية للسجلات". وقال المجلس في ملاحظاته التي اطلع عليها موقع "رسالة 24″، إن هذه المبادرة من "شأنها أن تساهم في عقلنة السياسات العمومية ذات الصلة بالمجال الاجتماعي وترشيدها والتقائية عناصرها، وفي تمكين الساكنة من الاستفادة على قدم المساواة ووفق قواعد الإنصاف من الدعم الاجتماعي كخدمة تنمية اجتماعية تضمن المتابعة الكاملة للأسرة". وفي هذا السياق، أوصى المجلس بتصدير نص القانون المذكور ب"ديباجة تبرز أهميته وسياقه وأسباب نزوله والغايات الكبرى المتوخاة منه والمرجعيات المعتمدة خلفية لصياغته وبناء مقتضياته، وتكشف عن روحه بما يسمح عند الاقتضاء بتفسير بعض مقتضياته تفسيرا مناسبا أو تطبيقها تطبيقا سليما". من جانب آخر، لاحظ المجلس أن هذا النظام "يوفر أسس استفادة المواطنات والمواطنين من الخدمات الاجتماعية التي تقدمها الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، في أفق القطع التدريجي لأسباب التمييز والتهميش والإقصاء والهشاشة، وتوحيد منظومة الاستفادة من هذه الخدمات". ويرى المجلس أن بناء آلية ناجعة وموحدة للاستهداف، وفقا لما جاء في هذا المشروع، يتوخى ب"الضرورة تحقيق الانسجام والتكامل بين مختلف البرامج وتفادي الأخطاء المحتملة في الاستهداف قدر الإمكان وسد جميع الفراغات التي قد تنتج عن الضعف في آليات الرصد والتتبع والتقييم". وشدد المجلس في هذا الصدد على ضرورة "استحضار التحديات التي سيكون على الاستهداف رفعها اعتبارا لمشروع النموذج التنموي واستلهاما للتعبئة الشاملة التي عرفتها البلاد مؤخرا في سياق مواجهة وباء كورونا". كما توقف المجلس أيضا عند المادة الثانية من مشروع هذا القانون، والتي قدمت تعريفا لعدد من العبارات، منها "التحقق من صدقية المعطيات"، "الهيئة الوسيطة لتقديم خدمات التحقق من صدقية المعطيات"، "تنقيط الأسر"، "برامج الدعم الاجتماعي والمعطيات البيومترية"، مشيرا إلى أن هذه المادة "لم تعرف مفاهيم أساسية أخرى يستعملها هذا النص مثل الأسرة، المعرف الرقمي، أصناف الفئات المستهدفة بالدعم الاجتماعي من قبيل الأشخاص في وضعية إعاقة، الأشخاص بدون مأوى، الأطفال في وضعية اجتماعية صعبة، المسنين، النساء المعيلات للأسر، الهشاشة". ودعا المجلس بهذا الخصوص إلى "العمل على إضافة تعريفات أخرى إلى التعريفات الواردة في المادة الثانية تهم، الأسرة، المعرف الرقمي، أصناف الفئات المستهدفة بالدعم الاجتماعي من قبيل الأشخاص في وضعية إعاقة، الأشخاص بدون مأوى، الأطفال في وضعية اجتماعية صعبة، المسنين، النساء المعيلات للأسر، الهشاشة". وفيما يتعلق بالمواد 4 و5 و6 و7 المندرجة في إطار الباب الثاني من هذا المشروع، والتي تنص على "إحداث سجل وطني للسكان يتم في إطاره معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي من خلال تجميعها وتسجيلها وحفظها وتحيينها وتغييرها، وعلى مضامين هذا السجل وكيفيات التقييد به"، لاحظ المجلس أن هذه المواد لا يتبين من خلالها "أهمية هذا السجل وفائدته العملية بارتباط مع الهدف الأساسي الذي يتوخاه المشروع والمتمثل في استهداف الفئات الهشة المفترض استفادتها من برامج الدعم الاجتماعي"، موردا أنه "كان حريا بالنص أن يصب اهتمامه على السجل الاجتماعي الموحد باعتباره آلية للاستهداف المباشر." وفي علاقة بالمادة 11 من مشروع القانون التي تتحدث عن عملية تنقيط الأسر، حيث تنص على أن الصيغة الحسابية المتعلقة بتنقيط الأسر بناء على المعطيات المرتبطة بظروفها الاجتماعية والاقتصادية سيحددها نص تنظيمي، وقال المجلس في هذا السياق، إن "عملية التنقيط ينبغي أن تتوخى أساسا ضمان الولوج المتساوي إلى الحقوق الأساسية والتمتع بها. وبالتالي فإنها لابد أن تبنى على معايير دقيقة تضمن الاستفادة من جميع الحقوق، وليس على مجرد المعطيات الاقتصادية والاجتماعية في عموميتها." كما أوصى المجلس ب"التنصيص في هذه المادة على قاعدة الاحتساب ومرتكزاته وعلى المعايير الأساسية التي سيتم اعتمادها في عملية التنقيط والتي ستكون موجهة للنص التنظيمي عند صياغته، اعتبارا للدور الجوهري الذي تلعبه عملية التنقيط في تحديد الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي من عدمها، واستحضارا لمبدأي المساواة وعدم التمييز ولضرورة التمتع بالحقوق الأساسية والولوج إليها." وفيما يخص بالمادة 19 التي تنص على أنه "يمنع على الوكالة الوطنية للسجلات إرسال المعطيات البيومترية إلى أي جهة أخرى، اللهم إلا إذا تعلق الأمر بأغراض الدفاع الوطني والأمن الداخلي أو الخارجي للدولة أو للوقاية من الجريمة أو زجرها"، فاعتبر المجلس في ملاحظاته أن الأمر يتعلق ب"صيغة فضفاضة من حيث كونها لا تشير إلى سياق "الإرسال" وسببه وموضوعه ومسطرته، وما إذا كان يتم بصفة تلقائية وفي أية لحظة أم بناء على طلب"، ليوصي بهذا الخصوص ب"تدقيق هذه المقتضيات نظرا لما يمكن أن تشكله من مس بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي وبالشفافية التي ينبغي أن تطبع عمل الإدارة، ولما يقتضيه احترام دور القضاء في حماية الحقوق والحريات مع إقرار آليات للمراقبة، وإضفاء الصبغة القضائية على جميع الإجراءات، ومراعاة الضمانات التي ينبغي أن تمنح للأشخاص في باب الحق في الانتصاف وجبر الضرر في حال المس بحقوقهم أو حرياتهم أو المعطيات ذات الطابع الشخصي الخاصة بهم."