بعد سنوات طويلة من الانتظار، صادق مجلس النواب، في جلسة عمومية، مساء أمس الاثنين، بالإجماع، على مشروع قانون رقم 50.17 يتعلق ب”مزاولة انشطة الصناعة التقليدية”، والذي يهدف إلى “تعزيز الإطار القانوني والتنظيمي والمؤسساتي لقطاع الصناعة التقليدية، كي ينخرط في مسلسل التحولات التشريعية التي تعرفها المملكة ويستجيب للانتظارات الحقيقية للفاعلين فيه.” وفي معرض تقديمه لمضامين مشروع هذا القانون، الذي حظي بتأييد نواب فرق الأغلبية والمعارضة، قال محمد ساجد، وزير السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، إن هذا المشروع “جاء لتنظيم قطاع الصناعة التقليدية الذي يضم عددا كبيرا من الصانعات والصناع يفوق عددهم 2.5 مليون شخص”، مضيفا أن العاملين في هذا القطاع “يشتغلون في ظروف صعبة وقاسية، وفي مقابل ذلك يقومون بدور استثنائي من أجل الحفاظ على مكانة هذه الصناعة وصون موروثها التقليدي.” وأوضح المسؤول الحكومي أن مشروع القانون، الذي تأخر إخراجه لسنوات عديدة، سيمكن هذه الشريحة الهامة من الصناع والحرفيين “من اطار قانوني، يعني بتشجيعهم وتحسين أوضاعهم الاجتماعية وتوفير التغطية الصحية لهم.” وتابع الوزير أن الهدف الأسمى من مشروع هذا القانون، يتمثل في “تثمين العمل الحرفي والمحافظة على جودة المنتجات التقليدية والخدمات المقدمة، وحماية المستهلك وتكريس طابع المهنية، وبالتالي ترسيخ جانب الثقة في منتجات وخدمات الصناعة التقليدية وتوسيع قاعدة رواجه مما سيساهم في تحسين أوضاع الحرفيات والحرفيين”، مبرزا أن المشروع يتضمن الكثير من الامتيازات لفائدة الصانعات والصناع التقليديين. ومشروع هذا القانون، والمكون من 38 مادة، من شأن تنزيله “إنهاء الفراغ التشريعي في قطاع الصناعة التقليدية، الذي “ظل يفتقر إلى إطار قانوني ملائم يجعله ينخرط أكثر في مسلسل التحولات التشريعية والتنظيمية التي عرفها المغرب خلال السنوات الأخيرة”، وفق ما أكدته مذكرته التقديمية، والتي أشارت إلى أن المشروع تم إعداده “وفق منظور جديد ومنهجية متكاملة، تساير التحولات التي يعرفها المجال التشريعي بالمملكة وليستجيب التنظيم الجديد للانتظارات الحقيقية للفاعلين القطاع، ويثمن العمل الحرفي وكذا برامج التنمية التي تسطرها الدولة لفائدته”. واوردت المذكرة أن المغرب عرف “على امتداد التاريخ حرفا فنية وأعمال يدوية عكست عادات وأعراف ثقافة وقيم حضارات ساهمت في بناء أجيال من الصناع التقليديين ببلادنا، وباتت تشكل رمزا ومرجعا متوارثا يستحضر أهم التقنيات والأدوات التي كانت تستعمل في منتوجات لصناعة التقليدية، وتعكس الحس الإبداعي والفني الذي يتميز به الصانع التقليدي المغربي.” وزاد المصدر ذاته أن الصناعة التقليدية بالإضافة إلى “كونها تشكل مورد دخل لعيش شريحة مهمة من ساكنة المملكة ومصدرا لخلق الثروة ومناصب الشغل، فهي مرآة تعكس حضارة أمة وأصالة شعب، وبذلك تبقى أحد رهانات التنمية الاقتصادية والاجتماعية محليا ووطنيا.” مشروع القانون المذكور، والذي جاء بتعاريف للصناعة التقليدية والصانع المعلم وتعاونيات ومقاولات الصناعة التقليدية، سيسمح ب”تيسير استفادة فئة عريضة من الصناع التقليديين من نظامي المعاشات والتأمين الإجباري الأساسي عن المرض”. ومن ضمن ما ينص عليه المشروع، “إحداث سجل وطني موحد للصناع التقليديين ومقاولات وتعاونيات الصناعة التقليدية، يتم التقييد به من خلال بوابة إلكترونية تحدث لهذا الغرض، وذلك انسجاما مع التوجه الحالي الذي يعتمد في قطاعات حكومية أخرى”. وسيمكن هذا السجل، “من تسهيل عملية التسجيل، وتوفير المعطيات والمعلومات”، حيث تم في هذا السياق، “نسخ السجل المنصوص عليه في المادة 3 من القانون رقم 18.09 بمثابة النظام الأساسي لغرف الصناعة التقليدية، لكون هذا السجل في الوقت الراهن أصبح متجاوزا، بحيث أثبتت التجارب الحالية نجاعة تدبير السجلات بكيفية إلكترونية.” كما ينص المشروع على “تشجيع العمل ضمن تكتلات مهنية بالقطاع باعتبارها شريكا أساسيا في التنمية المحلية وفاعلا في التنظيم والتأطير”، و”إعادة تنظيم المجلس الوطني للصناعة التقليدية وتفعيل دوره كمؤسسة استشارية تقترح كل ما من شأنه أن يساهم في تنمية الصناعة التقليدية وتطويرها”، إلى جانب “التنصيص على امتيازات لفائدة الصناع وتعاونيات ومقاولات الصناعة التقليدية المعترف لهم بهذه الصفة والمسجلين في سجل الصناعة التقليدية”. ويشترط مشروع القانون للتسجيل في السجل الوطني، بالنسبة للصانع، “أن يكون حاصلا على شهادة أو دبلوم مسلم من إحدى مؤسسات التكوين أو التكوين المهني التابعة للقطاع العام أو القطاع الخاص، المرخص لها طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل” أو على شهادة في إحدى أنشطة الصناعة التقليدية التي يزاول فيها المعني بالأمر حرفته، مسلمة من قبل أمين الحرفة، والتي تثبت توفر الصانع المعني على أقدمية ثلاث سنوات على الأقل من الممارسة الفعلية لنشاط من أنشطة الصناعة التقليدية.