في إطار متابعة مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة لملف حدائق المندوبية التاريخية، ووقوفه على مختلف المستجدات التي يشهدها هذا الملف، والتي كان آخرها مباشرة جرافة لأشغال الحفر بعين المكان، يوم الأربعاء 8 ماي الجاري، و نظرا لهذا المنعطف الخطير والسلوك المتهور والغير المسؤول الذي يأتي في الوقت نفسه الذي تجمع فيه قوى المدينة الحية على رفض تدمير الحديقة، وفي الوقت الذي أودع فيه المرصد عريضة لتثمين هذا الفضاء لدى المجلس الجماعي، فقد اعتبر المرصد قرار المسؤولين الذين سمحوا بتحريك الجرافات لإعدام الحديقة، سلوك أرعن جدير بزمن سنوات الجمر والرصاص، وهو تصرف يوغل في انتهاك حرمة هذا الفضاء، ويستهتر بموقف الساكنة وعموم القوى الحية بالمدينة، وينتصر لمصالح الشركات ووحوش العقار على حساب الذاكرة والرأسمال الحضاري للمدينة وساكنيها. وثمن المرصد التفاف الساكنة وقواها الحية من أجل إنقاذ حدائق المندوبية من اللوبي الذي يترصدها، لا سيما الهيئات والأحزاب السياسية والمركزيات النقابية والجمعيات الحقوقية والبيئية الموقعة على ميثاق حماية بيئة ومآثر المدينة. كما أدان المرصد في ذات السياق، منع السلطات المحلية لفعاليات مدنية بعين المكان، والتعبير عن التضامن الكامل معها ومساندة جميع الأشكال الاحتجاجية النضالية المشروعة التي تدعو لها مختلف التنظيمات المدنية من أجل إنقاذ الموقع المذكور. وأبدى المرصد اسفه العميق عن عدم إعطاء فرصة لممارسة ديمقراطية سليمة من خلال السماح بمناقشة عريضة المرصد بهذا الخصوص، و الالتفاف على الموضوع بسياسة فرض الأمر الواقع، و الإمعان في إهانة ذاكرة المدينة و بيئتها. وشدد المرصد على أنه وبعد التئام مكتبه التنفيذي في اجتماع طارئ يوم الخميس الماضي، وهو يستحضر هذا التوجه الجديد الخطير الذي يعكس رغبة بعض الجهات والمؤسسات بالعودة بالمدينة لزمن الفوضى العقارية والاحتكام إلى نزوات الشركات ولوبي العقار على حساب حق الساكنة في البيئة السليمة والعيش الكريم، وبعد استنفاذ كافة القنوات والإجراءات التي يسمح بها القانون، وتوجيه مراسلات عدة وعقد لقاءات مع رئيس المجلس الجماعي لطنجة، وتقديم عريضة في الموضوع. و بناء على الاستياء الذي عبرت عنه جميع الهيئات السياسية والمدنية والحقوقية والنقابية بمدينة البوغاز، ورفضها القاطع لإقامة مرآب مكان الحديقة، فقد دعا المرصد عموم المواطنات والمواطنين وجميع الغيورين على المدينة وكافة فعالياتها السياسية والمدنية الى التعبئة الشاملة للتصدي لهذا المنزلق الخطير، ويهيب بساكنة المدينة وفعالياتها إلى المشاركة في وقفة احتجاجية إنذارية أولى اليوم الأحد، بداية من الساعة 5 مساء بفضاء حدائق المندوبية بطنجة، لتحسيس المسؤولين بخطورة الوضع، ووقف مخطط إعدام حدائق المندوبية أحد آخر المتنفسات البيئية والطبيعية بالمدينة. ويأتي مخطط الاجهاز على حدائق المندوبية التاريخية، ضدا على إرادة الساكنة، التي تقدمت بعدة شكايات لمن يهمهم الأمر في الموضوع، في وقت أطلق فيه العنان للحديث عن الميثاق الوطني لحماية البيئة، وفي الوقت الذي صدرت فيه التعليمات الداعية إلى مراعاة الجوانب البيئية في كل المشاريع المعروضة، وهو ما يدل على المفارقة الكبيرة القائمة بين مستوى الخطاب الرسمي الفضفاض لدى المسؤولين المنتخبين، وبين الممارسة الواقعية التي تستند إلى سياسة الأرض المحروقة، وضرب عرض الحائط بالمصالح الحيوية للمواطنين لدى بعض الجماعات الترابية، ومن بينها جماعة طنجة، التي يبدو أنها تحلق خارج سرب التنمية المستدامة الذي يعتبر المعيار البيئي أهم معيار في التدبير والتأسيس لهذه التنمية، وذلك انطلاقا من النقاش الجهوي الواسع المفتوح حول الميثاق الوطني لحماية البيئة، تحت الرعاية السامية لأعلى سلطة في البلاد، والذي يهدف في جوهره، إلى إيجاد وعي بيئي جماعي، وتغيير في السلوكيات السلبية، والانخراط القوي لمختلف مكونات المجتمع المدني للذكاء الوعي البيئي في المجتمع المتمدن، والحفاظ على التنوع البيئي، وجودة الرصيد الطبيعي والتاريخي، وتحقيق التنمية المتوازنة، وتحسين جودة الحياة والظروف الصحية للمواطنين، سواء في المجال الحضري أو القروي.