كثيرة هي المؤشرات الدالة على ان الوضع في الساحة الاجتماعية قابل للانفجار, وأن عيون الملاحظين والمتتبعين للشأن الاجتماعي تتركز الآن على ترقب المنحى الذي يمكن ان تسير فيه الاحداث وما يمكن ان ينتج عنه من نتائج . ذلك لأن التفاعلات الجارية , ومواقف الاطراف المعنية والمتدخلة في ملفات الساحة الاجتماعية, فيها الكثير من العناصر التي تفيد بأن الاصطدام والمواجهة قادمان لا محالة. وأطراف المواجهة على هذه الساحة ليست الا الحكومة من جهة , والحركة النقابية في الجهة المقابلة . ومعروف ان هذه الاخيرة سبق ان وجهت اكثر من رسالة تنبيه , وأكثر من نداء لوقف التعسف الذي تتعرض له الشغيلة المغربية ومكتسباتها وحقوقها المشروعة. ومما يجعل احتمال وقوع الانفجار والمواجهة امرا واردا , هو سلوك الحكومة ومنهجية رئيسها في التعامل مع الاحداث . اذ ان السيد عبد الإله بنكيران يتمسك بإصراره على نهج التحدي والتعنت, والتهرب من الحوار والتشاور، بل وانه يعمد اليوم الى الانفراد باتخاذ قرارات سياسية واقتصادية واجتماعية بالغة الخطورة بالنسبة لاستقرار البلاد وللاوضاع الاجتماعية بالنسبة للشرائح الواسعة من المجتمع . وإزاء مثل هذا السلوك المتعجرف , لم يكن امام المركزيات النقابية سوى اللجوء الى التعبير عن احتجاجها , والاستعداد لخوض كل الاشكال النضالية المشروعة التي تمكنها من الدفاع عن حقوق وكرامة الطبقة العاملة ومختلف فئات المجتمع المتضررة من سياسة وسلوكات وقرارات بنكيران وحزبه وحكومته . وبالفعل فقد شرعت النقابات العمالية في التحضير لمبادرات مشتركة (سيتم الاعلان عنها لاحقا ) , وأكد البلاغ الصادر بهذا الخصوص عن كل من لاتحاد المغربي للشغل , الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل , على رفض النقابات للمساس بمكتسبات التقاعد وبالحريات والحقوق المشروعة و(( مواصلة التنسيق لمواجهة السياسات اللاديمقراطية واللا شعبية للحكومة الحالية , ولتعاملها اللا مسؤول مع قضايا العاملات والعمال )) . كما قررت النقابات الثلاث عقد ندوة صحفية مشتركة بمقر الاتحاد المغربي للشغل . والملاحظ ان تداعيات الاحتقان الاجتماعي , وعواقبه المحتملة , تاتي متوازية او مترابطة مع عناصر ومعطيات اخرى تشكل السمة البارزة في واجهة الوضع العام للبلاد ,ونشير منها الى : -- كون المشاكل الاجتماعية والمطلبية ليست وحدها مصدر القلق والاحتجاج الذي تتزايد رقعته , لأن مصدرا لاحتقان يمتد الى السياسة العامة والى منهجية الحزب ( الاغلبي) وسعيه لفرض مشروعه الايديولوجي على المجتمع . – مواصلة العمل التنسيقي لأحزاب المعارضة التي عقدت اجتماعا آخر لها يوم الاثنين الماضي حيث تدارس قادتها ورؤساء فرقها البرلمانية خطوات ومبادرات هذه الاحزاب للتصدي لقرارات الحكومة وسياستها اللا شعبية . -- بالاضافة الى احزاب المعارضة , والنقابات العمالية , هناك فعاليات واسعة من المجتمع المدني تعبر عن رفضها للاتجاه العام الذي تدبر به الحكومة الشان العام للبلاد , سواء على مستوى تنزيل مقتضيات الدستور , او معالجة مختلف الملفات المطروحة . -- حتى داخل الائتلاف الحكومي تتعالى , من حين إلى آخر, اصوات تعبر عن عدم اتفاقها مع القرارات التي ينفرد بها رئيس الحكومة ووزراء حزبه , كما هو الشأن مثلا بالنسبة لصندوق المقاصة, وملف التقاعد , ورفع الدعم عن المحروقات بالنظر الى كل هذه العناصر وغيرها , يعتبر المتتبعون بان البلاد مقبلة على تحرك شعبي واسع , تحرك يتجسد من خلال مبادرات سياسية لاحزاب المعارضة داخل البرلمان وخارجه . تحرك تقوده النقابات على الجبهة الاجتماعية لقول (لا) لسياسة التفقير وسلب المكتسبات . تحرك شعبي تساهم فيه تنظيمات وهيئات المجتمع المدني بمختلف اشكال ووسائل الاحتجاج . وحينما تتحرك كل هذه القوى , وتلتقى في تحرك جماهيري واسع , فذلك ما يعني بوضوح ان الاحتجاج على الحكومة لا ينطلق من مشاكل جزئية او فئوية فقط , بل ان الامر يتعلق بالسياسة العامة للحكومة , ومن ثمة فالاحتجاج هو : = قول لا لمنهجية تدبير الشأن العام الحكومي من قبل الحزب ( الاغلبي ) . = رفض مفهوم (الاصلاح ) الذي يتبعه البيجيدي . صلة بما سبق : جاء في البلاغ النقابي ان المركزيات الثلاث ترفض الخطة الحكومية التي تحاول ان تفرض على الشغيلة المغربية ان (( يشتغلوا اكثر ويساهموا اكثر من اجل معاش اقل )) .