نظمت منظمة المجتمع المدني الدولية لقيم المواطنة والتنمية والحوار بشراكة مع الوزارة المنتدبة المكلفة بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني، وبتعاون مع مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة والائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية بالمغرب، احتفالية وجدة عاصمة المجتمع المدني المغربي لقيم المواطنة والتنمية والحوار لسنة 2018، مؤخرا، بمركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة. وعرفت الجلسة الافتتاحية كلمات كل من مصطفى الخلفي الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة، واسمير بودينار رئيس مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، وفؤاد بوعلي رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية بالمغرب، ومصطفى الزباخ رئيس منظمة المجتمع المدني الدولية لقيم المواطنة والتنمية والحوار. وضمن برنامج الاحتفالية، ألقى الدكتور حسن عبيابة أستاذ التعليم العالي، محاضرة حول “اقتصاد الحدود بين المغرب والجزائر وجهة نظر إستراتيجية” حدد فيها مفهوم وتاريخ ومراحل وضع الحدود السياسية جغرافيا وأهميتها، وقدم مثالا عن الحدود السياسية المتناقضة للولايات المتحدة مع المكسيك ومع كندا. وبخصوص الحدود السياسية للشمال الشرقي بين المغرب والجزائر، التي تتمثل في مدينة وجدة، والتي تعرف علاقات تجارية واقتصادية وتاريخية واجتماعية، قال الدكتور حسن عبيابة إن “الحدود البرية بين الجزائر والمغرب هي حدود طويلة تبلغ أكثر من 1601 كم مشتملة منطقة الصحراء المغربية، ومن بين أشهر هذه المعابر الحدودية معبر “زوج بغال” الفاصل بين وجدة ومغنية، وقد شكل هذا المعبر تاريخيا العلاقات المغربية – الجزائرية، إلا أن توتر العلاقات بين الجارتين جعلت الحدود بين البلدين مغلقة لما يقرب من ربع قرن وهي خسارة اقتصادية كبيرة للدولتين، ورغم إغلاق الحدود بين الدولتين رسميا منذ سنة 1994، مباشرة بعد تفجيرات فندق “أطلس أسني” بمدينة مراكش، إلا أن التجارة بين البلدين الجارين استمرت عبر الحدود بالطرق الشرعية وغير الشرعية استمرت، لكن قرار غلق الحدود بين الدولتين على مدن حدودية بين البلدين كان لها الأثر الكبير على الجهتين، فمدينة وجدة المغربية، التي تبعد 10 دقائق عن الجزائر، عانت من الهبوط المستمر للسياحة والتجارة بها، ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة، لكن رغم ذلك هناك علاقات اقتصادية استراتيجية بين البلدين، فمثلا فيما يخص أنبوب الغاز الممتد من الجزائر إلى إسبانيا عبر المغرب كان من أبرز العوامل التي ساهمت في تحسين العلاقات بين البلدين رغم خلاف حول الصحراء المغربية، حيث لم تجد الجزائر طريقا أفضل لتصدير صادراتها الطاقية نحو أوروبا سوى تدشين أنبوب غاز يمر عبر التراب المغربي، وقد تم إنجاز هذا المشروع منذ سنة 1997، بتكلفة استثمارية تبلغ 2,3 مليار دولار أمريكي، خصص منها قرابة 900 مليون دولار للشطر البري الممتد بين المغرب ومضيق جبل طارق ويصل طول أنبوب الغاز المعلوم إلى 2136 كلم، انطلاقا من الصحراء الشرقية بالتراب الجزائري مرورا بشمال المغرب وجبل طارق ليعبر قعر البحر الأبيض المتوسط في مضيق جبل طارق حتى يصل إلى إسبانيا وتديره شركة “متراكاز للعمليات” المستقرة بطنجة، مشغلة في عملها أطرا مغربية وجزائرية وأوروبية، وهو ما جعل هذا الأنبوب أحد المشاريع المتوسطية الناجحة. وبموجب الاتفاق المبرم بين كل من إسبانيا والجزائر والبنك الأوروبي للاستثمار تحصل الرباط بدل الرسوم الضريبية على 10 بالمائة من عائدات الغاز الجزائري المُسال في الأنبوب العابر فوق التراب المغربي، وتقدر كمية الغاز الجارية به حوالي 20 مليار متر مكعب سنويا، أي أن نصيب المغرب يقارب مليار ونصف دولار سنويا، باعتبار أن معدل سعر الغالون الواحد من الغاز يساوي حاليا 2.75 دولارا. ورغم فتور العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والجزائر، إلا أن هذا لم يمنع من عقد مبادلات تجارية بشكل رسمي، حتى أن الجزائر تصنف بكونها الشريك التجاري الأول للمغرب في القارة الإفريقية.