بإعلان المغرب ونيجيريا إطلاق المشروع الضخم لأنبوب الغاز الذي سيربط بين البلدين مرورا بدول غرب افريقيا، يكون البساط قد سحب من تحت أرجل الجزائر التي طالما حلمت ببعث مشروع «تي اس جي بي» (الانبوب العابر للصحراء) الذي ينطلق من الجزائر إلى موانئ نيجيريا نحو اوروبا، وهو المشروع الذي ظلت الجزائر تروج له دون جدوى في ردهات الاتحاد الأوربي. وعكس (الانبوب الجزائري العابر للصحراء) الذي لقي رفضا من قبل الأوربيين بسبب كلفته المادية الباهظة من جهة و المخاطر الأمنية المحدقة بطريقه ، فإن مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري المعلن عنه نهاية الأسبوع في أبوجا يشكل فرصة عملية وواقعية تصب في صالح دول المنطقة برمتها وهو ما صرح به وزير الشؤون الخارجية النيجيري جيفري أونياما للصحفيين «في هذه الاتفاقية اتفقت الدولتان على دراسة واتخاذ خطوات ملموسة تجاه تشجيع مشروع خط إقليمي لأنابيب الغاز سيصل موارد نيجيريا من الغاز بموارد عدة دول بغرب أفريقيا والمغرب». ويذكر أن هذا المشروع المغربي النيجيري الضخم لن ينطلق من الصفر بل سيكون امتدادا وتكملة لشبكة ( أنابيب غاز غرب إفريقيا )المعروفة اختصارا ب (WAGP) وهي الشبكة التي تم الشروع في بنائها منذ 2005 و تعمل منذ 2010 على ضخ الغاز من نيجيريا إلى الطوغو وبينين وغانا ويكمن التحدي الآن في تمديد هذه الشبكة إلى المغرب، ثم بعده إلى أوروبا. وقد وصف هذا المشروع بأنه سيشكل عند إتمامه أكبر شبطة أنابيب للغاز في غرب أفريقيا، ومن ناحية الكلفة المالية للمشروع سيتكلف بهندستها كل من الصندوقين الاستثماريين إثمار كابيتال (وصال كابيتال سابقا) وهيئة الاستثمار السيادية لنيجيريا، وسيتم تصميم خط أنابيب الغاز بمشاركة جميع أصحاب المصلحة، وذلك من أجل تسريع مشاريع كهربة جميع أنحاء منطقة غرب أفريقيا ، وإذا كان المشروع الجزائري قد وئد في المهد فلأنه لا يحمل أي قيمة تنموية مضافة لدول الإقليم، بينما الغاية من مشروع المغرب ونيجيريا تكمن في إنشاء سوق كهرباء إقليمية تنافسية يمكن مستقبلا أن تكون مرتبطة بسوق الطاقة في أوروبا وهو ما سيسمح ب « تطوير مراكز صناعية متكاملة في مجالات الصناعة ، والصناعة الزراعية والأسمدة لجذب رأس المال الأجنبي وتحسين القدرة التنافسية لصادرات الدول المعنية» وللتذكير فإن الجزائر كانت قد بدأت منذ عام 2002، في مفاوضات مع الحكومة النيجيرية، لإنشاء خط أنابيب يمتد من حاسي الرمل ويقطع 4000 كلم لتصديره عبر الساحل، ولكن لم يتم حينها توقيع أي اتفاق للاستثمار، مثلما فعل المغرب، بسبب المخاطر الأمنية التي تخيم على المنطقة. ولم تخف الجزائر سعيها للاستغناء عن الأراضي المغربية عبر محاولات متكررة لإقناع الاتحاد الأوروبي بالتفكير في بعث مشروع (الأنبوب العابر للصحراء) حتى يكون بديلا عن الأنبوب الجزائري عبر المغرب الذي أنشئ منذ 1997 و يحصل المغرب مقابله على رسوم نقدية تقدر بحوالي 12 في المائة من قيمة الغاز المنقول عبر هذا الخط الذي يمر فوق تراب المملكة المغربية وعبر مضيق جبل طارق نحو إسبانيا والبرتغال. و في 2021 ستنتهي اتفاقية الغاز المبرمة بين البلدين ، وفي نفس السنة يريد المغرب أن يؤمن احتياطاته الاستراتيجية من الغاز، عبر تنفيذ مخطط غازي ضخم سيكلفه 4.6 ملايير دولار.