عقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الاثنين جلسة في إطار المشاورات النصف السنوية المغلقة حول قضية الصحراء المغربية، وذلك تماشيا مع قراراته، حيث تابع الأعضاء ال 15 تقارير لمساعد نائب الأمين العام للأمم المتحدة المكلف بعمليات حفظ السلام، هيرفيلادسو، والمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، كريستوفر روس، والممثلة الخاصة والرئيسة المعينة لبعثة المينورسو، كيم بولدوك. وقد استمع مجلس الأمن إلى العرض الشفوي الذي قدمه كريستوفر روس بشأن الشق السياسي وما رافقه من فشل بالنسبة لإجراء جولة جديدة لتحريك قطار المفاوضات المتوقف. كل ذلك يتزامن مع ما تم تسريبه من "وثائق" حول الصحراء تخص المخابرات والدبلوماسية المغربية وتتضمن معلومات حساسة، الغاية منها التشويش على المغرب. من جهة أخرى، ركز روس في عرضه الشفوي على الأسباب التي وقفت وراء عدم نجاحه في القيام بجولة إلى الدول والأطراف المعنية بنزاع الصحراء رغم تنصيص قرار مجلس الأمن في أبريل الماضي على جولة المفاوضات، إذ يعود فشله في ذلك إلى الاعتراض التقني للمغرب على وساطته، والذي شدد على ضرورة توصله بتوضيحات حول ثلاث نقاط وهي: نوعية وساطة روس حتى لا يتجاوز الأعراف المنصوص عليها في الوساطة في الملف. التعهد بعدم تغيير مهام قوات المينورسو بتكليفها بمراقبة حقوق الإنسان. التعهد بعدم نقل نزاع الصحراء من الفصل السادس إلى السابع الذي ينص على فرض الحل على الأطراف المتنازعة، وهي التوضيحات التي ما زالت الأممالمتحدة لم تقدم بشأنها أي معطيات مشجعة حول إمكانية تصحيح مسار عمل روس ومهمته في الوساطة بين أطراف النزاع. والملاحظ حتى الآن بحسب المراقبين هو أن الجلسة النصف السنوية تظل جلسة غير عادية، بالنظر إلى كونها لن تصدر عنها قرارات بقدر ما تم تبادل الرأي والتصورات حول ما يمكن فعله لإخراج قضية الصحراء من مأزقها الحالي،بحيث إن القرارات الخاصة بالصحراء يتم المصادقة عليها خلال أبريل من كل سنة، وبالتالييواجه المجلس في الوقت الراهن إشكالية استمرار كريستوفر روس من عدم استمراره في مهمته في ظل الرفض المتنامي للمغرب له، خاصة وأن شكوكه تطورت بالنسبة لدور الأمين العام بان كي مون الذي يتولى شخصيا الإشراف على الملف في ضوء ما تضمنه تقريره الأخير من مواقف لا تصب في مصلحة البحث عن الحل بقدر ما هدفت إلى تحميل المغرب مسؤولية تعثر المفاوضات على خلفية ملفي حقوق الإنسان والثروات الطبيعية، إذأعرب مسؤولون مغاربة في مناسبات عدة، عن امتعاضهم من هذا التقرير باعتباره شكل سابقة خطيرة في مسار وساطة الأممالمتحدة بانحيازها الواضح لأطروحة البوليساريو. إن حالة الجمود الراهنةإذن في مسار قضية الصحراء تعزىبالأساس إلى عدم اتفاق المغرب والأممالمتحدة على الأسس التي ينبغي أن تقوم عليها مهمة روس، حيث إن جهود الأممالمتحدة بقيت بعيدة عن الالتزام التام بمقرارات مجلس الأمن التي نصت على أن مقترح المغرب الخاص بالحكم الذاتي يتمتع بالمصداقية والجدية، والذي يفترض أن يعتمد كمرجعية رئيسية للمفاوضات خصوصا وأن قرارات مجلس الأمن تتحدث عن البحث عن تسوية عادلة ودائمة ومقبولة من جميع الأطراف. ومن ثم، ظل المغرب يطالب بأن تتم مهمة المسؤول الأممي في إطار الحياد الإيجابي والالتزام بالموضوعية، بعد أن ظهرتأدلة دامغة تكشف انحيازهوفي ضوء ما تضمنته تقارير الأمين العام للأمم المتحدة من فقرات قدمها أمام مجلس الأمن، تعكس مواقف غير متوازنة من الأطراف المعنية، مما فرض على المجلسالتشطيب عليها واستبدالها بعبارات من أجل إعادة الأمور إلى نصابها، والتخفيف من حدة التوتر الذي نشب بين المنتظم الأممي والمغرب. ومن المعلوم أن المغرب كان قد رفض التوصية رقم 94 الواردة في تقرير مجلس الأمن في 15 أبريل الماضي، وذلك لما انطوت عليه من تهديد ووعيد بإعادة البحث الجذري في إطار عملية التفاوض،والتي تمتالموافقة عليها منذ 2007، إذالم يحرز الطرفان تقدماملموسامن أجل التوصل إلى حل سياسي متوافق عليه قبل أبريل القادم من سنة 2015، وهو التاريخ الذي يتم فيه بحث الحالة في الصحراء وفي مناطق أخرى في العالم. فالمشاورات التي تمت إذن بين الأعضاء 15 بمجلس الأمن يوم الاثنين الماضي، لا تخرج في الواقع عن كونها محاولة جديدة من مجلس الأمن لجس النبض، بالنسبة لإمكانية حلحلة مسار المفاوضات عن جمودها، في الوقت الذي يرى المراقبون أن مشاورات أكتوبر الحالي، التي قدم خلالها روسعرضه الخاص حول طبيعةمسار ومراحل وخلاصات عملهستشكل موضوعا وجدولا لأعمال المجلس من أجل طرح تقييم حول مدى نجاعة نهج روس وقدرة منهجيتهالمفترضةعلى تحريك المفاوضات، والتي وصفها ب "المبتكرة"اعتمادا منه على تعدد وتراكم جولات المفاوضات بين الأطراف والمشاورات الدبلوماسية المكثفة والمكوكية مع الدول المجاورة و مجموعة دول أصدقاء الصحراء ودول أعضاء مجلس الأمن وأطراف دولية أخرى.