- ما تزال "حالة الجمود" تخيم على ملف النزاع حول إقليم الصحراء بين المغرب والبوليساريو، على الرغم من الزيارتين المتتاليتين للمبعوث الأممي "كريستوفر روس"، أجرى خلالهما مشاورات مباشرة طال انتظارها مع صحراويين شرق وغرب الجدار الرملي، تلتها دبلوماسية مكوكية زار على إثرها كريستوفر روس، العواصم المؤثرة في السياسات الدولية، بل وذهب في اتجاه التوسيع من نطاق مشاوراته إلى سويسرا وألمانيا، التي حاول أن يستقي منها "النموذج الكونفدرالي" حسب ما أكدته تقارير صحفية. البوليساريو تتجاوز كريستوفر روس حاولت قيادة جبهة "البوليساريو" تحريك المياه الراكدة بخصوص ملف النزاع، من خلال مطالبتها للأمين العام للأمم المتحدة "بان كيمون" بزيارته الشخصية لإقليم الصحراء والمنطقة من أجل الإطلاع على واقع الصحراء ولقاء أطراف النزاع، من أجل تحريك مسلسل التفاوض، متجاوزة مبعوثه الشخصي للصحراء "لكريستوفر روس"، إشارة إلى "فشله/تعثره" في تجاوز حالة الجمود التي تطبع الملف على الرغم من محاولاته. وكان آخر اجتماع للأمانة العامة لقيادة الجبهة في فاتح شتنبر الجاري، طالبت فيه الأممالمتحدة بضرورة تحمل مسؤولياتها في التعجيل ب"تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية"، و تمكين "الشعب الصحراوي" من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير و الاستقلال". وهي لغة "شديدة اللهجة" نادرا ما تصدر عن قيادة البوليساريو في اتجاه الأممالمتحدة. بالمقابل، تبدو الدبلوماسية المغربية "جامدة" على نحو الجمود الذي يعرفه الملف، بعد أن عاشت على حافة "الانهيار العصبي"، إزاء مشروع القرار الأمريكي، الذي ينص على قيام مجلس الأمن الدولي بتوسيع وتفويض "بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية" (MINURSO) لتشمل مجال حقوق الإنسان في الصحراء وتندوف، وتكتفي على لسان وزير خارجيتها سعد الدين العثماني، بتجديد الترحيب ب"الوساطة الأممة لحل النزاع النهائي الذي يرضي الطرفين". استمرار تعنت المغرب والبوليساريو يرى مراقبون لملف نزاع الصحراء، بأن الأخير يعيش حالة "تعثر" بسبب "تعنت" الطرفين، فمن جهة المغرب، على الرغم من ترحيبه بالمبادرات الأممية لحل النزاع، يظل متشبثا بخيار "الحكم الذاتي" للإقليم، في الوقت الذي تتشبث فيه جبهة "البوليساريو" بخيار "حق تقرير المصير" بحجة التشبث ب"الشرعية الدولية". وهو ما أشار إليه التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة "بان كيمون" بمجلس الأمن عن الحالة فيما يتعلق بالصحراء أبريل الماضي. هل فشل روس؟ ما يزيد من قوة "فرضية فشل" الموفد الأممي للصحراء "كريستوفر روس"، هو عدم تجاوب أطراف النزاع مع الخطة التي اقترحها لتجاوز "الوعكة" التي تعيشها العملية التفاوضية بين المغرب والبوليساريو. وتتكون الخطة المقترحة من قبل الموفد الأممي، كريستوفر روس المطروحة على طاولة الطرفين من ثلاث خطوات تكتيكية من أجل الإنتقال للمربع الثاني من مسار إيجاد الحل، وتروم الخطوة الأولى حول إجراء مفاوضات بين الطرفين على أساس الأخذ والعطاء والتوافق، ويطلب فيها من الأطراف اقتراح أفكار جديدة لتسوية توافقية، فيما إلتمس في الخطوة الثانية، البدأ في التفكير في الصيغ الجديدة في تقديم إقتراح كل طرف، وإقناع الطرف الأخر، إضافة إلى الخطوة الثالثة التي طلب فيها كريستوفر روس، من الطرفين التسليم بأنهم لن يتوصلان إلى الحل النهائي لنزاع الصحراء في الأجل القصير، ووجب الإتفاق على ضرورة مناقشة الجوانب التقنية لكل مقترح يتقدم به طرف من الطرفين. وعليه، يظهر بأن ملف النزاع حول إقليم الصحراء، تشوبه حالة من "التعثر والجمود" من قبل الجانبين، قد ترهق وتفشل مساعي الأممالمتحدة عبر مبعوثها الخاص، الأمر الذي قد يعيد المنطقة إلى سيناريو ما قبل إتفاقية 30 غشت 1991، القاضية بوقف إطلاق النار بين الجانبين.