* الرابطة تسعى إلى إنجاح مختلف الأوراش المفتوحة و تحقيق انفتاح إيجابي على انشغالات المجتمع * ضرورة تقديم خدمة عمرانية عمومية تؤدي إلى تحسين ظروف عيش المواطن في الوسطين الحضري و القروي * المجال الهندسي يعيش وضعا شاذا يتسم بعدم مواكبة الأوراش التنموية المفتوحة بقطاع الإسكان و التعمير و عدد الكفاءات الهندسية و التقنية * المجال الهندسي العمراني يعاني تشوها مركبا يتحمل مسؤوليته المهندس والمنعش العقاري والمنتخب والسلطة والمستفيد من البناء * من مظاهر الاختلال :تشتت المهام وغياب التنسيق وتداخل الاختصاصات بين كل الفاعلين في ميدان التدبير الحضري والتعمير * عملية تنفيذ وثائق التعمير لا يتعدى تطبيقها 20% في أحسن الأحوال خصت المهندسة ناهد حمتامي رئيسة رابطة المهندسين الاستقلاليين،جريدة العلم بحوار تناولت فيه مختلف القضايا المتعلقة بمجال الهندسة والعمران ،مشيرة في البداية إلى الأدوار التي تضطلع بها رابطة المهندسين داخل المجتمع. وقدمت المهندسة ناهد،في هذا الحور،العديد من المعطيات المقلقة،داعية إلى ضرورة تقديم خدمة عمرانية عمومية تؤدي إلى تحسين ظروف عيش المواطن في الوسطين الحضري و القروي.وقالت رئيسة الرابطة إن المجال الهندسي يعيش وضعا شاذا يتسم بعدم مواكبة الأوراش التنموية المفتوحة بقطاع الإسكان و التعمير و عدد الكفاءات الهندسية و التقنية،مضيفة أن المجال الهندسي العمراني يعاني تشوها مركبا يتحمل مسؤوليته المهندس والمنعش العقاري والمنتخب والسلطة والمستفيد من البناء . وأبرزت أن من مظاهر الاختلال :تشتت المهام وغياب التنسيق وتداخل الاختصاصات بين كل الفاعلين في ميدان التدبير الحضري والتعمير،مؤكدة أن عملية تنفيذ وثائق التعمير لا يتعدى تطبيقها 20% في أحسن الأحوال .. في ما يلي النص الكامل للحور : حوار : عبدالفتاح الصادقي س :اعتمد حزب الاستقلال دائما على الروابط المهنية كهيئات مدعمة لبرامجه وتوجهاته، ما هي طبيعة الخدمة التي تقدمها رابطة المهندسين الاستقلاليين للحزب ؟ ج:تماما و كما أشرت يحسب لحزب الاستقلال، اهتمامه بدور روابطه المهنية التي يعتبرها قوة اقتراحية تقدم الدعم اللازم وتفعل برامج وأنشطة حزب الاستقلال، من جهتنا كرابطة للمهندسين المعماريين الاستقلاليين، ما فتئنا نكرس سياسة القرب مع دوائر الحزب ، فكما هو معلوم عمل الرابطة ليس مهنيا فحسب، و من ثمة نحن نسعى أيضا إلى إنجاح مختلف الأوراش المفتوحة التي يعرفها المغرب والحزب،و تحقيق انفتاح إيجابي على انشغالات المجتمع وبحث سبل تطوير وتقدم القطاع الذي ننتمي له ،و الدفاع عن المهنة وكذا المساهمة بأنشطة ثقافية واجتماعية،والانخراط في مناقشة القضايا الراهنة . س : كيف يمكن لرابطة المهندسين الاستقلاليين أن تساهم في تطوير السياسات العمومية ؟ ج:الأكيد أنه للمساهمة في تطوير السياسات العمومية يبقى من اللازم التوفر على رؤية متقدمة وحداثية لمختلف أوجه هذه السياسات،بشكل يضمن تقديم خدمة عمومية تستجيب لمختلف التطلعات وبمواصفات الجودة والاستمرارية، يكون لها الأثر المباشر على تحسين ظروف عيش المواطن المغربي سواء في الوسط الحضري أو القروي، و من منظورنا إن تحقيق الأهداف التنموية المسطرة المتعاقد بشأنها مع مؤسسات الدولة والشعب وقواه الحية،من أهم مستلزمات الممارسة السياسية الناجحة. اعتبارا لما سبق،يستدعي الأمر منهجية إعداد واستحضار للمرجعية السياسية لحزبنا العريق،إضافة إلى منطلقاته ومرتكزاته الثابتة،وترجمة مضامين مرجعيتنا على مستوى أداء الحزب والاستماع إلى متغيرات الواقع ،والانطلاق منه لبلورة روافع تاريخية مرنة وقادرة في الوقت ذاته على مواجهة التحديات، ومختلف المحصلات الإيجابية من أجل تطويرها، ومعاينة وتشخيص دقيقين لمختلف التحولات التي يشهدها المجتمع،والتقاط أهم الإشكالات التي تعوق التنمية مع الانتباه إلى التحديات المطروحة أمامنا اليوم، من أجل مواصلة مشروع التحديث والدمقرطة والتنمية في بلادنا. س: تفيد المعطيات الرسمية أن المغرب يعرف خصاصا كبيرا في عدد من المجالات الهندسية ،ما هو تشخيص رابطة المهندسين الاستقلاليين بهذا الشأن ؟ ج:تعتبر الرابطة الوضع الحالي وضعا شاذا، فلا مواكبة و لا مجاراة بين عدد الأوراش التنموية المفتوحة بقطاع الإسكان و التعمير، و عدد الكفاءات الهندسية و التقنية ذات التكوين المناسب في المجال،و هو ما يفتح الباب بلا شك لأن يقتحم الميدان متطفلون يسيئون للمهنة و للمهندس المعماري في نفس الوقت، و بالتالي نجد أنفسنا أمام منتوجات مفتقدة للمواصفات و خدمات الجودة الواجب توافرها، في سياق توفير إطار العيش الكريم للمواطن، و هو مطمح جميع المعنيين أشخاصا معنويين كانوا أو ماديين. و لتجاوز هذا الوضع،تتعهد رابطة المهندسين المعماريين الاستقلاليين بمواكبة منهجية المنتخبين والمواطنين تأكيدا لدورهم كمحدد أساسي في التنمية الحضرية العقلانية،و الالتزام بالانكباب على دراسة القضايا الكبرى المرتبطة بجودة الإطار المبني وإنعاش جودة السكن، وتنفيذ تدابير الفعالية الطاقية في تجديد البنايات وأيضا في اختيار المواد الاقتصادية والايكولوجية. و في نفس السياق، يلتزم المهندسون المعماريون الاستقلاليون بالحفاظ على التراث المعماري والحضري و تطوير مدن منسجمة على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية،من خلال الانخراط والدفاع عن منظومة من القيم المجتمعية الأساسية لخدمة أفضل للمصلحة العامة،باعتبار أن الهندسة المعمارية هي تعبير عن الثقافة و الإنتاج المعماري ونوعية المباني واندماجها المتناغم والبيئة المحيطة بها، مع احترام المشهد الطبيعي والحضري والتراث الإنساني. س:يظهر أن المهندس يلعب دورا محوريا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية،وبلورة المخططات وتنفيذها،كيف يمكن لعب هذا الدور في ظل الخصاص الذي يشمل مجالات استراتيجية بالنسبة للمغرب، كالهندسة المائية والدراسات البحرية وغيرها ؟ ج: من أجل الاستجابة لكافة التحديات البيئية والثقافية والاجتماعية،نعمل داخل رابطة المهندسين المعماريين الاستقلاليين على أن ينخرط المهندس المعماري كلية،و يدافع عن منظومة من القيم المجتمعية الأساسية لخدمة أفضل للمصلحة العامة. فنحن نؤمن أشد الإيمان أن الهندسة المعمارية ما هي إلا تعبير صريح عن الثقافة و الإنتاج المعماري واندماجه المتناغم والبيئة المحيطة به، احتراما و صيانة للمشهد الطبيعي والحضري والتراث الإنساني. و من هذا المنطلق، نعتبر هذا المبدأ الأساسي بمثابة برنامج عمل، كلنا عزم لتعزيزه من خلال الحرص و التأكيد على: 1. ثراء وتنوع عبقرية الشعب المغربي و تكريس ثقافته وهويته بكل الصيغ و الأساليب. 2. الهندسة المعمارية الحديثة والمعاصرة في المغرب هي نشاط اجتماعي وثقافي وأخلاقي وإنساني مسؤول. 3. استحضار الهندسة المعمارية كعقد اجتماعي ، يتطلع بغاياته إلى خدمة المنفعة العامة خلاصة القول، يمكن القول إن المهندس المعماري يظل حريصا على لعب دوره تارة بالتأقلم مع مختلف الأوضاع مهما صعبت،و تارة أخرى برسم استراتيجيات تمكن من تجاوز إكراهات،بفضل اعتماد نهج التشارك و التوافق المستمرين مع سائر الفرقاء المعنيين بالقطاع. س: لا شك أن النسيج العمراني المغربي يعرف نوعا من التشوه،ويتخبط في فوضى عارمة،ويتسم بعدم الاهتمام بجانبي الجمالية والجودة،ما هي محدودية مسؤولية المهندس في هذه الوضعية التي لها انعكاسات سلبية جدا حاليا ومستقبلا ؟ ج:في هذا الباب،نعمل بتنسيق مع الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين على أن يتحلى مهندسونا بالشجاعة في التدقيق في المشاريع حتى لا نسقط في ما سميته بالتشوه الهندسي.. و أشير إلى أن هذا التشوه العمراني قد يكون مرده أيضا، إلى عامل آخر هو غياب أو تقادم وثائق التعمير في عدد من الحواضر، مما يجعل الباب مفتوحا أمام رؤساء المصالح المختصة في ما يسمى بالرخص الاستثنائية،هنالك أيضا عمليات التعديل التي تتعرض لها بعض البنايات في ما بعد، مما يجعلها مختلفة بشكل كلي ومشوه عما صممت به في البداية.. وبالتالي فإن التشوه الهندسي العمراني يبقى مركبا والجميع يتحمل مسؤوليته المهندس والمنعش العقاري والمنتخب والسلطة والمستفيد من البناء.. والمفروض التقيد بالقوانين والمساطر، فهي الحكم والعدل للحد من هذا التشوه.. س:تؤكد المعطيات أن المساحة التي يحتلها سكان الحواضر لا تتجاوز 2 في المائة من مجموع التراب الوطني،ولكن بالرغم من ذلك فإنها تعاني اختلالات هيكلية على المستويين العمراني والاجتماعي،كيف ينظر المهندس إلى هذه المعضلة ؟ وما هي الحلول التي يقترحها؟ ج:بهذا الخصوص وجب التنبيه إلى التطور السريع لظاهرة التمدين التي وصلت إلى 51% سنة 1994 لتقفز إلى 65% سنة 2013، ويتوقع أن تبلغ نسبة الساكنة الحضرية حوالي 75% سنة 2025. مع العلم أن المدن لا تشكل سوى نسبة 2% من مجموع التراب الوطني. وعموما فإن المدن المغربية تعيش عدة أزمات متعددة الأبعاد والمظاهر حالت دون أدائها لوظائفها التنموية و تتجلى في : * على المستوى العمراني: غلبة الكثافة و اكتظاظ المجال بالعمران وبالدور السكنية غير متناسقة والتجهيزات والخدمات العمومية غير المتكافئة مجاليا،و هو ما يحول طبعا دون تلبية حاجيات وانتظارات السكان وتطلعاتهم من حيث محاور الشغل والسكن والترفيه والتعليم والتطبيب ...إلخ * على المستوى العقاري: تعدد أشكال المضاربة العقارية التي أصبحت تغري كل الفئات المجتمعية التي تجني الأموال الطائلة من وراءها،وذلك على حساب الفئات الاجتماعية المقهورة التي تجد نفسها غير قادرة على ولوج سوق العقار، فقد احتدت المضاربة العقارية التي أصبحت تأزم الوضع وتساهم في انتشار السكن غير اللائق. * تنامي الاقتصاد غير المهيكل واتساع دائرة الفقر الحضري حيث تقطن حوالي 25% من ساكنة المدن بالأحياء الفقيرة. * عجز المؤسسات المتدخلة في ميدان التدبير الحضري (جماعات ترابية،وكالات حضرية مؤسسات الإسكان..) على الاستجابة للطلب المتزايد على السكن والتجهيزات الجماعية . * عدم قدرة السلطات العمومية على إيجاد حلول ناجعة لمشاكل معيشية مرتبطة بالحياة اليومية للمواطنين ( كالنقل والماء الشروب والكهرباء وجمع لنفايات ..) * صعوبة تنفيذ أهداف التعمير الواردة في المخططات والوثائق العمرانية ( فعملية تنفيذ وثائق التعمير للأسف لا يتعدى تطبيقها في أحسن الأحوال 20% ) نتيجة الإكراهات والعوائق والمشاكل المهيكلة في تدبير التعمير سواء على مستوى إعداد وثائق التعمير أو الترخيص أو المراقبة ،مما حال دون أداء المدينة لوظائفها التنموية سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي أو المالي. * تشتت المهام وغياب التنسيق وتداخل الاختصاصات بين كل الفاعلين في ميدان التدبير الحضري والتعمير من جهة وبين البرامج والمخططات القطاعية من جهة أخرى، مما أدى إلى تعثر الجهود المالية والبشرية،وبالتالي تعثر المشاريع والاستثمارات وعدم انجازها في الوقت المطلوب. و بنظرنا نرى أنه بات من المتعين تعزيز التهيئة الحضرية وتنمية المدن الكبرى والصغرى والناشئة سواء في المجال الاقتصادي والاجتماعي أو السياحي، بتبني استراتيجية تنمية عدة أقطاب حضرية وإطلاق مشاريع مهيكلة بالعديد من المدن المغربية، و كذلك باعتماد أسلوب الحكامة وترسيخ آليات المشاركة وتعبئة كل الطاقات والموارد للنهوض بأوضاعها ،إضافة إلى تفعيل الديمقراطية التشاركية لتحقيق تعمير عقلاني يقوم على الإنجاز والتقويم والإنصات والانشغال بهموم المواطنين، مع فتح حوار جاد ومسؤول حول قضايا تدبير المدينة، و اعتماد الأساليب العلمية في العمل، من خلال تبني التخطيط الاستراتيجي،الاستشرافي،وتوفير روح العمل الجماعي، والاعتماد عل المعايير الموضوعية في الأداء والتقييم والتجديد بهدف التطوير المستمر لأداء الإدارة المحلية، وتلبية حاجيات المرتفقين،دون إغفال بلورة سياسة جديدة قوامها التوعية والتحسيس و النجاعة والمحاسبة والزجر من أجل الحد من الفوضى والعشوائية التي تطال المدن .