كما لا يخفى على الجميع، عرفت جل المناطق في المغرب بعض الحوادث الغير المألوفة والتي نتجت عن الأمطار القوية التي عرفتها بلادنا الحبيبة. وإقليم تازة لم يفلت من هذه الأحداث بل ويتعداها إلى أشياء لم تكن في الحسبان بالنسبة للبعض. من بين القطاعات الحيوية التي تضررت كثيرا بالإقليم كان قطاع التعليم وذلك لما تعرفه المؤسسات من هشاشة وضعف في بنياتها التحتية بل والأكثر خطورة عدم مراعاة الجوانب الأمنية في بناء المؤسسات، فالذي يلاحظ كيف نشرت المؤسسات التعليمية في ربوع الإقليم يعرف جيدا أن عملية توزيعها واختيار أمكنتها كانت مجرد خبط عشواء لا أكثر. و كنموذج لهذا الوضع الذي لا زال قائما ذالك الذي وقع بالقرب من إحدى المدارس التابعة لمجموعة مدارس اتفازة وأقصد بالضبط المدرسة الفرعية “الكراكر”، للذكرى فقط فإن هذه المدرسة قديمة جدا وكانت بناياتها متهالكة وبها كل أصناف الخراب الذي يمكن تصوره، وبقيت المدرسة على ذلك الحال لسنوات عديدة حتى عامنا هذا وشملها جزء يسير من الإصلاح استهدف حجرتين فقط في حين بقيت الحجرة الثالثة في مهب الرياح والأمطار كما كانت عليه وبما أن الإصلاح شمل المؤسسة حديثا فلك أن تتصور ما سيحدث: “لم يعد من حق المؤسسة الاستفادة من إصلاح آخر إلا بعد عشر سنوات أخريات على الأقل” الأساتذة بتواصل مع المدير حاولوا جاهدين إبلاغ الوضع المزري للمؤسسة مرارا وتكرارا، والإصلاح الأخير كانوا هم رجال الخفاء فيه وذلك بتعبئة السكان والعدد الكبير من المراسلات التي قاموا بها سواء في اتجاه القيادة أو النيابة الإقليمية بتازة، وبعدما جاء الغيث جاء ناقصا كما العادة في المغرب. و لكن ما حدث الآن و في الأسابيع الفائتة فاق كل التصورات ووضح بشكل جلي الخطر الذي يهدد تلك المنطقة بأسرها، المنطقة هي مجرى لواديين هما في الأصل صغيرين و لكن في الأيام الغير العادية لا يبقيان كذلك ويصيران يضاهيان أكبر الأودية، كما أن أحد هذين الواديين يمر غير بعيد عن المدرسة وتجمع من السكان وذلك بين تلين مرتفعين بعض الشيء، هذين الأخيرين عرفا انجرافا للتربة بكميات هائلة بمجرى الوادي، ولكم أن تتصوروا البقية: سدت الأتربة المنجرفة مجرى المياه وشكلت ما يشبه سدا للمياه بعلو فاق الثلاثة أمتار وتكونت بذلك بحيرة ضخمة اعتبرها السكان قياسا بالضغط الذي كانت تشكله على التربة الحاجز رصاصة جاهزة للانطلاق في أي وقت و القضاء على المدرسة و التجمع السكني. معظم السكان فضل الرحيل عن الدوار في انتظار الحل، وفعلا رحل أغلبيتهم بشكل تدريجي، ومع انتظار الحل من السلطات ذاق السكان ذرعا بوضعية الانتظار هذه و تحرك بعضهم و نفسوا عن مجرى الوادي بإحداث ساقية صغيرة أعلى السد المكون من الأتربة أخذت المياه تنحتها تدريجيا دون أن تسبب في انفجار لكمية المياه الهائلة حتى هبط مستوى الماء ببطء، تنفس الناس الصعداء و لكن الأتربة مازالت تنجرف في مجرى الوادي و مثل هذا الحادث سيتكرر لا محالة. الصور المرفقة أخذت في مرحلة متأخرة نوعا ما عن بداية الحادث و لكنها مع ذلك لا زالت تحمل بصمات عن خطورة الوضع. في الأيام الموالية و في إطار الزيارات التي تقوم بها اللجان النيابية لتفقد أوضاع المؤسسات، قام السيد النائب الإقليمي بزيارة لمجموعة مدارس اتفازة، و حاول عبثا أن يزور المدرسة موضوع المقال لكنه لم يستطع الوصول إلى المدرسة هذا في الوقت الذي استقرت الأوضاع هناك و في الوقت الذي كان فيه الأساتذة يلتحقون بمقرات عملهم بالمدرسة رغم كل ما يتهددهم من أخطار، كما أن النائب الإقليمي رفقة أعضاء اللجنة المصاحبة وصفوا الوضع بالخطير جدا من خلال ما رأوه في بداية الطريق إلى المدرسة، فماذا كانوا سيقولون يا ترى لو رأوا الكارثة التي كانت ستلم بالمؤسسة بأم أعينهم؟ مصطفى غراد تازة في 24 مارس 2010