إعتاد رواد المقاهي أن يطالبوا من النادل الى جانب ما يودون تناوله من قهوة أو شاي أوغيره , إمدادهم بجريدة , ليس بغرض اقتنائها , فلو كان الأمر على هذا النحو ما أثار أي إشكال , و لكن عندما يقترن طلب إحضار المشروب بالجريدة , و يصبح عادة يومية بل من فرط انتشار هده العادة لم تعد مقهى خالية من الجرائد اليومية لا تقل عن ثلاثة نسخ , وتبدو للناظر انها ظاهرة مستحسنة لحد الساعة لأنها تشجع رواد المقاهي على القراءة و المطالعة , و متابعة المستجدات التي تتضمنها مقالات و أخبار الجرائد الورقية , و تندرج تقديم هذه الخدمة ضمن بعض الخدمات مثل "الويفي " في ظل المنافسة التي تعرفها المقاهي , لجلب أكبر عدد من الرواد , غير أن الذي لم يلتفت إليه قراء جرائد المقاهي بالمجان , أن هذا السلوك في القراءة , سيؤدي الى إفلاس عدد من شركات النشر , والتي هي أصلا متضررة , لعزوف القراء عن الجرائد الورقية , وانصرافهم الى المواقع الالكترونية , قد يؤدي هذا النوع من القراءة إلى إصابة مبيعات الجرائد برصاصة الرحمة , ولئن فرضنا أن تباعد أكشاك المجلات و الجرائد عن بعض المقاهي , يحول دون اقتناء الجريدة , فان بعض المقاهي تكاد تلتصق بالأكشاك , ورغم ذلك , لايكلف الزائر عناء اقتناء جريدة على الأقل بدافع التضامن ومساهمة منه في الرفع من مبيعاتها , وهو ما يغيب نهائيا عن أدهان القراء , لغلبة الأنانية , فمصاريف فنجان قهوة سبعة دراهم , أفضل عنده من عشرة دراهم باقتناء الجريدة و ربما يتصفح ثلاث جرائد , دون أن يؤدي أكثر من ثمن فنجان قهوة , و إذا كانت التعليلات المختلفة , لا تعوز القراء من هذا النوع , منها غياب الجودة و الجدة , فإن غياب الدعم المادي و القراءة المجانية للجرائد , تسهم بشكل مباشر في تردي منتوج الجرائد , فعملية تتبع المستجدات و التعاقد مع كبار الصحافيين و الكتاب تتطلب كلفة مادية , ولطالما اشتكى أصحاب الجرائد من هذا النوع من القراءة , على غرار تضرر الفنانين المبدعين جراء استنساخ و قرصنة انتاجاتهم و أغانيهم و أفلامهم , ولا نبالغ إذا قلنا أن هذا النوع من القراءة في الجرائد يعد قرصنة غير مباشرة للجرائد , يجب العدول عنها .