ظاهرة قراءة الجرائد بالمجان في المقاهي هي من المظاهر التي تتراجع أو تكاد تنتفي خلال شهر رمضان. وتعتبرهذه الظاهرة، التي اتسعت في السنوات الأخيرة، بمثابة الامتداد الطبيعي لما عرف ب «كراء الصحف» الذي برز واتسع بدوره مع أواخر ستينات القرن الماضي. حينذاك كان رد فعل المشرفين على جريدة العلم هو وضع نوع اللصاق على صفحات الجريدة للحيولة دون فتحها والاطلاع عليها إلا بعد دفع ثمن النسخة (25 او 30 سنتيما آنذاك).. وبعد أيام، عادت العميدة / العلم لتخبر القراء بأن الزعيم علال الفاسي تتبع الموضوع وكان رأيه أو قراره هو: «أتركوا الناس يقرؤون»، فعادت صفحات العلم مفتوحة لكل من رغب في الاطلاع عليها سواء بالشراء أو «الكراء» أو بالتصفح العابر عند الباعة. كان ذلك في زماننا الستيني، أما اليوم، حيث تحولت بعض المقاهي إلى منافس حقيقي ل (سابريس)، وفاعل نشيط لضمان «جريدة لكل زبون»، على وزن شعار السي محمد برادة : جريدة لكل مواطن.. اليوم، يمكن كذلك أن تختلف المواقف تجاه الموضوع. فهناك من يرى أن الظاهرة مربحة ومفيدة على الأقل بالنسبة للرواد أو الزبناء ولصاحب المقهى وحتى بالنسبة للنادل. وهناك من يجزم بأن اتساع الظاهرة وتحول بعض المقاهي إلى شبه أكشاك الصحف يقربنا من تحقيق شعار شركة (سابريس) وتعميم القراءة. وبجانب الموقف المتفائل هذا، يرى آخرون أن القراءة المجانية لا تترجم إلى أرقام في خانة المبيعات، ومن ثمة لا يمكن أن تصنف إلا ضمن قائمة الإكراهات والتحديات الموضوعة، في هذا الزمن، أمام الصحافة المكتوبة، تلك الإكراهات التي تصل حد سؤال الوجود والقدرة على الصمود والمنافسة في مجرى الثورة التكنولوجية.