صدر العدد الثالث من ” المدرسة المغربية” مارس 2011 . وهي مجلة فكرية تصدر مرتين في السنة بدعم من المجلس الأعلى للتعليم . الإصدار جاء في 288 صفحة من القطع المتوسط 154 صفحة باللغة العربية و134 خصصت للغة الفرنسية. وقد حرصت هيئة تحرير العدد على استحضار روح الأستاذ عبد العزيز مزيان بلفقيه الذي كان له الفضل في تأسيس المجلة فضلا عن اهتمامه الفائق بمسألة اللغات في المدرسة المغربية من منطلق اقتناعه بكون المدرسة المغربية تشكل رافعة حاسمة لبناء مغرب التنمية والتضامن وتكافؤ الفرص. في المحتويات ، وفي باب الدراسات باللغة العربية ، تتناول الأستاذة رحمة بورقية من جامعة الحسن الثاني- المحمدية ” التعدد اللغوي بين المجتمعي والسياسي .. وتركز في تحليلها على الإنتاجات الفكرية التي تراكمت محليا ودوليا في السنوات الأخيرة ،داعية الى الانتقال من التعددية كحادث تاريخي نحو تعددية لغوية مندمجة مخطط لها معرفيا وبيداغوجيا وماديا ، تساهم في بناء شخصية المواطن الحديث المستوعب لمكونات ثقافته المحلية والمنفتح بثقة على الثقافة العالمية. وفي باب حوار ، ساءلت المجلة المغربية الأستاذ عبد السلام الشدادي حول” الوضع اللغوي المغربي بين إرث الماضي ومقتضيات الحاضر”. وهو حوار خاص بالمجلة المغربية أنجزه محمد الصغير جنجار، و استعرض من خلاله الأستاذ عبد السلام الشدادي من جامعة محمد الخامس – بالرباط المسار التار يخي الطويل الذي تشكل عبره المشهد اللغوي المغربي ، كما تناول بالتحليل مجموعة من القضايا اللغوية والثقافية الراهنة ، التي تعتبر امتدادات لذلك المسار التاريخي في مغرب الاستقلال – الاختيارات اللغوية للدولة المغربية وضعية اللغات الوطنية” العربية والامازيغية ” – مكانة اللغات الوطنية في المنظومة التربوية – التعدد اللغوي ووظائف اللغات في المجتمع والمدرسة. وفي ركن – ترجمات – يترجم البشير تامر من جامعة محمد الخامس- السويسي، الرباط ” اللغات المغاربية في مواجهة التفوق الثقافي الأورومتوسطي ” لأحمد معتصم . وهي مقالة تستعيد بشكل مكثف الأفكار الأساسية التي سبق للباحث أحمد معتصم أن بلورها في الفصل الثالث من كتابه “لغات المغرب الكبير في مواجهة الرهانات الثقافية الأورومتوسطية ” لامارتان 2006 . وهي محاولة لاعتماد مقاربة جيوسياسية وجيوستراتيجية لقراءة العلاقات الأورومتوسطية مع التركيز على حقل محدد هو التربية وخلفيتها اللغوية في المنطقة المغاربية . والدراسة تبين العمق التاريخي لواقع اللاتوازن الذي يطبع العلاقات الثقافية بين ضفتي حوض البحر الأبيض المتوسط. ويقدم الأستاذ حماني أقفلي من المدرسة العليا للأساتذة بمكناس ” اللغة والسلطان السياسي ، وهي قراءة تلخيصية مركزة لمضامين كتاب جان- وليام لابير حول السلطان السياسي واللغات. حيث يبرز أنماط تدبير التعدد اللغوي في كل من الدولة الفيدرالية “نموذج سويسرا ” والدولة المركزية الموحدة “نموذج فرنسا” ، كما يسلط الضوء على مظاهر وعوامل الصراعات السياسية والاجتماعية المستندة الى المطالب اللغوية ، ويحلل الصلات المعقدة القائمة بين الحاجة إلى الاندماج والوحدة الوطنية ومسألة التعدد اللغوي، وذلك من خلال استعراض نماذج في افريقيا واوروبا وآسيا. وفي إطار إعداد إصدارها الثالث نظمت ” المدرسة المغربية ” يوم 29 شتنبر 2010 بمقر المجلس الأعلى للتعليم بالرباط مائدة مستديرة شاركت فيها نخبة من الباحثين والخبراء المهتمين بقضايا التربية والتكوين وتعليم اللغات بصفة خاصة . وكانت فرصة حقيقية لتسليط الضوء على الواقع اللغوي للمنظومة التربوية وتقديم اقتراحات وآراء بخصوص إعادة رسم خريطة لغات المدرسة المغربية وإمعان التفكير في وظائفها ، وضمان شروط نجاح تعددية لغوية تجمع بين مقتضيات المحلي ومتطلبات الانفتاح والانصهار في الكوني . ويجد القارئ في القسمين العربي والفرنسي أرضية اللقاء ونصوص بعض المداخلات التي وافق أصحابها على نشرها ضمن العدد: منها التعددية اللغوية وقضايا سوسيو-سياسية للأستاذ عبد الحي المودن من جامعة محمد الخامس بالرباط ،وهي مجموعة ملاحظات تتعلق بمواقف وسلوكات الفاعلين المجتمعيين الأساسيين المساهمين والمنتجين للنقاش العمومي حول التعدد اللغوي في المحيط المغربي . كما تسلط الضوء أيضا على مجموعة من القضايا المؤطرة للإختيارات اللغوية القائمة سواء ارتبطت بسياسات الدولة أو المجتمع ، السوق أو التحولات العميقة التي يعرفها مشهد الإعلام والاتصال ، وآثار كل ذلك على القيمة الرمزية لكل لغة داخل المجتمع. ويؤكد الاستاذ مبارك ربيع في مداخلته ضمن أعمال المائدة المستديرة على أخطار تعدد لغوي معيش لا تستوجبه متطلبات مسايرة التطور العلمي والتيكنولوجي فحسب ، بل يوجهه ، مايسميه الأستاذ – مبارك ربيع – في مداخلته “ظاهرة التعدد اللغوي ومضاعفاتها في المحيط المجتمعي والتربوي المغربي ” بالتوازن اللغوي التوزيعي” بين اللغات الوطنية واللغات الأجنبية ، ويقبل بأخطار التعدد على الشخصية القاعدية وإضعاف الروح الوطنية والقيم المرتبطة بها. وركزت مداخلة الأستاذ عبد اللطيف المودني عن المجلس الأعلى للتعليم على توضيح الاطار العام لاهتمام المجلس الأعلى للتعليم بموضوع اللغات في المدرسة المغربية – الأسئلة الكبرى – الأهداف والمرتكزات المرتبطة بتدبير بيداغوجي عقلاني ناجع للغات في المدرسة المغربية وذلك بالاستناد إلى الاختيارات والتوجهات المرسومة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين. أما الأستاذ ميلود أحبادو فقد انطلق في مداخلته بعنوان ” تدبير تدريس اللغات الواقع والمأمول “من واقع الضعف الذي يطبع مستوى اكتساب التلاميذ للكفايات اللغوية سواء بالنسبة للعربية أو الفرنسية ، كما يتجلى من خلال نتائج مجموعة من الأبحاث الميدانية التقويمية . حيث يركز على عاملين أساسيين يفسران في نظره الوضع الحالي لتعلم اللغات في المدرسة المغربية ، يتمثل الأول في غياب ثقافة الجودة ومعاييرها كما هو متعارف عليها دوليا . أما الثاني ، فيكمن في تباعد المسافة بين المأمول(اختيارات الميثاق) والمعيش الذي تتحكم فيه موازين قوى واقع اقتصادي ايديولوجي في ظل غياب سياسة لغوية وطنية واضحة المعالم. وينبه الأستاذ عبد الرحمن المودن من جامعة محمد الخامس- الرباط – في مداخلته المعنونة ب” مفارقات الوضع اللغوي المغربي “إلى وضع التهميش الذي تعرفه العربية –الدارجة المغربية وضرورة الاهتمام بها على مستويي الدراسة والتقعيد ، وذلك من منطلق كونها تشكل القاسم اللساني الأساسي والمشترك بين كل المغاربة ، وقد تصبح كذلك بين كل المغاربيين ثم لكونها قابلة ككل اللغات – ويحيل هنا إلى نموذج اللغة التركية – لاستعاب مستجدات اللغات العالمية ومواكبة العصر. وفي القسم الفرنسي نجد مساهمات كل من ليلى المسعودي و” نموذج تجاذب اللغات أية آفاق بالنسبة للمغرب. عز الدين أقصبي في ” تعلم اللغات بالمغرب أية تبعات على مستوى الاقتصاد والشغل في سياق الاقتصاد العالمي المفتوح. عبد الرحمن الرامي ” تدريس اللغات وتعلمها الاختلالات الهيكلية والبدائل الممكنة والمثلى. ناجية حجاج حسوني ومحمد الحسن الغربي في ” تأملات بخصوص تدريس الطب باللغة العربية في المغرب. وفي المائدة المستديرة نجد أحمد بوكوس في “مسالة لغة التدريس من اجل خيار حسب الوحدات. مسالة اللغات بالمدرسة المغربية نظرة جديدة للأستاذ محمد ملوك . “تعلم اللغات تجارب ومقاربات مقارنة” – ليلى المسعودي “تدريس اللغات تأثير ظروف التدريس ومناخه ” – خديجة محسن . بقيت الإشارة إلى أن مجلة “المدرسة المغربية” كمنجز علمي قيم جاء حسب ورقة تقديمية بهدف الإسهام في تعميق البحث وتبادل الرأي في القضايا اللغوية بالمدرسة المغربية من خلال مقاربات متعددة في هذا الأفق اقترحت المجلة تخصيص ملف عددها الثالث لتناول هذا الموضوع انطلاقا من أربعة محاور: 1. التطور التاريخي للمشهد اللغوي بالمغرب وأثره في منظومة التربية والتكوين ، انطلاقا من دراسة المسارات المتعاقبة للغات بالمغرب والتحولات التي طرأت على وضعها في المنظومة التربوية سواء منها الوطنية وعلى نحو خاص” العربية والامازيغية “أو الاجنبية . ولا سيما اللغات الفرنسية والإسبانية والإنجليزية الى جانب اللغات الاخرى المدرجة في المدرسة المغربية “الالمانية الايطالية الروسية الصينية..” 2. اللغة واكتساب المعارف وهو محور يثير تساؤلات من قبيل: هل تستجيب الهندسة البيداغوجية بما تقوم عليه من مناهج وبرامج ووسائط تعليمية وتقويم وبما تتطلبه من تكوين للمدرسين ..لهدف التمكن اللغوي لدى المتعلمين؟ وهل ترتكز من اجل ذلك على تحديد واضح للمستوى اللغوي؟ هل تؤدي لغات التدريس دورها في تحقيق هذا الهدف وفي التحصيل الدراسي للمعارف التي تدرس بها؟ 3. تدبير التعدد والتداخل اللغويين بالمدرسة المغربية ومن خلاله إثارة اسئلة من قبيل : اي تدبير للتعدد اللغوي؟ بأي أفق؟ ومن اجل أية وظائف و؟أهداف؟ 4. اللغة والمحيط الاجتماعي-الاقتصادي وتقف المجلة من خلاله على تدريس اللغات وتعلمها بالطلب الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والاعلامي والبحث العلمي ودراسة مدى تجاوب مختلف الشرائح الاجتماعية مع العرض اللغوي الذي توفره المدرسة المغربية والمواقف اللغوية المترتبة عن ذلك لدى تلك الشرائح. عزيز باكوش