( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي )..من منا ما زال عنده ذرة شك أن المغرب يشكل استثناء بين دول العالم...المتقدم والمتخلف..والنامي..والسائر في طريق النمو...وبين سكان الفضاء..ومن يسكن ما بين الأرض والسماء...من عنده شك أن هذا البلد الأمين،..وشعبه المسكين يستحقان معا جائزة نوبل للإستثناء والتفرد للبلد .. وجائزة نوبل للصبر والقدرة على التحمل للشعب...القدرة على تحمل سخافة الساسة وضحكتهم الثقيلة على القلب...القدرة على الانصات لسخافاتهم وأكاذيبهم التي لم يملوا يوما من تكرارها على أذاننا..ولم نشعرهم يوما أننا ما عدنا نصدقهم...القدرة على متابعة تهريجهم ومسرحياتهم الرديئة التي لا تنتهي إلا لتبدأ فصولا جديدة بنفس الاخراج ونفس السيناريو ونفس الممثلين...القدرة على كتم أنفاسنا وغيظنا..ودفن معاناتنا، واصطناع الابتسامة حتى لا ننغص عليهم حياتهم الرغيدة، وحتى نجنبهم الشعور بتأنيب الضمير...إن كان لهم ضميرا أصلا...القدرة على الاستمرار في الحياة رغم أنهم يضيقون حبل المشنقة علينا كل يوم...القدرة على التسامح..رغم كل ما نعانيه من قسوة واحتقار ومس بالكرامة وحط من قدر الإنسانية وانتقاص لحق المواطنة...صار الشعب كله يعمل بالآية الكريمة: لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ . عديدة هي صور التفرد لهذا البلد... ففي المغرب وحده يمرر الدستور الجديد بالطبل والمزمار، تحول المغرب إلى أعراس ..وقرر المخزن أن يزوج الشعب..فزف إليه عروسه بالطبل والمزمار..أما العروس فلم تكن سوى الدستور..بعدما خضبوه بالحناء وأجروا لهم عملية ترقيع للبكارة..وعمليات تجميل للوجه..وتكبير للصدر..وشد للمؤخرة..ورشوا عليه ماء الزهر...وبعد انتهاء العرس..بقيت العروس في بيت أهلها وما زال الشعب العريس يطالب التحاقها ببيت الزوجية...معضم فصول هذا الدستور بقيت حبرا على ورق.. في المغرب وحده..تصرف الملايير على الفريق الوطني..ويودع المنافسات بمجرد أن تبدأ..ولا يخجل رئيس الوفد من أن يقول للصحافة لقد شرفنا الكرة المغربية..ومعه حق) شرفوها (يعني مروا بها سريعا من مرحلة الشباب الى مرحلة االشيخوخة..وأهدوها عكازا لتتكئ عليه..نكاية لا إشفاقا..حتى لا نفرح نحن لحظة..فنشاركهم فرحتهم الدائمة... والدليل أن رئيس الجامعة كافأ رئيس الوفد مباشرة بعد عودته بإسناد مشروع عمل تابع للجامعة لشركة في ملك هذا الأخير دون إجراء طلب للعروض...في المقربين أولى....ونعم الإيمان... وفي المغرب وحده..يتحدث وزير التعليم...أمام الصحافة..ليقول المدير وصاحبتو...ويخاطب تلميذة بكلام أنا شخصيا أعتبره تحرشا جنسيا ...لولا تركيزه على أنوثتها..لما قال لها ما قال..فالأعمال والأقوال بالنيات...والرجل قد نوى...وزلات الرجل لا تنتهي.. وفي المغرب وحده..يكفي أن تكون مسؤولا حزبيا..وانهب الملايير كما شئت..و إن قدر الله..لا سامح الله ووقعت..سينبري كل محامو الحزب لاستخراج صك براءة لك، هو في الأصل براءة لهم..لأنهم يخشون أن يصلهم لهيب النار ومعهم سكان الدار..والحكمة تقتضي في المهد تخمد النار... وفي المغرب فقط لا يحرجون وهم يتحدثون عن إفلاس صناديق التقاعد...التي نهبوها...يقتولون القتيل ويمشون في جنازته..ولا يحرجون عندما يخاطبوننا )زيرو السمطة(..وكأننا كنا نعيش في النعيم وحان وقت التقشف قليلا...حتى تمر العاصفة... وفي المغرب وحده يتحدثون عن الزيادة في كل شيئ..إلا الأجور...ويتحدثون عن رفع الدعم عن المواد الأساسية دون خوف...ولم الخوف؟ فقد جربونا..)كيجمعنا غياط ويفرقنا مخزني ..... ) وفي المغرب وحده تؤجل الانتخابات حسب مصالح الأحزاب..دون مراعاة مصلحة الشعب...مع العلم أنه في كل الديمقراطيات..تغيير الدستور ..ينسخ ما قبله..وتصبح كل المؤسسات المنتخبة قبل الدستور الجديد...غير شرعية... )زعم بحال أيلا كانت عندها الشرعية) وفي المغرب وحده لا يملون من تكرار عبارة (المغرب أجمل بلد في العالم) وكل عرساننا الجدد يطيرون إلى تركيا لقضاء شهر العسل...قبل أن يعودوا إلى سنوات القطران هنا.... وعوض شوارع اسطنبول الواسعة وأزقتها التارخية..سيعودان إلى شوارعنا المحتلة من طرف الباعة المتجولين...وحيطاننا التي تزينها عبارات ) ممنوع البول هنا ياحمار (.....وهي اختراع براءته تدخل تحت أجنحة الاستثاء المغربي... هللوا وطبلوا كثيرا للاستثناء المغربي الذي لم يواكب ما سمي بالربيع العربي...ونجاح المغرب في انجاز ثورته بهدوء كما قالوا..وليس تحت ضغط الشارع وحركة 20 فبراير...لأنهم في كلتا الحالتين سيسقطون في إحراج نظري كبير...فإن كان الأمر ثورة هادئة فتلك حقوقنا لما سكتوا عنها كل هذا الوقت...وإن كانت انتزعت تحت ضغط الشارع ..فلما ينكرون؟... وعموما فالمغاربة لا يهتمون كثيرا بالديموقراطية...والحريات..أكثر ما يهتمون بخبزهم اليومي...فإن كانوا تقاعسوا عن الخروج للشارع للمطالبة بالكرامة والحرية...فإنهم قطعا لن يفعلوا هذه المرة..لأنهم ببساطة سيخرجون تحت ضغط الجوع...ليقولوا لا...لا لرفع الدعم عن المواد الأساسية..لا للزيادة فيها...وليس الأمر ببعيد انتفاضة الدارالبيضاء عام 1981 لازالت حاظرة في الأذهان..ولا بأس أن ندفع من جديد شهداء ..الخبز والكوميرا..كما سماهم المخزن...عوض شهداء الحرية والكرامة...فخيرا ستفعلون...جوعونا..اقتربوا من أمننا الغذائي..الذي هو أمننا القومي الحقيقي...فإما أن نقول جميعا لا...وإما أن تقرؤا علينا الفاتحة وتكبروا علينا أربعا لوفاتنا... عندما ستتضاعف فواتير الكهرباء...ويصبح ثمن قنينة الغاز ثلاث أضعاف ما هو عليه..ويتضاعف ثمن الدقيق..والسكر والزيت...والبنزين...فإن القادم بلا شك سيكون أسوء...فيارب لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه...فالأكيد هذه المرة لن يتشابه علينا البقر فللخبز طعم خاص، عندما نجوع.. كريط عبد العزيز