ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخطبة و الزواج عند البرانس
نشر في تازا سيتي يوم 13 - 11 - 2009


الخطبة و الزواج عند البرانس
أ‌-الخطبة:
كانت أم الأسرة على العموم هي التي تختار خطيبة ابنها ، وتكون غالبا ابنة أخيها أو أختها، وقد يختار الأب زوجة لإبنه وتكون ابنة أخيه، عملا بالمثل الشعبي "لي دا بنت عمو بحال لي عيد من غنموا" والزواج ببنت العم يعزز أواصر التآلف والتحالف والالتحام ، على حد تعبير "بارث" وقد يحصل في الحالات النادرة أن يختار الشخص المعني بالزواج خطيبته، حيث يكون ذلك في إطار عرس عائلي أو عرس في القبيلة. بعد حصول الإعجاب بفتاة ما، يتم التحري عن أصلها، ونسبها، وشرفها، وعمرها، وذلك عند الأقارب و الأحباب أو في الأسواق الأسبوعية التي تقام في القبيلة، والتي تعتبر فرصة لقضاء بعض الحاجات، وفرصة أيضا لتداول الأخبار المختلفة.
وبعد التحري حول الزوجة المستقبلية، والاقتناع بأنها الزوجة "الصالحة"، تتم المشاورات داخل منزل الشخص المقبل على الزواج، بعدما يكون هذا الأخير قد عين أحدا من أقاربه لينشر الخبر بين أهله، بعد ذلك يتم انتداب أحد أفراد العائلة (الأب، العم ...) للقيام بوساطة مع أب الخطيبة، وذلك بالذهاب إلى منزله، أو الالتقاء به في المسيد، أو السوق كما أسلفا الذي اعتبر تجمعا لتسوية الخلافات أو خلق التحالفات. وأول ما يبتدئ به الشخص كلامه بعد التحية المعتادة هو "ضف الله" ويكون رد ولي الخطيبة هو: "مرحبا" ثم يدخل المنتدب في صلب الموضوع حيث يعلن عن الهدف من مقولة "ضف الله" وذلك بطلب يد ابنته، "سيدي" إن الغرض من زيارتنا هو أن نخطب ابنتكم الكريمة الفاضلة، للا فلانة، للسيد فلان" ، فيكون جوابه "إلى كانت في المكتاب" ثم يطلب من الشخص المنتدب إعطاؤه فرصة للتشاور حول الموضوع وذلك مع أهله رجالا ونساء، وفي هذه الأثناء، كان أبو الفتاة يستخبر عند الاقتضاء، عن أسرة طالب الزواج من حيث الحالة المالية، المصاهرات، الكرامة، الشرف ... وبعد عملية التشاور والاستخبار يتم اتخاذ القرار بالقبول أو الرفض – فالوضعية الاقتصادية للزوج المستقبلي ومكانته الاجتماعية وسلوكه تكون دائما هي الحاسمة في اتخاذ القرار المناسب - وبعد هذا القبول في إطار أسرة المخطوبة، يتم الالتقاء مجددا بالشخص المكلف بالوساطة لزف خبر القبول، وهو عبارة عن قبول مبدئي، فالمسيرة مازالت طويلة وشاقة، ثم يتم الاتفاق حول يوم الخطبة. وقد جرت العادة في هذه القبيلة أن يحرم المعني بالأمر من الذهاب في يوم خطبته، فالأب والأم والأخوات المتزوجات هم من سوف يتحكم في مصير هذا الزواج. ويسمى هذا اليوم عند هذه القبيلة "بيوم الحداد" يوم المشاورات المادية والتفاوض حول المهر وتجهيز العروس، وكان التحدث حول هذه الأمور يتم داخل التجمع الرجولي، إذ لا مجال للاختلاط داخل هذه القبيلة، فالأمور الحاسمة والحساسة هي من اختصاص الرجال وعلى رأس هذا التجمع الفقيه الذي اعتبر الشخص الوحيد الذي يعرف القراءة والكتابة قبل انتشار المدارس في هذه القبيلة بعد الاستقلال ووجوده خلال هذا اليوم بالذات يعتبر شهادة حية على "يوم الحداد"، حيث يوثق التزامات كلا الطرفين فيما يخص المهر وتجهيز العروس، والدي يتكون من: حلي مصنوعة من "النقرة" (الفضة), والتزين بهده الحلي ضارب في تاريخ القبيلة, فقد أشار إلى ذلك ليون الإفريقي في معرض حديثه عن نساء البرانس بقوله "نساء بدينات يتزين بكثير من حلي الفضة" ومن بين هذه الحلي: الشباك ، الحصارة ، الخلخال، الدملج, وألبسة تتمثل في: المحصور ، القشابة، ليزار، "الشربيل", ويتضمن هذا التجهيز أيضا تجهيزات منزلية: "البرمة"، الحصير، "بطانيات" ، وسائد ... أما أم الخطيب فقد اعتبر هذا اليوم بالنسبة لها فرصة للالتقاء بزوجة ابنها في إطار التجمع النسائي، لتحمل أوصاف الخطيبة إلى ابنها الذي قد يجهل بحالها, وبعد الاتفاق حول المهر والتجهيز، يدون كل ذلك في ورقة خاصة من قبل الفقيه. وفي بعض الحالات قد يطلب أبو الخطيبة من الحضور استشارة زوجته، بينما تترك الفرصة للحضور لارتشاف أكواب الشاي المنعنع، واللوز والحلوى وهذا التشاور مع أم الخطيبة الناطق الرسمي بأمور ابنتها يكون غالبا حول الاتفاقات المادية وبعد حصول الإجماع حول المهر وتجهيز العروس، يكون موعد العشاء قد حان فيأمر أبو الخطيبة بإحضار العشاء، المكون من الدجاج المطهي بإحكام وضعت فوقه أنصاف "البيض البلدي". وطابق به لحم، ولا تخلو أي وجبة في هذه القبيلة من الفلفل الذي يعتبر عادة في المطبخ "البرنوسي"، وكانت الوجبات تقدم من الباب الصغير الذي يشرف مباشرة على داخل المنزل .
ويكون تقديم صحن به عسل إعلانا على نهاية وجبة العشاء. ثم تقرأ الفاتحة، والدعاء لأهل البيت وللمخطوبين، ويتخذ الحضور فرصة تواجد الفقيه للدعاء لهم ولأهلهم الأحياء والأموات مقابل دراهم يدسونها في جلبابه . وتكون قراءة الفاتحة إعلانا على نهاية مراسم هذا اليوم ليتم الاتفاق حول يوم آخر يحضر فيه الخطيب برفقة أخته وأمه وبعض نساء العائلة ويسمى: "يوم تركاب الخاتم" ، وتعتبر هذه المناسبة المرة الأولى التي يتعرف فيها على خطيبته في إطار عائلي، ثم يقدم الشاي والحلويات كالعادة، وبعد تجاذب أطراف الحديث بين الحضور، يتخذها الخطيب فرصة لإخراج الخاتم من جيبه والعرق يتصبب على جبينه، ثم يتقدم في خطوات مرتجلة نحو خطيبته ويقول لها "باسم الله" ثم يضع الخاتم في أصبعها ويده ترتعش من شدة الخجل. وفي هذا اليوم يتم التأكيد على موعد العرس.
وخلال فترة الخطوبة كان الخاطب لا يغفل عن زيارة بيت زوجته المستقبلية، وذلك في بعض المناسبات الدينية (عيد الفطر أو عيد الأضحى) وكان يحمل معه مجموعة من الهدايا تعبر علنا على أنه مازال يحتفظ بالتعهد القائم بينهم .
ب‌-العرس:
العرس هو الاحتفال بالزواج، ويسمى ليلة الزفاف أو (الدخلة)، ويطلق عليها أيضا اسم (الفرح) ويحدد له يوم يجرى الاتفاق عليه بين أهل العروس و العروسة، وعند بعض الشعوب يجري في مراسم معينة تخضع لظروف مناخية واقتصادية، فشعوب الإسكيمو تتزاوج بعد انتهاء الليل الطويل وعودة الدفء مع طلوع الشمس، أما عند العرب في الجاهلية فلم يكن عندهم موسم معين للزواج، غير أنهم يكرهون الزواج في شهر شوال ويتطيرون به . أما في القبيلة المدروسة فالأعراس تكثر في فصل الصيف بعد الإفراغ من جمع المحاصيل الزراعية. فما هي مراسم العرس عند قبيلة البرانس؟
الاستعدادات:
قبل موعد العرس تقوم الاستعدادات على قدم وساق، وأولى هذه الاستعدادات هي تجهيز العروس وتسمى (النفقة)، وإبرام عقد النكاح ، حيث يتم الذهاب إلى مكتب العدول من أجل إبرام هذا العقد، والذهاب إلى تازة غالبا – الخطيبة برفقة أبيها وأمها والخاطب برفقة أبيه وأمه – لتجهيز العروس وذلك بشراء الألبسة والحلي المعروضة في المدينة القديمة بتازة العليا، ومن بين الاستعدادات أيضا تحضير الكسكس على الطريقة التقليدية حيث يخصص يوم لهذا الغرض يسمى "يوم افتيل الطعام" وذلك باستدعاء بعض النساء من الجيران أو الصديقات يستعملن "الميدونة" والدقيق، والماء لصنع هذه المادة.
وقبل موعد العرس ب 15 أو 20 يوم كان يثبت علما فوق السطح إعلانا على اقتراب موعد الزفاف ولتمييز دار العرس من غيرها، وهو عند العريس عبارة عن عمامة بيضاء ، وعند العريس عبارة عن "سبنية".
حفل الحناء:
يأتي هذا اليوم قبل يوم الدخلة، فهو يوم الاحتفال بالعريس الذي أطلق عليه اسم "مولاي السلطان" وخلال هذا اليوم يتم استدعاء الأقارب والأحباب المتواجدين في الدوار، وعموما فالكل يحضر فمفهوم العائلة يمتد ليشمل الدوار بأكمله، وفي الليل تنطلق الاحتفالات، على نغمات "الطبل والغيطة" التي تشنف الأسماع، ويتم إعداد صينية بها حناء، وقالب سكر، و"عود القماري" الذي ثبت بعناية في حبة طماطم وعطر وشموع مشتعلة، وقبل الإقدام على حفل الحناء هذا يكون قد تم تجهيز العريس، بجلباب أبيض، وبلغة، وحمل خنجراه، ووضع الكحل في عينه لطرد الشياطين والأرواح الشريرة، وبعد تجهيز العريس يتم إخراجه من المنزل على بعد أمتار مرفقا "بوزيرين" وبعض النساء حيث يتم استقدامه إلى المنزل مرة أخرى في حفل بهيج والنساء ينششن عليه بأثواب بيضاء والرجال يرددون:
يا عظيم دو الجلال يا الله يا الله يا ربي .
وعند وصوله إلى باب المنزل يحمل من قبل "الوزيرين" حتى المكان المخصص لحفل الحناء والذي حضر بعناية فائقة على مرأى الحضور الذي يحج بكثافة في مثل هذه المناسبات، وإذا لم يسع فناء المنزل الحضور يتم الصعود إلى السطوح لمتابعة الحفل من موقع مرتفع.
وقبل وضع الحناء في يدي العريس تتم عادة ضاربة في تاريخ القبيلة اسمها "الغرامة" وهي بمثابة جمع تبرعات للعريس من قبل الأقارب والأحباب وكذلك الحضور في إطار طقوسي خاص، حيث تبدأ "التبريحة" من قبل أحد "الوزيرين" بعبارة "الله مع فلان راه حط على العريس كدا وكدا الله يخلف عليه " وتكون هدايا العائلة عادة عبارة عن حلي وأفرشة ومعدات منزلية في حين تبقى تبرعات الأصدقاء وشباب القبيلة عبارة عن تبرعات نقدية، وبعد الانتهاء من "الغرامة" يتم الإعلان عن المبلغ الكلي أمام الحضور. وهذه العادة هي تكريس لمبدأ التكافل المجتمعي، وعملا بالمثل الشعبي البرنوسي "الجماعة تغني واحد، وواحد ما يغني الجماعة" .
وبعد ذلك يتم التفرغ لحفل الحناء، حيث تنتدب بعض الفتيات غير المتزوجات واللواتي ظهرن في أجمل زينتهن – لربما يكون حفل الحناء هذا فرصة لهن لظفر بقلب رجل من الحضور – لوضع الحناء في يد العريس في جو روحاني خاص يطبعه ترديد قصيدة "افضايل"
باسم الله وبالله أفضايل باسم الله
باسم الله وبالله قد منا رسول الله
باسم الله بالاثنين خلوق النبي مع جبرائيل
باسم الله بالأربعاء خلوق النبي نورو ساطع
باسم الله بالخميس خلوق النبي نعلو يبليس
باسم الله بالجمعة خلوق النبي شعلو شمعة
باسم الله بالأحد خلوق النبي مكيفو حد
ويكون حفل الحناء فرصة للشباب لوضع الحناء مقابل مبلغ من المال يخصص للفتيات المكلفات بوضع الحناء. وتجدر الإشارة على أن حفل الحناء عند العروس له طقوسه الخاصة حيث ترتدي لباسا يدعي "السوسدي" وضع فوق "لزار" ولبست سروالا فضفاضا أبيض اللون، ووضعت فوق رأسها "سبنية" حمراء بعد ما ظفر شعرها بعناية خاصة مع خيوط الحرير اللامع والذي ظل متدليا على كتفها، ووضعت "الخرصات" في أذنها "والشباك" في عنقها. ثم تجلس العروس في مكان أعد سلفا وبجانبها "الوزيرة" والنساء يردد مقاطع زجلية جعلت دموعها تنهمر مختلطة بالكحل أضاعت معه بياض ثيابها.
جيبوا المشط، جيبوا الخيوط دموع العروسة يشلطوا الحيوط .
وبدخول امرأتين كبيرتين في السن تحملان الحناء وبعض المواد لتحضيرها (ماء – عسل – بيض) والتي وضعت في صينية فضية أضاءتها شمعة، تبدأ مراسم الحناء، حيث تحضر الحناء بواسطة الماء وإضافة قطرة عسل في الخليط رمز الحلاوة والمودة، وهو طقس يهدف إلى تفاؤل بحياة سعيدة للعروس وبدون مشاكل، وتوضع الحناء في يد العروس حتى الرسغين و بالرجلين حتى الكعبين مع وضع القليل منها في يد "الوزيرة" وكل ذلك يمر وسط أهازيج وزغاريد النساء اللواتي يتنافسن في ذلك. بعد الانتهاء من حفل الحناء يفتح المجال نحو ما يسمى "بالتبريحة" حيث يعهد بذلك لامرأة بشوشة تجيد الكلام والتركيز على هذه الصفات جعل الحضور ينفق بسخاء. وفي النهاية تجمع التبرعات وتسلم لأم العروس، ويطلق العنان لزغاريد النساء ولدق الدفوف الكبيرة "البندير" حتى يتفرق الجميع ليلتقوا مجددا في الغد.
يوم الدخلة:
تتميز ليلة الدخلة بطابع خاص فهي ليلة افتضاض البكارة، و هي الدليل على عفة المرأة وطهارتها قبل الزواج ومنها سميت البكر عذراء ، والنظرة إلى البكارة تختلف باختلاف الشعوب فمنهم من لا يأبه لها ولا يحفل بها، بل يفضل المرأة التي افتضت بكارتها، وعند قبائل إفريقية يفتضون بكارة البنات وهن صغار وتتولى الأم هذه المهمة أو يتولاها رجل مسن، ويذكر "هربارت" Herperte أن العادة في بلاد السنغال كانت جارية حتى القرن 17 حيث أن الأب يفتض بكارة ابنته قبل زفافها لأن من حقه أن يجني ثمرة النبتة التي غرسها. وفي أوربا الإقطاعية كان رؤساء الإقطاع من حقهم افتضاض بكارة العذارى في الليلة الأولى من زفافهن . فكيف كانت ليلة الدخلة عند قبيلة البرانس؟
قبل وصول العروس إلى بيت الزوجية لبست "السوسدي" وبلغة ووضعت قبة فوق رأسها مصنوعة من أغصان شجرة العنب وضعت فوقها "السبنية" وجلست في مكان لا تتحرك منه إلا إذا اقتضت الحاجة إلى ذلك، تنتظر حضور أهل العريس الذين يأتون في موكب كبير حاملين العلم الذي كان معلقا في السطح، وما أن تسمع العروس بمجيئهم حتى يهتز كيانها وتجهش بالبكاء، وقبل ذهابها كانت تودع أباها وأمها اللذان حرمتهما التقاليد من الذهاب في هذا اليوم ، وبعد تناول وجبة العشاء، تحمل العروس فوق "البغلة" برفقة أحد محارمها وقبل ذلك يجب على أهل العريس أن يدفعوا قدرا من المال لأهل العروسة لكي تقف وهو عبارة عن مبلغ رمزي يسمونه "خلاص العروسة" ثم ينطلق الموكب في اتجاه دار العريس. وعند وصول العروس يسلم لها صحن به قطع سكر ترميه في الفضاء فيتسابق الأطفال على أخده وكأنها السماء جادت عليهم به، ويسلم لها قالب سكر وخبزة تضعها تحت إبطها الأيمن (الخبزة في الذاكرة الجماعية البرنوسية تعني الرزق، البركة، الغنى، فالبرانس لا يسلمونك الخبزة بأكملها إن جادوا عليك بها، فقد جرت العادة على أن يقتطعوا جزء منها قبل تسليمها لك)، وما أن تنزل العروس عن ظهر البغلة حتى يتسابق الشباب على ركوب البغلة، وذلك لكي يتزوجوا في أقرب وقت. أما أم العريس فقد بادرت إلى دق مسمار في الأرض وضربت العروس بلطف مع الحائط سبع مرات حتى لا تهرب من بيتها مهما كان حجم المشاكل والمعاناة ، ثم تدخل العروس إلى بيت الدخلة برفقة الوزيرة وبعض النساء اللواتي قمن بتجميل العروس مرة أخرى، ثم يبحث عن العريس الذي لم يحضر لمراسيم حضور عروسه للدخول بزوجته مسدلا غطاء رأسه، وأول ما يقوم به العريس هو إزالة "القبة" وفسخ "الزلوم، ثم ينادي "الوزير" الذي يظل يقظا بجانب الباب لجلب الشاي بينما تخرج العروس وجبة العشاء التي حملتها من بيت أبيها ...
وبعد وقت قصير كان العريس يلود بالفرار ولا يرجع بعد هذا اليوم إلى المنزل إلا ليلا وذلك لأن شدة الخجل تمنعه من النظر في وجه أبويه، ثم يدخل الوزير والأهل ليجدوا "العمامة" وقد أصبحت شيئا جديدا أطلق عليه اسم "الدرا" التي توضع في صينية يتوسطها قالب سكر للرقص بها أمام الحضور – وقد تحدث بعض المشاكل في هذه الليلة حيث يتم طرق أبواب السحرة والدجالين وهو ما يسمى "بالثقاف" – وفي الصباح تحمل "الدرا" في طقوس خاصة واحتفالات بهيجة لتنهض مشاعر الفرح والحبور عند الأم بعدما عاشت ليلة عصيبة، ثم تستعد للذهاب عند ابنتها محملة ببعض الهدايا (الدجاج، اللحم، " الاسفنج"، الحلوى ...) ويسمى ذلك "الفطور". وفي اليوم السابع بعد العرس يأتي "يوم حبان الراس" حيث تذهب العروس رفقة زوجها لزيارة أهلها محملة بالسكر والذبيحة، ولباسا لأبويها وإخوتها، حيث يقبل العريس خلال هذا اليوم رأس صهريه، إذ أنه منذ الخطبة يحرم عليه إلقاء التحية عليهما.
محمد السليلة
الهوامش:
- نفس العادة عند أهل فاس، روجي لوطورنو، ترجمة محمد حجي، ومحمد الأخضر، فاس قبل الحماية، بيروت 1986، ص 723.
- القبيلة، الإقطاع والمخزن، مرجع سابق، ص 51.
- فاس قبل الحماية، مرجع سابق، ص 726
- علال النهيري (رواية شفوية).
- الحسن بن محمد الفاسي المعروف بلبون الإفريقي، ترجمة محمد حجي، ومحمد الأخضر، وصف إفريقيا، الجزء 1 و 2 ص 357.
- الشباك: يوضع في العنق ويغطي الصدر كله ويكون مصنوعا من نقود قديمة من الفضة.)انظر الملحق,الوثيقة 2(
- الحصارة: توضع فوق الرأس وتصنع من النقود القديمة من الفضة.
- المحصور: فستان أحمر اللون مزين عند اليدين بخطوط حريرية لامعة.
- بطانية: لحاف من الصوف.
- أنظر صورة منزل برنوسي. )انظر الملحق,الوثيقة3(
-ا سريكح احميدة (رواية شفوية)
- هذه العادة مستحدثة عند القبيلة إذ أن الخطيب كان لا يلتقي بخطيبته إلا عند يوم الدخلة.
- نفس العادة عند أهل فاس، فاس قبل الحماية، ص 729.
- الزواج عند العرب، عبد السلام الترمانيني، عالم المعرفة ص 153 العدد 80، 1981
- كان يبرم هذا العقد حتى بداية الاستعمار من قبل الولين ولا يوجد حضور للخطيب أو الخطيبة.
- طبق مصنوع من الدوم يصل قطره إلى متر واحد.
- هذه العمامة هي التي سوف تتخذ اسم "الدرا" ليلة الدخلة.
- كان يبرم هذا العقد حتى بداية الاستعمار من قبل الولين ولا يوجد حضور للخطيب أو الخطيبة.
- طبق مصنوع من الدوم يصل قطره إلى متر واحد.
- هذه العمامة هي التي سوف تتخذ اسم "الدرا" ليلة الدخلة.
- النهيري علال (رواية شفوية)
- السوسدي: يتكون من لباس: سفلي غليظ، والثاني شفاف، وهو ما يسمى اليوم "التكشيطة".
- السياحة التاريخية في تازة، مرجع سابق، ص 96.
- الزواج عند العرب، مرجع سابق ، ص 220.
- نفس المرج السابق ص 220.
- النهيري، علال (رواية شفوية).
- السياحة التاريخية في تازة، مرجع سابق ص95.
- نفسه، ص 99.
- النهيري علال (رواية شفوية).
- "الدرا": ثوب مطلي بدم البكارة.
- العجزالجنسي الجزئي.
-------------------------------------------------------------------------------------------
المقتطف الاخر من البحث سيكون حول الحياة الثقافية البرنوسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.