في إطار الإصلاحات الجذرية التي تعرفها الطريق الساحلية الرابطة بين مدينتي السعيدية و طنجة لا يسع المرء إلا أن يبارك هاته الجهود الرامية إلى تقليص مسافات طوال وتنمية الشريط الساحلي تنمية شمولية، غير أن هذه الإصلاحات والمسافات المقلصة، لا تعفي من وجود وسائل نقل بحرية أو جوية كما كان معهودا في عهد الاستعمار وبعده. فمعظم الناس الذين عاشوا فترة الاستعمار الاسباني يتذكرون تلك البواخر والسفن السريعة التي كانت تقلهم من مدينة الحسيمة نحو تطوان وسبتة في ظرف لم يتعد ساعة واحدة فقط. وبعد الاستعمار وتحديدا في بداية فترة التسعينيات كانت تستعمل طائرة صغيرة لنقل الركاب بين الحسيمةوتطوان نظرا للروابط التاريخية المتينة التي تجمع المدينيتن، وبسعر لا يتعدى 450 درهما ذهابا وإيابا وفي وقت زمني لايفوق 30 دقيقة، وقد كان عدد الركاب الذين تقلهم الطائرة إذاك أربعون راكبا. لكن مع نهاية فترة التسعينيات انقطع فجأة الخط الجوي لهاته الطائرة في صمت رهيب، وبقي الناس في حيرة من أمرهم يتجرعون الأسى والحسرة على هذا الخط الجوي الذي كان يسهل ويذلل مختلف الصعوبات التي عجزت عنها باقي وسائل النقل والمواصلات الأخرى. فلماذا إذن يتم التركيز على وسيلة النقل البرية لوحدها ونحن نعيش في عصر الصواريخ، مع العلم أن باقي الوسائل الأخرى أثبتت نجاعها ونجاحها؟ أم أن هناك أسباب أخرى قد تكون أمنية تحول دون استفادة المواطن من حقه المشروع في اختيار مختلف وسائل النقل المتاحة سواء كانت برية أو بحرية أو جوية؟ أكيد أن هذا الحلم ليس صعب المنال كونه كان متوفرا إلى أمد قريب ولايكلف ماتكلفه الصواريخ والغواصات التي تتخذها الدول المتقدمة وسيلة لقضاء مآربها بل وعلى وشك أن تتجاوزها إلى ماهو أفضل ويليق بكرامة المواطن التي هي فوق كل اعتبار.