مع تصاعد وتيرة التهديد الأمريكي الاسرائيلي لطهران بسبب الملف النووي الإيراني؛ انشغلت بعض مراكز الدراسات الاستراتيجية العالمية بالحديث عن إمكانيات الجمهورية الايرانية الاسلامية من الناحية العسكرية مع كشف جوانب الضعف والقوة فيها. وفي نظرة الى المعطيات المتاحة عن حجم وقدرات القوات المسلحة الإيرانية يتبين ان الإيرانيين قد تمكنوا منذ انتهاء الحرب الايرانية العراقية عام 1998 من تحقيق انجازات في مجال الصناعات الحربية إذ تشير إحدى الدراسات العسكرية الأمريكية التي صدرت عام 2004 من تراجع كبير في استيراد ايران للأسلحة من 3 مليارات دولار عام 1989 الى 850 مليون دولار عام 1997 وهو ما أكده وزير الدفاع الإيراني غير مرة بقوله (إن ايران وصلت الى مرحلة الاكتفاء الذاتي على صعيد حاجاتها القتالية، وباتت تتمتع بإمكانات فريدة في مجال الحرب الالكترونية ومقدرات دفاعية كاملة في المنطقة، لاسيما في مجال انتاج مختلف أنواع الصواريخ وعلى رأسها صاروخ شهاب 3)، كما أن القوات البرية للجيش والحرس، استطاعت من رفع قدراتها الدفاعية والهجومية. وحسب مركز واشنطن لدراسات الشرق الأدنى الذي قام بدراسة عن القدرات الجوية الايرانية تم التطرق فيها الى إطلاق أول قمر صناعي إيراني، وإعلان روسيا بيع 29 صاروخا أرض جو (قصير المدى)، طراز Tor-MI، بتكلفة 700 مليون دولار، الى إيران. وتشير المصادر أنه وما بين العامين 1996 1998 فقط، سعت ايران الى تدعيم قوتها العسكرية على غرار غيرها من الدول عبر الخارج من خلال صفقات فاقت 12 ملاير دولار، ستة منها مع روسيا تضمنت شراء 12 قاذفة استراتيجية ثقيلة و 34 مقاتلة هجومية استراتيجية بعيدة المدى من طراز (سوخوي 27) و 48 مقاتلة (ميغ 31) و 34 مقاتلة (ميغ 17) وطائرتي رصد وانذار مبكر من ذاتية الدفع عيار (52 122 ملم) ووحدات صاروخية متعددة الفوهات عيار (220 و 122 ملم) وصواريخ للردع وأخرى مضادة للطائرات من طراز) سام 5 وسام 11 وسام 13) و 3 غواصات هجومية، وشبكة متطورة للدفاع الجوي من طراز (سي (300 ومروحيات حربية من طراز (إم إي 7) بينما شملت صفقة مع الصين 100 مقاتلة (إف 7)، مقاتلات (سوخوي 24) فيما ضمت صفقة مع كوريا الشمالية بقيمة مليارين ونصف الميار دولار قواعد صاروخية متطورة بحرية يبلغ مداها 600 كلم. القوات البرية: وتضم 260 الف جندي في 4 فرق مدرعة تضم 3 ألوية مدرعة ولواء ميكانيكيا و 4 5 كتائب مدفعية، و 6 فرق مشاة و 4 ألوية مشاة، فرقة صاعقة، فرقة قوات خاصة، لواء محمول جوا، ألوية مدرعة مستقلة ومشاة ميكانيكية ومجموعات مدفعية، وتمثل دبابات القتال الرئيسية فيها (من. بي. تي) ومنها (ت 54 / 55 / 62 / 72) وأنواع أخرى مع مئات العربات المدرعة و 1950 قطعة مدفعية مجرورة و 290 قطعة مدفعية ذاتية الحركة و 66 مدفعية صاروخية و 1700 مدفع مضاد الطائرات. القوات الجوية: تضم 45 الف عنصر، 291 مقاتلة موزعة على 9 أسراب مقاتلة، 4 أسراب مسلحة ب 66 طائرة (ف 4)، 5 أسراب مسلحة ب 60 طائرة (اف 15) وسرب مسلح ب 24 طائرة (سوخوي 4) و 7 طائرات سوخوي 25 إضافة الى سبعة أسراب مقاتلة منها: سربان مسلحان بنحو 60 طائرة (اف 14 (وسرب مسلح بنحو 24 طائرة (اف 7) وسربان مسلحان ب 30 طائرة (ميغ 29 ايه). وتنقسم القوات الجوية الايرانية فيما بين «القوات الجوية الايرانية للجمهورية الاسلامية «IRIAF من جهة و » القوات الجوية للحرس الثوري الإسلامي «IRGCAF من جهة أخرى. وتتميز الأولى بكونها أكثر قدرة واتساعا، ويتلخص دورها الأساسي في الدفاع عن إيران وحمايتها من الأعداء الخارجيين، وقد يشتمل ذلك «الدور الدفاعي» على مهام هجومية طويلة المدى. وحسب مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية فإن القوات الجوية الإيرانية قامت بتجهيز وإدارة وتشغيل الأسلحة الجوية الآتية: 1- حوالي 220 طائرة مقاتلة ومستعدة للحرب، من شتى الأنواع والأصناف. Tomcats, Phantoms, Tigers, Mirage.: 2 حوالي 15 طائرة استطلاعية واستكشافية. 100 طائرة للتدريب نوع Simorghs, Bonanza/Parastoons 4 حوالي 45 طائرة نقل وتموين نوع Boeing, Hercules, Fokker, Friendships 5 حوالي 35 طائرة هليوكوبتر للبحث والإنقاذ. 4 - 6 طائرات Orions مراقبة للخليجين العربي والعماني. 7 وحدة مجهزة بصاروخ أرض - أرض (صاروخ «زلزال» على مدى 300 كيلومتر تقريبا. وتشير المعطيات إلى أن «القوات الجوية الإيرانية» لديها اليوم كم كبير من الإمدادات العسكرية المختلفة والمتوفرة مثل: قنابل «ذكية» أي موجهة، قنابل «غير ذكية»، صواريخ جو جو مثل «فاطر» و«سجيل»، صواريخ جو - أرض، مثل «قدر» و«ستار»، وهي كلها موجهة بالليزر. بل إن «القوات الجوية الإيرانية» قد بدأت بالفعل في خط إنتاج الطائرات. وليست طائرة Tazarve التدريبية وطائرة Saegheh المقاتلة إلا مثلين واضحين عن ذلك. إلا أن خبراء عسكريون يرون أن إيران مازالت تخطو خطواتها الأولى في هذا المجال، فما زال أمامها الكثير من الوقت والجهد لتدشين قاعدة صناعية «محترمة». أما بالنسبة «للقوات الجوية للحرس الثوري الإسلامي»، فقد قامت بتطوير قاعدتها التقنية من خلال تركيز معظم قدراتها وإمكاناتها في «شركة بارس للخدمات الجوية» التي باتت مسؤولة عن حفظ الأسطول المقاتل الخاص ب «القوات الجوية للحرس الثوري الإسلامي»، وكذلك عن توفير الخدمات للخطوط الجوية الداخلية التي تشغل 17 طائرة ركاب من طراز Tupolev Tu 154 إلا أنه على الرغم من كل ذلك، فإن إيران مازالت تواجه مشاكل حقيقية بسبب أسطولها الجوي «العتيق»، وهو ما تجلى عبر كوارث جوية عديدة في أثناء العقد الأخير. وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها ايران في تحديث وتقوية اسطولها الجوي الا انه وباعتراف العسكر الايرانيين أنفسهم الذي يرون أن القوات الجوية الإيرانية ليس في وسعها أو في مقدورها التصدي لغزو أي دولة كبرى، مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية. ولذلك، قررت إيران تركيز جهودها في الاستفادة القصوى من قدراتها وإمكاناتها المحدودة، من خلال: تمويل حروب غير متكافئة وغير تقليدية من خلال إيجاد ميليشيا شعبية واسعة مثل «الباسيدج». والحصول على أقمار استطلاعية وأنظمة صواريخية باليستية قصيرة ومتوسطة المدى مع تطوير القدرات للقيام بعمليات مستمرة ليلا ونهارا - من خلال الحصول على معدات وتجهيزات التبصر الليلي. القوات البحرية: وتضم حوالي 18 ألف عنصر 2600 منهم من مشاة الاسطول، و3 غواصات من نوع كيلو حصلت عليها ايران من روسيا، و3 تشكيلات بحرية و3 فرقاطات و63 قطعة بحرية دورية ودفاع ساحلي و5 كاسحات الغام وعددا من سفن الالغام. الرهان الايراني على الأسلحة غير التقليدية: تشير معظم مراكز الدراسات الاستراتيجية والمهتمة بالقضايا العسكرية والحربية على ان لدى ايران قدرة عسكرية كبيرة ولكنها لازالت تعاني من اشكاليات في اسطولها الجوي والبحري نظرا لقدم المعدات العسكرية فيها، وثمة تصاعد يجده المراقبون في قدرات إيران الصاروخية والجوية والفضائية، إلا أن ذلك لم يلغ الطموحات الإيرانية لامتلاكها رادعاً قوياً للرد على أي عدوان تتعرض له سيما من اسرائيل أو الولاياتالمتحدة، ولذلك راحت المؤسسة العسكرية الايرانية تتجه نحو امتلاك منظومة من الصواريخ البالستية وحسب بعض المصادر تؤكد على امتلاك إيران لأسلحة دمار شامل وذلك لسد النقص في قدراتها العسكرية والردعية، وكما هو معروف فقد عانت ايران من وابل من الصواريخ البالستية العراقية في فترة الحرب الإيرانية العراقية 1988-1980، ولذلك نمت عندها الرغبة بامتلاك خيار استخدام الصواريخ البالستية الأكثر كفاءة من سلاح الجو الايراني لاختراق الأجواء المعادية وايصال الرؤوس الحربية المزودة بأسلحة تقليدية وأسلحة دمار شامل. ففي يوليو عام 2003 أجرت طهران تجارب ناجحة على الصاروخ شهاب 3 الذي وكما تشير المصادر أنه طور ليصل مداه الى أكثر من 1000 كلم، ويعتقد أن لديها عددا غير محدد من صواريخ شهاب الجاهزة، وترتكز تقنية هذا الصاروخ على الصاروخ الكوري الشمالي نو دونغ 1 الذي يمكنه نقل رأس حربي زنته 800 كلغ. وقد أجرت إيران في الأيام الأخيرة وللمرة الأولى تجربة على صاروخ يصل مداه إلى 2000 كلم وهو شهاب 4 الذي يرتكز على التكنولوجيا الروسية ولم يتأخر وزير الدفاع الإيراني الأميرال علي شمخاني عقب إجراء التجربة عن التأكيد على نجاحها 100%. وأشار المسؤول الى أنه تم استخدام الوقود الصلب في هذا الصاروخ وليس السائل. وكذلك تعمل إيران على تطوير صاروخ شهاب 5 الذي يصل مداه 5000 كلم، وحسب المصادر فإن هذه الصواريخ تعطي فائدة عسكرية دقيقة لايران نتيجة دقتها كما أعلنت ذلك مصادر عسكرية إيرانية وأنها قادرة على حمل رؤوس أسلحة دمار شامل. وعلى ما يبدو يريد رجال الدين في إيران امتلاك اسلحة نووية لكي يعوضوا النقص في قواتهم التقليدية لردع الاخطار المحتملة وتعزيز أمن نظامهم وتعزيز مكان دولتهم كقوة اقليمية كبرى في المنطقة، وجاءت التجارب التي تقوم بها طهران على منظومتها الصاروخية لتثير الشكوك لدى المجموعة الدولية حول طبيعة النشاطات العسكرية الإيرانية لاسيما النووية منها. ويرى كثير من المراقبين أن إيران تسعى إلى أن تكون قوة كبرى في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي يثير مخاوف إسرائيل التي تتابع عن كثب التطورات الإيرانية في المجال النووي. وقد تعلم الإيرانيون ان الطريق المؤدي الى الأسلحة النووية ينبغي أن يكتنفه الغموض فقد حصل الاسرائيليون والباكستانيون والكوريون الشماليون والهنود على اسلحة نووية بشكل سري ولهذا السبب يعلن الايرانيون باستمرار أن سعيهم لامتلاك الطاقة النووية فقط لأغراض سلمية مدنية. مركز القدس للدراسات السياسية