باسم الله و الصلاة على رسول الله التناقض مجموعة من السلوكيات والمواقف متعارضة مع بعضها البعض من نفس الشخص أو الحكومات أو الجمعيات أو غيرها، غير أن هناك تفاوت بين تناقض وتناقض حسب الأخلاق وما يؤمن به الشخص أو الحكومات أو المجتمعات. يُعرف بعض الناس بكرمهم وسخائهم إلا أن فيهم في نفس الوقت صفة البخل عند بعض الحالات فتجد يده مغلولة في الإنفاق. ويؤمن العالم بالعدل، وتطالب به جميع الحكومات و الهيئات و الأشخاص، إلا أنهم قد يكونون في نفس الوقت ظالمين ومتسلطين، كمثال حكومة ميانمار تؤمن بالعدل بين البوذيين و ظالمة لمسلمي البلاد، قتل وتشريد وحرق لمجرد أنهم مسلمون. والجميع يطالب بالحرية ويجعلونها شعارا لبلدانهم بل يقدسونها، إلا أنهم قد يكونون في نفس الوقت مقيدين بتقاليد وأعراف تقيد حرية غيرهم وهذا نراه في جل الدول إن لم نقل كلها. لذا تسعى الدول الغربية و التي تسمى بالعظمى دائما إلى تحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية ولو على حساب حقوق الإنسان في بلدان الدول العالم الثالث، فمثلا لا تناهض حكاما مستبدين في أمريكا الجنوبية وشرق آسيا وبعض الدول العربية من أجل البترول والغاز وما شبههما. دعم الدول الغربية الأنظمة القمعية الديكتاتورية وذلك لمصالحها السياسية والاقتصادية. فعلى سبيل المثال، دعم الولاياتالمتحدة و أوروبا نظام مصر العسكري، رغم انتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان وقتله لعدد كبير من المواطنين وسجنه لعدد كبير من الأشخاص دون محاكمة فتناقض الغرب في قضايا حقوق الإنسان أصبح جليا ظاهرا كسطوع الشمس في سماء صافية، فمجموعة من المواقف والسلوكيات تتعارض مع القيم والمبادئ التي تنادي بها الدول الغربية في مجال حقوق الإنسان لا تُطبق إلا عند حاجته لها. ولا يُعد تناقض الغرب في قضايا حقوق الإنسان ظاهرة جديدة، بل أشار إليه العديد من المفكرين والكتاب منذ القدم. ومن الأمثلة على ذلك قول الكاتب الفرنسي فولتير: "إن الدول الديمقراطية تدعي أنها تدافع عن حقوق الإنسان، إلا أنها تمارس الظلم بحق شعبها وشعب الدول الأخرى." ويقول الكاتب الأمريكي توماس جيفرسون: "إن هناك تناقضًا دائمًا بين ما ندعيه وما نفعله." ويرى البعض أن تناقض الغرب في قضايا حقوق الإنسان هو أمر غير مقبول، حيث يُعد انتهاكًا للقيم والمبادئ التي تنادي بها هذه الدول و المواثيق الدولية. ويعتقد البعض الآخر أن هذا التناقض هو أمر طبيعي، حيث يعكس المصالح والأهداف المختلفة للدول الغربية. يبقى السؤال هل الدول الغربية يمكن أن تصل درجة السماح إلى سفك الدماء وقتل الاطفال والشيوخ والنساء والمدنيين من أجل المصلحة الذاتية؟ الجواب؛ نعم، وهذا ما نراه اليوم بين الحربين الجاريتين في شرق أوربا والشرق الأوسط. فدول الغرب تؤيد الكيان الصهيوني لقتل الفلسطينيين المحتلة أرضهم بل وتطهير عرقهم بالكامل ولا يكترث لما تفعل إسرائيل في غزة، لكن العكس يجري في حرب روسيا على أوكرانيا، فالغرب نفذ عقوبات متتالية على روسيا، ويساعد أوكرانيا بكل الوسائل ماديا و عسكريا ومعنويا . فالغرب المنافق المتناقض في القرارات و التعاملات لا لشيء سوى للمصلحة الذاتية، منذ عقد من الزمن ونحن نسمع بحرق وقتل وطرد وتشريد مسلمي الهند و بورما و ميانمار، فهل سمعنا تنديدا أو استنكارا من دول الغرب المسيحي المعادي للمسلمين لما يجري لهؤلاء المستضعفين؟ أو طلب وقف التعسف الجاري عليهم؟ وحتى لا نكون ناكري الجميل ففي بعض الدول الغربية هناك بعض الأحزاب اليسارية وبعض المنظمات الغير الحكومية ترفع صوتها تارة وتسكت تارة في بعض قضايا الظلم ضد الشعوب المقهورة ولا يستثنون العرب والمسلمين. وسيبقى الغرب يتناقض في مواقفه في قضايا العرب المهزومين نفسيا والمسلمين إلى أن يستفيق العرب من سباتهم العميق.