سنعمد في آخر مبحث لنا في هذا المقال إلى تقديم قراءة في صور لنساء تطوانيات عابدات لنستجلي حياتهن الروحية والسلوكية ونقف عند دلالات الكلمات والعبارات من خلال نصوص بعينها، رغم قصر فقراتها وندرة المعلومات الواردة فيها، وذلك لاستكناه صور للولاية والصلاح لهؤلاء النساء، وقد اقتصرت في هذا الصدد على ثلاثة نماذج من نساء تطوان للدراسة والتحليل، وإلا فالتاريخ زاخر بأسماء نسائية كما ذكرها ابن عزوز حكيم في كتبه، وتوخيت في ذلك التنوع والاختلاف، ولعل هذا من شأنه أن يسعف القارئ في الكشف عن الصورة الحقيقة للمرأة التطوانية العابدة، ويقدم له نظرة حول صلاح وولاية نساء تطاوين فيها الكثير من العمق والغنى. 1. السيدة المفضلة الريسونية: «فأما سيدتنا المفضلة، فولدت في حدود عام 1913 م. وأمها السيدة فامة راغونة. وكانت من الصالحات القانتات، مجابة الدعاء، عاكفة على العبادة والذكر. وتزوجت سيدي عبد الكريم، جد سيدي علال ابن عبد الكريم، عاشت نحو 103 سنة. ولم تأنس إلا بالله وحده، إلى أن توفيت في حدود عام 1316ه، ودفنت بزاوية تطوان. رحمها الله، ورضي عنها.»، هكذا يحكي لنا أحمد الرهوني عن نموذج آخر من عابدات تطوان «السيدة مفضلة الريسونية»، واحدة ممن طبعن تاريخ القنوت والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى في مدينتنا. ورغم الفقرة القصيرة التي كتبت عنها إلا أننا نستطيع أن نقرأ فيها الكثير من المعاني والدلالات. فقد نعت الرهوني هذه السيدة بأوصاف عدة منها: القانتة والعابدة والصالحة والذاكرة، إلا أن الوصف الذي يجلب انتباهنا في هذه الفقرة هو «مجابة الدعاء». ولعل الرهوني بذلك يختزل أوصافا أخرى لهذه السيدة فلم يشأ أن يذكرها مباشرة. والدليل على ذلك أن لاستجابة الدعاء عند الله تعالى شروطا منها: الإخلاص، وحسن الظن بالله، وحضور القلب معه في السراء والضراء، وغيرها من الشروط التي تحقق الاستجابة الإلهية. لذلك نستطيع أن نقول إن هذه السيدة كانت من أقوى النماذج المتقربة إلى الله سبحانه وتعالى، ومن أخلص العباد الذين وهبوا أنفسهم وكل حياتهم الله، فلم يكن لهم طلب غيره عز وجل. عنوان الكتاب: المرأة التطوانية وإسهامها في البناء الحضاري والمعرفي الكاتب: كتاب جماعي الناشر: مركز فاطمة الفهرية للأبحاث والدراسات (مفاد) بريس تطوان يتبع..