عُلق قلب الشيخ ببيت الله الحرام؛ فكان إذا تعب واحتاج إلى استراحة الروح تاقت نفسه لزيارة ذلك المقام، وكيف لا ودعاء نبي الله إبراهيم فيه ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ (إبراهيم: 37) وكم حدثناه عن كبر سنه وشدائد الازدحام هناك فكان يحدثنا عما يجده من السكينة والطمأنينة، وفي موسم كل حج وعمرة كانت نفسه تهوى البيت الحرام فيرحل زائرا مبتغيا من الله الفضل والرضوان، ونافعا الناس وعظا وتذكيرا وإرشادا، وكم هو الحبور والسرور ونضرة النعيم في الوجوه حين يعلم الحاج والمعتمر أنه سيرافق الشيخ في رحلته وسينعم بتوجيهه وإرشاده فينشط الرفقاء للمسير، ولأخلائه في الديار المقدسة قصص بالغة التأثير. وكانت أشد عمرة على الشيخ تلك التي فقد فيها زوجته، حيث رافقته معتمرة وقدر الله وفاتها هنالك، وكم كان تأثر الشيخ بليغا وقلبه حزينا منكسرا على ذلك الفراق الذي ما فتئ يذكره باكيا متألما راضيا بقضاء الله وقدره مسلما أمره لربه. نقلا عن كتاب "وارفات الظلال فيما فاضت به القرائح من محاسن الشيخ العياشي أفيلال" سيرة ومسيرة حياة رجل بأمة