عُرف الشيخ بخطبه البليغة المؤثرة، كان ذا قلب خاشع من خشية الله مبلغا ذكر الله وما نزل من الحق يؤم الناس خطبه الرشيقة كل جمعة للانتفاع بقوله متأثرين بسمته وبليغ قوله، كان بكّاء على المنبر، يقول الحق ولا يخشى لومة لائم. وقد كان فصيح اللسان يجمع في خطبه بين الاستدلال بالقرآن والسنة النبوية وتوظيف الشعر والحكم والطرائف، يقود الكلام في الموضوع الذي يريد بألين زمام. زكى بخطبه القلوب العليلة، وشحذ بمواعظه الأذهان الكليلة، وأيقظ الغافل من غفلته، وسلك طريقا ملك فيه عنان الخطابة، لا تناله حبسة، ولا تغلبه لكنة، ولا تعترض لسانه عقدة، تزين مدامعه جواهر أقواله وتأنس النفس بعرائس أفكاره، تصدق أفعاله أقواله، وكم عين بمسجد "عمر بن الخطاب"[1] أبكاها، وكم ملأت جنبات المسجد آهات المصلين وعبرات الخاشعين. ضاق المسجد مرارا بالركّع الذي يأتون من مختلف فجاج تطوان للإنصات لخطبه، فكان المسجد وملحقاته والأزقة من حوله تكتظ بالمصلين، وصوته يصدع بالحق موجها وناصحا أمينا، ما ضعف وما استكان مرة في سبيل الدعوة وطلب الحق، كان حريصا على أداء خطبة كل جمعة بنفسه، وإن غاب فلسفر أو غلبه حابس، كان مثالا لمن يقدر المنبر حق قدره، وكم مرة حدثنا أن الواقف على المنبر قائم مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم. نقلا عن كتاب: "وارفات الظلال فيما فاضت به القرائح من محاسن الشيخ العياشي أفيلال" سيرة ومسيرة حياة رجل بأمة للمؤلف الدكتور عبدالكريم القلالي
[1] اسم المسجد الذي كان يخطب فيه الشيخ إلى أن توفاه الله.