بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خير المرسلين
نعيش هذه الأيام المباركة ككل سنة حين يطل علينا رمضان شهر القرآن والغفران و نحن في أشد الحاجة إلى التذكير و الخروج من الغفلة التي تطالنا بمرور الأيام، غير أننا نصطدم بسلوكيات تطفو على السطح غير التي يجب أن يتحلى بها المسلم عادة والصائم خاصة. رمضان شهر الصيام الذي هو لغة الإمساك عن الشيء، سواء كان أكلاً، أو شراباً، أو كلاماً، أو شهوة...، أما اصطلاحاً فيُعرّف بأنه الامتناع عن الأكل والشراب وكل ما يعد من المفطرات، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، و الصائم عليه أن يتحلى بالصبر، والأخلاق الرفيعة و لايقترب من الرفث ولا الفسوق و لا الخصام، وإن رأى ما لا يحبذ فليقل : "إني صائم " تذكيرا لنفسه ليبتعد عن كل ذنب ومكروه. إلاّ أننا و في أيامه الأولى نصادف شجارا أو أكثر بين الناس، و قد يصل لا قدر الله إلى المشادة باليد والقتل كما وقع في رمضان الماضي وفي أيامه الأولى بتطوان وكذا طنجة، ويسمون هذا ب " الترمضينة " وكأن رمضان مخصص للخصام و المشاجرات، و هذا سلوك غير مقبول لمن هو في عبادة طيلة النهار.
كما يوجد نوع من التجار ينتظرون رمضان لاحتكار بعض المواد الاستهلاكية التي يحتاجها الناس، وكأن رمضان مخصص لهذا السلوك المشين الذي يمقته الله ورسوله و الناس أجمعين. ثم نجد من الإناث من تتحلى عن اللباس العاري و ترتدي الحجاب أو على أقل تقدير لباس محتشم، احتراما للصائمين، وتنسى أو تتناسى أن الحجاب مفروض عليها طيلة العام وليس في رمضان فقط، و هذه الأخت هي أفضل ممن تبقى على لباسها العري خاصة ونحن في موسم حار ، فتجد من لا ترتدي سوى رقيعات خفيفة و شفافة و محددة للمفاتن لا تبالي لا بتعاليم الدين ولا بمشاعر المسلمين. أما شاربو الخمر فأمرهم عجيب، إذ يتخلون عن شربه قبل حلول شهر رمضان بأربعين ليلة و يعودون له يوم العيد، و كأن الشارع حرمه في رمضان وقبله بأيام معدودات. غير أن المقامرين فلذة سهرهم تكمن و تزدهر في ليالي رمضان يواصلون المراهنات و ينتظرون الحظ طيلة ليلتهم، و هناك من يسهر على لعب الورق مثلا ليحصل على كأس شاي مجاني إن ربح خصمه في اللعب ظنا منه أن هذا شيء بسيط لا يدخل في المقامرة. وهناك أشخاص لا يمكن لأحد أن ينفي عنه إسلامهم، لكنهم لا يؤدون صلاتهم المفروضة طيلة العام، وعند حلول رمضان يسارعون إلى المساجد ويصلون الفرائض كما النوافل، لكن صلاتهم تتوقف من جديد بحلول شهر شوال ، وكأن الصلاة مفروضة في شهر رمضان فقط. كما نجد سلوكا آخر عند بعض الشباب، إذ يضل الليل ساهرا حتى وقت السحور وبعد تناوله طعام السحور يذهب للنوم دون صلاة الفجر ويضل نائما حتى بعد العصر، وعند استيقاظه يصلي كل الصلوات وبسرعة البرق كما ينقر الدجاج الأرض للبحث عن طعامه .
كما أن المساجد تملأ عن آخرها في كل الصلوات في شهر رمضان حتى الفجر، و هذا هو المطلوب في كل أيام الله وليس في أيام رمضان فقط. و ربما هناك أشياء وسلوكيات لم أنتبه إليها و قد تكون من غرائب ما يقع في رمضان ،لذا أتساءل، أليس أمرنا غريب مع رمضان ؟ ختاما أسأل الله أن يتقبل منكم الصيام والقيام و أن يجعلكم من عتقاء هذا الشهر المبارك .