في إطار سبرنا لأغوار ما كان يسمى بالعمليات الجهادية البحرية ضد السفن التجارية البرتغالية والإسبانية، حيث كان هذا النشاط العسكري ، تجارة مدرة للدخل في عهد أسطول إمارة الرواشد بشمال المغرب، توصلنا إلى وجود شقيقين بمرسى واد مرتيل، اسمهما العائلي "خيرون"، كانا أشهر من نار على علم في مضمار عمليات القرصنة البحرية. وفي هذا الصدد تؤكد المصادر التاريخية البرتغالية أنه بعد أن تم تعيين خال الست الحرة "مارتين فرنانديز" والذي تطلق عليه المصادر العربية الاسلامية اسم "علي فرنانديز العليم " قائدا على أسطول مرسى وادي مرتيل ،عرف هذا الميناء حركية اقتصادية قوية حيث كانت سفن القراصنة تحج إليه من كل حدب وصوب، محملة بمآت الأسرى الأوروبيين، الذين كان يتم وضعهم في مطمورات بسجن المطامر بتطوان، في انتظار دفع ذويهم أو ملوكهم فدية، مقابل اطلاق سراحهم. وفي هذا السياق يقول المؤرخ "عزوز حكيم" أنه في سنة 1520 أغارت سفينة من أسطول مرسى "وادي مرتين" على سفينة برتغالية كانت راسية بميناء طنجة ،حيث تمكن المهاجمون من أسر ستة من ركابها ،أنزلولهم بداية بميناء العرائش خوفا من مطاردة مدافع الأرمادا، ومن هناك تم ترحيلهم الى سجن "المطامر" بمدينة تطوان. وبالعودة إلى أنشطة الأخوين القرصانان، اللذان كانا يتخذان من ميناء مرتيل قاعدة لشن هجماتهما البحرية، فقد أكدت المصادر البرتغالية أن الشقيقان "خيرون" كانا يهجمان في البداية على مدينة سبتة لسرقة حمولة وطاقم السفن التجارية الراسية بمرفأها. بعد ذلك توسع نطاق هجمات الأخوين ليشمل ميناء مدينة القصر الصغير ومرسى جبل طارق،اضافة الى العديد من الموانئ والمدن الاسبانية المطلة على البحر ،وهكذا أصبحا هذان القرصانان يشكلان تهديدا خطيرا على أمن وسلامة السفن التجارية العابرة للبحرالأبيض المتوسط. ولم يتم وضع حد للتهديد المتصاعد للأخوين "خيرون" إلا خلال أحد أيام شهر ماي 1520 ،حين قاما كعادتهما بمحاولة الهجوم على ميناء مدينة سبتة ،لكن الحاكم البرتغالي حينذاك "كومي دا سلفا" أمر رجال البحرية البرتغالية بمطاردتهما مهما كلف الأمر من ثمن "فنشب قتال ضاري بين سفينة الأخوين خيرون وسفينتين من "الأرمادا" البرتغالية في عرض البحر، أسفر عن مقتل أحد الشقيقين "خيرون" وأسر بعض البحارة الذين كانوا على متن سفينة القراصنة تقول المصادر التاريخية البرتغالية. يذكر أنه رغم هذه النهاية المأساوية للشقيقين "خيرون"، إلا أن أعمال القرصنة ازدهرت من جديد في عهد الست الحرة "ملكة تطوان" فتحول مرسى "مرتين" قبلة لعتاة قراصنة العالم في ذلك الزمن، حيث كان يقصدونه لبيع الأسرى المسيحيين، للست الحرة، وعلى رأسهم القرصان الشهير خير الدين "بربروص" أو ما يعرف بصاحب "اللحية الشقراء" لدى المصادر الغربية وأخيه القرصان "عروج".