قصة "المطامر"مع ملكة بتطوان كلمة "المطامر" هي جمع مطمورة أو al mazmorras باللغة القشتالية ،وهذه الكلمة ذات الأصول العربية، وردت مرارا وتكرار في قصص أول كاتب للرواية في الأدب العالمي "سيرفانطيس "، صاحب رائعة "الدون كيشوت دي لا مانشا"، وتحيل الى سجون قاسية تشبه المغارات، كانت تتواجد بباطن الأرض بكل من مدن وهرانوتطوان. والمطمورة بصفة عامة هو ذلك المكان تحت أرضي والذي يمكن أن تخزن فيه بعض المواد الغذائية مثل القمح والشعير والذرة والقطنيات، وذلك حفاظا عليها من التلف ، لكن بمدينة تطوان فإن "المطامر" كانت تحيل مباشرة الى سجن تم بناءه تحت التجاويف الكلسية للمدينة ، بغرض استقبال الأسرى البرتغاليين والاسبان. واستنادا إلى المعطيات التاريخية فان "الست الحرة" لم تقم ببناء سجن المطامر شخصيا بل ورثته بعد أن آلت إليها مقاليد حكم مدينة تطوان ونواحيها غداة وفاة زوجها المنظري الثاني ابن القائد الغرناطي الشهير مؤسس مدينة تطوان. وكانت ملكة تطوان تحتفظ بأعداد كبيرة من السجناء "الإيبيريين" بسجن "المطامر" وقد اختلفت الروايات التاريخية بشأن أعدادهم، فابن الوزان صاحب كتاب "وصف افريقيا" قال ان أعدادهم كانت تصل إلى ثلاثة آلاف أسير ، في حين يرى بعض المؤرخين أن هذا الرقم جد مبالغ فيه ،حيث يرى المؤرخ التطواني عزوز حكيم أن هذا الرقم ما كان يتجاوز 300 أسير لكون الطاقة الاستيعابية للسجن لم تكن تسمح بغير ذلك. وبغض النظر عن اختلاف الروايات التاريخية حول الأعداد الحقيقية للأسرى الاسبان والبرتغاليين الذين كانوا يقبعون بسجن "المطامر" فإن الأكيد أن أعدادهم تزايدت في عهد ملكة "تطوان" الست الحرة للأسباب التالية:
السبب الأول ،دخول القرصان "فيديريكو بارباروصا" على الخط حيث كانت سفنه تجوب عباب البحر المتوسط من أجل مهاجمة السفن الاسبانية والبرتغالية وكانت ترسو بمرسى وادي مرتين، من أجل التزود بالقمح والشعير وغيرها من المواد، مقابل ترك أسرى اسبان وبرتغاليين للست الحرة ،والتي كانت تحتفظ بهم في سجن المطامر،في انتظار دفع الفدية من طرف ذويهم أو حكوماتهم لفك أسرهم . السبب الثاني ،هو أن الست الحرة كانت قد وضعت تحفظات على معاهدة الصداقة والسلم المغربية البرتغالية ،والتي كان الهدف المركزي منها القضاء على أنشطة القرصنة بغرب المتوسط ،حيث استماتت الست الحرة من أجل استثاء مرسى وادي مرتين من المعاهدة المذكورة لكي يحتفظ أسطولها وسفن حلفائها قراصنة أتراك الجزائر، بحرية الهجوم والاستيلاء على السفن الاسبانية والبرتغالية . يذكر أن القرصنة كانت نشاطا تجاريا مباحا بمقاييس ذلك العصر ويدر مداخيل مهمة وكانت "الست الحرة" أميرة الرواشد بشمال المغرب ،تجني مكاسب سياسية ومالية كبيرة جدا خلال مفاوضاتها مع المبعوثين الذين يتم ارسالهم من طرف ملوك اسبانيا والبرتغال الى مقر حكمها بتطوان،من أجل التفاوض على عملية اطلاق سراح هؤلاء الأسرى.