يقول الأستاذ دواود (130) أن المنظري الأول كان هو قائد الجهاد ضد البرتغاليين المحتلين لمدينة سبتة والقصر الصغير(131) وطنجة (132)، وهذ غير صحيح لأن أمر الجهاد بالناحية الشمالية الغربية كان بيد مولاي علي ابن راشد (133) بدليل أن المؤرخين البرتغاليين المعاصرين للأحداث، وهم أدرى بمن كان يحاربهم، ولم يدكروا ولو غزوة واحدة قام بتنظيمها سيدي المنظري وحده، بل بالعكس من ذلك نجدهم يتكلمون عنه كرجل ثان في جميع الغزوات التي كان يقوم بها مولاي علي ابن راشد ابتداء من سنة 900 (1495) لا قبلها. زد على هذا أن التواريخ البرتغالية لم تذكر أية غزوة قام بها المغاربة ضد القصر الصغير ولا ضد سبتة في المد المذكورة، بل إنها تذكر فقط الغزوات المنظمة ضد مدينتي أصيلا وطنجة من طرف أمير شفشاون. صحيح أن الأستاذ داود يقول أنه اعتمد في كلامه على ماجاء به ليون الإيفريقي (134) ولكن يجب أن نشير إلى أن المؤرخين المذكورين لم يقولا أن سيدي المنظري هو الذي كان ينظم الغزوات ضد أصيلا وطنجة، كما يجب إلى أن أول غزوة شارك فيها المنظري الأول كانت هي الغزوة المنظمة ضد أصيلا من طرف مولاي علي ابن راشد سنة 900 (1495) (136). هناك قضية وقعت فيها مبالغة، وهي عدد الأسرى البرتغاليين الذين كانوا بتطاون في عهد المنظري الأول، وفي هذا الصدد يقول الأستاذ داوود (137) أن سيدي المنظري كان يأسر الألوف من البرتغاليين في غزواته ضد المدن المحتلة من طرفهم لدرجة أنه كان لديه بمطامير تطاون نحز ثلاثة ألف أسير. إن الأستاذ داوود يعتمد في ذلك على ماجاء به ليون الإفريقي الذي كان أول من أكد أنه رأى أكثر من ثلاثة ألف أسير برتغالي بمطامير تطاون(138)، ولكننا نرى في ذلك مبالغة، فالبرتغال لم تكن لها في جميع المدن المحتلة بشمال المغرب حامية يصل عدد أفرادها إلى ثلاثة ألف رجل . زد على هذا أنه ليتمكن سيدي المنظري من أسر ثلاثة ألف برتغالي في حرب كانت بمثابة حرب العصابات، وفي مدة لاتفوق خمس سنوات (من سنة 900 إلى سنة 905- 1495-1500) كان عليه أن يتوفر على جيش عظيم لا على كتيبة تتكون من ثلاثمائة أو اربعمائة محارب(139) أضف إلى ذلك أن ليون الإفرقي يؤكد ان الثلاثة ألف أسير كانوا يحشدون ليلا في مطامير تطاون، والكل يعلم ان المطامير الوحيدة التي كانت تتوفر عليها المدينة هي المطامير الموجودة بالزنقة التي تحمل اسمها وهذه المطامير لا يمكن ان تتسع لأكثر من ثلاثمائة رجل. ومن هنا يتضح لنا أن الأمر يتعلق بخطأ وقع فيه ليون الإفريقي عند طبعه للكتاب بإيطاليا حيث أشير إلى 3000 أسير بدلا من 800 (139 مكرر) وإذا قال مارمول كاربخال هو الآخر ان عدد الأسرى كان ثلاثة ألف فيجب أن لا ننسى أن كتابه، كشف عام لافريقيا، ماهو إلا نسخة مشوهة لكتاب ليون كما سبق أن أثبتناه(140) وإذا جاء الناصري بنفس العدد (141) فذلك لأنه أخذه من المؤرخ الإسباني كاسطييانوس (142) ومن المعلوم أن هذا الأخير أخذه بدور عن مارمول كارباخال.