من الصعب جدا منح مفهوم دقيق لقبيلة "غمارة الكبرى"من الناحية المجالية والجغرافيا البشرية ،لأن نفوذ "غمارة" كان يتسع وينحسر حسب المراحل التاريخية، التي شهدتها هذه القبيلة العظيمة، والتي لا زالت لحد الآن تعتبر من أكبر قبائل شمال المغرب. وبالعودة الى أهم المؤرخين الذين تطرقوا لوصف قبيلة "غمارة" من "ابن خلدون" و"ابن عرضون "وصولا الى "التقي العلوي"وغيرهم ، نجد أن المجال الجغرافي لقبيلة "غمارة الكبرى" كان يمتد في بعض الأزمنة من حدود نهر ملوية شرقا، الى ضفاف بحر الظلمات غربا "التسمية القديمة للمحيط ألطلسي " ،وكانت تتسع جنوبا الى ماوراء الضفة الأخرى لنهر" ورغة" ،وصولا الى حدود امارة قبائل " البرغواطيين" جنوبا ،والذين تمت ابادتهم من طرف الجيوش العربية الاسلامية ،االتابعة للخليفة الأموي بدمشق ،بحجة أن "البرغواطيين" مجوس،وبناء عليه فلا حق لهم في الحياة . أما بخصوص العلاقة التي كانت تربط مولاي علي بن راشد بقبيلة "غمارة" فنجد أن مؤسس "امارة الرواشد" جعل منهم القوة الضاربة لجيشه برا وبحرا ، وذلك بفضل ما عرف عن أهلها من شجاعة واقدام في الحروب، بفضل خلفيتهم وتنشئتهم الجبلية ،التي جعلتهم يتحملون كل الصعاب وأهوال الحرب الضروس . من جهة ثانية اعتمد عليهم مولاي "علي بن راشد" في كل أمور العلوم الدينية والشرعية بسبب علو كعبهم في هذا المجال، حتى أنهم كانوا ينافسون علماء "فاس" وجامعة القيروان في بعض المجالات خاصة في قوة الذاكرة والدقة في الحفظ . وفي هذا الصدد توضح المصادر التاريخية أن ميزة أهل "غمارة" هو "أنهم لا يولعون بشئ من أمور الدنيا قدر اعتنائهم بتحصيل أكبر نصيب في شتى ضروب العلم والمعرفة ،ولا يتم تمجيد أو تعظيم الأسر عندهم و لا يعلو شأنها ،الا بما تستطيع أن تقدمه من العلماء والفقهاء والأدباء ،ولا أدل على ذلك ، من العدد الضخم لحفظة القرآن الكريم وعلومه ،علاوة على نبوغهم في فن الخط العربي الأصيل واتقانهم له حتى ذاع صيتهم في العديد من الأمصار ". وكانت قبائل "غمارة" في عهد مولاي علي بن راشد خلال حملاته العسكرية ضد الجيوش الاسبانية والبرتغالية يحملون أعلاما حمراء مربعة على شكل "سبنية" "غطاء رأس المرأة بلهجة أهل الجبل " ،مكتوب عليها عبارة الله أكبر،وذلك لتمييز جموعهم عن الفرق المعادية خلال الاشتباكات المسلحة . في نفس السياق كانت الحكومة المصغرة لمولاي علي بن راشد تضم في عضويتها أحد القامات العلمية لقبيلة "غمارة الكبرى"، ويتعلق الأمر بالعالم الورع، الفقيه الصوفي "علي بن ميمون الادريسي البوزراتي الغماري"، حيث كلفه الأمير مولاي علي بن راشد بشؤون العدل والقضاء . ملحوظة قبيلة غمارة الحالية هي تابعة اداريا لعمالة اقليمشفشاون ،وتضم تسع قبائل فرعية منها "بني خالد ،بني رزين ، بني سميح ،بني بوزرة ،بني جرير ،بني منصور ،بني زجل ، بني زيات ،بني سلمان ، ولم يعد التنافس بين العائلات الغمارية ينصب على انتاج العلماء والفقهاء ورجال المعرفة، بل أصبحت المنافسة على أشدها ،بين من يحرق أكبر قدر من الغابات وأشجارالأرز النادرة للزيادة في حجم المساحة المزروعة . ان هاجس الانسان "الغماري "حاليا هو الزيادة في حيازة أقصى عدد من "المطيرات " "تعني أرض صغيرة مخصصة لزراعة الكيف" ، كما أصبح يتنافس مع الأخرين، من خلال اظهار قدرته على جلب أشهر الفنانين والشيخات ،للمباهاة وحرق الأموال في أعراس التبذير، والتي تتزامن مع موسم حصاد النبتة الملعونة .