بقلم: المهدي الصالحي إلى نظيري في الإنسانية الملحد: نتفق أنا وأنت أن الحياة على هذه الأرض هي فرصة وحيدة تبتدئ عند الولادة وتنتهي عند الوفاة، ولا مجال لمن مات أن يطلب فرصة جديدة للحياة على الأرض ليستدرك ما فاته. بالنسبة لك -نظيري في الإنسانية- يجب أن نحيا هذه الحياة ونستمتع بها وبكل ملذاتها دون حدود وفي حرية مطلقة لأننا بعدها سنصبح أمواتاً وبعدها تراباً. بالنسبة لي فإن هذه الحياة هي عبور نحو حياة ثانية في الآخرة، ونحن مطالبون من خالق الموت والحياة بأوامر علينا القيام بها ونواه علينا اجتنابها، على أساس أننا محاسبون في الحياة الأخرى: إن أحسنا التطبيق فإلى جنات الخلد وإن أسأنا فإلى نار جهنم وبئس المصير. نظيري في الخلق، أفترض أنا (جدلاً) أن نظريتك صحيحة، (ضيعت حياتي) في القيام بالأوامر واجتناب النواهي، ثم جاء أجلي فمت… أصبحت تراباً، لا حساب ولا عقاب… ولا مشكلة. الآن، إفترض (جدلاً) أن ما قلته أنا صحيح، استمتعت أنت بالحياة كما تشاء وفعلت ما تريد بلا قيود أو ضوابط دينية، ثم جاء أجلك ومت، لكنك وجدت أن ما قلته أنا صحيح، حساب وعقاب ونار جهنم خالداً فيها! أليس المفروض أن نستعد لجميع الإحتمالات… إن سلمنا أن رأيي محتمل بنسبة 50 % ورأيك محتمل بنسبة ٪50، فإذاً هناك احتمالين لا ثالث لهما، أفلا يجدر بي الاستعداد لأسوأ الإحتمالات! فأحدهما قادم قائم لا محالة. هذا مع علمي ويقيني أن ما أقوله أنا هو الحق الذي اقتنعت به.