بقلم: علي كلوج رحل رمضان و رحل معه كل شيء، رحل الناس من المساجد إلى المقاهي و الملاهي و رحل المتسولون إلى حال سبيلهم بعد أن جمعوا ما يسد جوعهم و يشبع بطونهم طول السنة، رحل الفقهاء و أصحاب الدروس الدعوية، رحل أصحاب الحلال و الحرام. رحل التجار بالدين بعد أن جنوا ما يكفيهم، و رحل قراء القرآن الكريم عن هذا الكتاب المقدس بعد أن مسحوه و وضعوه في خزانة خاصة في إنتظار شهر رمضان السنة المقبلة. رحل رمضان ففكت قيود الشيطان فأصبح طليقا حرا يمشي بين الناس بحيث أصبح للإنسان عدوين نفسه التي بين جنبيه و الشيطان الذي تخلص منه طوال شهر رمضان. رحل رمضان و رحلت معه البركة، الرحمة، الأخوة، التعاطف بين البشر و الصدقة. يبدو هذا واضحا عند نهاية هذا الشهر الكريم حيث بدأ الصائمون الذين ينتسبون لدين الإسلام يدخلون أفواجا أفواجا إلى أماكن الدعارة و الملاهي لأنهم كانوا ينتطرون بفارغ الصبر إنقضاء هذا الشهر الكريم كي يطلقوا الحرية التامة لغرائزهم و ملذاتهم. في رمضان تجدهم يلبسون الجلبابة البيضاء و يقبلون على الصفوف الأولى في المسجد، ماشاء الله، تراهم و كأنهم ملائكة يمشون على الأرض، يسارعون إلى فعل الخيرات، و هذا عادة ما يكون رياء يريدون بذلك السمعة و رضى الناس عليهم، لكن ما إن ينتهي و ينقضي رمضان تجدهم يباشرون الله بالمعاصي جهرا و سرا. رحل رمضان، و يستمر الغش، المكر و الخداع دون أن يستفيد الصائم من رمضان شيئا، و تستمر النميمة، الخيانة، الكذب و كل الصفات المذمومة في المجتمع. و يستمر الناس في المعاصي و تستمر الحياة على أمل إنتظار رمضان السنة المقبلة ليتغير القوم و يتصالح مع ذاته ويستفيد من أخطاءه و يقيم أفعاله و أقواله، لكن لن يتغير بهذه الطريقة حتى و إن قضى أو صام مليون رمضان لأن كلمة ربي سبقت عليهم حيث قال تعالى : إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.