انتقد الشيخ عبد الحميد الزهي المرجع الديني للمسلمين السنة في إيران بشدة تصريحات المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، وتشبيهه لزعماء المعارضة في إيران بصحابيين جليلين من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهما طلحة والزبير رضي الله عنهما. وأعرب الشيخ عبد الحميد إمام وخطيب الجمعة لأهل السنة في مدينة زاهدان ورئيس جامعة دار العلوم، في تصريحات تلقت «الشرق الأوسط» نصها عبر البريد الإلكتروني، عن قلقه الشديد من تصريحات خامنئي في جلسة ذكرى وفاة مؤسس الثورة الخوميني. وقال: «لم يكن في متصور أهل السنة أن يستعمل قائد الثورة (خامنئي) الذي حذر مرات من الإساءة إلى المقدسات، مثل هذا التشبيه في خطابه، الذي أثار قلق أهل السنة والجماعة». وأضاف: «لقد جرت العادة، خاصة بعد الحوادث التي تلت الانتخابات الأخيرة، على تشبيه زعماء المعارضة بالصحابيين الجليلين طلحة والزبير رضي الله عنهما، من قبل بعض المسئولين». واستطرد قائلا: «وقد نبه علماء ونخب أهل السنة دائما بأن طلحة والزبير رضي الله عنهما من كبار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن السابقين الأولين الذين مدحهم الله في سورة التوبة المباركة، وكذلك هما من العشرة المبشرين بالجنة، الذين بشرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة في غير موضع، وإن أهل السنة يرون احتراما بالغا بالنسبة للصحابة بصفة عامة، والخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين بالجنة بصفة خاصة». ولفت الزهي إلى أنه بناء على هذا فمجتمع أهل السنة في العالم، الذين يشكلون أكثر من مليار من مسلمي العالم، يعتبرون مثل هذه التشبيهات إساءة إلى مقدساتهم ويحتجون عليها. وقال: «علينا أن نحافظ على حرمة جميع الصحابة وأهل البيت ونفوض اختلافاتهم إلى الله». ويتعرض أهل السنة في إيران لمضايقات سياسية وإعلامية، بالإضافة إلى حملات تضييق أمنية مستمرة ردا على محاولتهم الحصول على حقوقهم الأساسية. ومنعت السلطات الإيرانية أخيرا السنة المقيمين في بعض المناطق التي يعيشون فيها كأقليات، مثل محافظة كرمان ويزد وأصبهان وكاشان، من إقامة صلوات الجمعة والعيدين التي كانت تقام في البيوت في هذه المناطق. وأما في العاصمة الإيرانيةطهران نفسها، فأهل السنة مع كثرة عددهم، كانوا يقيمون الجمعة في مدرسة تابعة للسفارة الباكستانية، وذلك منذ بضع وثلاثين عاما، لكن تم تعطيل الجمعة فيها قبل عامين تقريبا. ويقول مسئول من أهل السنة في إيران ل«الشرق الأوسط»: إن منع الحكومة أهل السنة من إقامة صلاة الجماعة في الجامعات ومعسكرات الجيش من التصرفات المؤسفة، واعتبر أنها خطوة مغايرة تماما لما ورد في الدستور من الحرية التامة لأتباع المذاهب الفقهية من ممارسة شعائرهم الدينية حسب مذهبهم الفقهي. ولفت إلى أنه ليس هناك قرار رسمي أو نص في دستور البلاد لمنع أهل السنة من ممارسة عباداتهم وشعائرهم المذهبية، بل القرارات التي تتخذ لمنع أهل السنة في بعض المدن من إقامة الجمعة والعيدين والجماعة للصلوات المفروضات وغيرها من هذا النوع، ربما يتم تدوينها بشكل سري، وهي قرارات ليست مكتوبة أو معلَنة. وأضاف: «هناك في إيران مجموعة من القوانين التي تنفذ عمليا، وهي قوانين لم تدون بعد، بل ربما نجد عكسها في الدستور، ومن هذه القوانين نستطيع أن نشير إلى قضية تولي أهل السنة المناصب العامة، فمع مرور ثلاثين سنة من عمر هذه الثورة لم يُستَخدم شخص واحد من أهل السنة كوزير أو نائب وزير أو سفير أو رئيس لمحافظة. وإضافة إلى ذلك فنصيب أهل السنة في المناصب الإقليمية أيضا قليل جدا لا يليق بالذكر، رغم أنه ليس هناك نص في الدستور لمنع أهل السنة من توظيفهم في مثل هذه المناصب». وتابع: «تخلت القوات المسلحة عن وجود أهل السنة تماما، إلا المستخدمين لخدمة العلم (كل إيراني يجبر على خدمة العلم لمدة سنتين)، وهؤلاء، وكذلك أبناء السنة الذين يدرسون في الجامعات، يمنعون من إقامة الجماعة لتأدية الصلاة، ويقال لهم أن يؤدوا صلاتهم خلف الأئمة الشيعة، أو يؤدوها منفردين، وذلك لأنهم لا يتحملون الحضور المذهبي لأهل السنة، رغم أن عدد أهل السنة سواء في معسكرات الجيش أو المراكز الجامعية كبير يسترعي الانتباه». وفى تعليقه على رد فعل السنة قال المصدر، الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم تعريفه خشية التعرض لمضايقات أمنية إيرانية، إن رد فعل السنة على أي قرار ينفذ ضدهم ضعيف بالنظر إلى ما يعانونه من الخوف والقلق، مشيرا إلى أن القرار يستهدف دفع أهل السنة إلى العزلة والانزواء وتهميشهم. وأضاف: ويحاولون تهميش أهل السنة أو إذابتهم في المجتمع الشيعي فيفقد أهل السنة هويتهم المذهبية، ولا يكون الأجيال القادمة من أبناء السنة على علم ومعرفة بمذهبهم، فيغيرون المذهب. وأعرب المصدر عن أسفه لكون اهتمام أهل السنة في العالم الإسلامي بوضع نظرائهم في إيران دون المستوى، وأضاف: «الدول الإسلامية الأخرى، بسبب قضاياها السياسية ومنافعها الاقتصادية لا تبذل أي اهتمام لأوضاع أهل السنة في إيران ومعاناتهم، مع أن العالم يشهد كيف تتابع إيران أوضاع الشيعة في جميع العالم، فلو واجه الشيعة في ناحية من العالم أدنى مشكلة في أي مجال كانت، يرتفع صوت إيران بالاعتراض والانتقاد». وكشف النقاب عن أن الضغوط المفروضة على أهل السنة، تمثل موقف الأصوليين المحافظين، الذين قال إنهم يتلقون أوامرهم مباشرة من بعض المراجع في قم، ومن بعض الرجال المقربين من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي. وتابع: «يمارسون الضغوط على أهل السنة، ويحاولون بذلك عزلهم، وألا يكون لهم وجود مذهبي في المستويين الداخلي والخارجي»، معتبرا أن موقف الإصلاحيين يختلف، وأنهم لا يرون ضرورة الضغط على أهل السنة. وأضاف: «لا شك أنهم لو تولوا السلطة، لانخفضت الضغوط الموجودة على أهل السنة حاليا».