تكريم لمثابرة ونضال أميركيين أمثال مارتن لوثر كينغ الإبن، روزا باركس، باراك أوباما، سوجورنر تروث، وجاكي روبنسون. إنه شهر يروي ملحمة الصبر والعزيمة ثم النصر. شهر تاريخ السود يكرم التركة التراثية للكفاح والانتصار. شعار فبراير 2010 هو "تاريخ التمكين الاقتصادي للسود". في شهر فبراير من كل عام يجري تكريم الكفاح والانتصار الذي حققه ملايين المواطنين الأميركيين متغلبين على عقبات كأداء مدمرة – بينها الرق والإجحاف التحيزي والفقر- بالإضافة إلى إسهامهم في ثقافة البلاد وحياتها السياسية. هناك طبقا لسجلات مكتب الإحصاء الأميركي أكثر من 41 مليونا من السكان السود في الولاياتالمتحدة وينتمون إلى أكثر من عنصر أو عرق واحد. وهم يشكلون نسبة 13.5 بالمئة من سكان الولاياتالمتحدة. وقد أضفى تنصيب باراك أوباما كأول رئيس للبلاد من أصل أفريقي أميركي في العام 2009 على شهر تاريخ السود أهمية خاصة. ففي 20 كانون الثاني/يناير أدى أوباما يمين تولي الرئاسة بعد يوم من الاحتفال بتكريم ذكرى (بطل الحقوق المدنية) مارتن لوثر كنغ الإبن الذي أعلن يوم عطلة فدرالية رسمية ويوما وطنيا للخدمة. نوّه أوباما في خطاب تنصيبه بالأهمية التاريخية للحظة التي "يستطيع فيها الآن رجل، لم يكن أبوه قبل أقل من 60 سنة قادرا على أن يلقى خدمة في أي مطعم محلي، أن يقف أمامكم كي يؤدي أقدس يمين." نشأ شهر تاريخ السود بوحي من كارتر جي وودسون، أحد العلماء والمؤرخين البارزين، الذي أنشأ أيضا يوم تاريخ الزنوج في العام 1926. وقد اختار الأسبوع الثاني من شهر فبراير ليتزامن مع الاحتفال بمولد الرئيس أبراهام لنكولن، والمدافع عن إلغاء الرق فريدريك دوغلاس. ثم توسع أسبوع الاحتفال كي يصبح شهرا في العام 1976 الذي صادف الذكرى المئتين لقيام الولاياتالمتحدة. وحث الرئيس جيرالد فورد آنذاك الأميركيين على "اغتنام الفرصة لتكريم منجزات الأميركيين السود في كل مجال من مجالات السعي في تاريخنا والتي طالما لقيت الإهمال." صاحب فكرة شهر تاريخ السود المؤرخ كارتر وودسن. أدرك وودسون، وهو ابن لأبوين رقيقين سابقين في ولاية فرجينيا، أن كفاح الأميركيين الأفارقة ومنجزاتهم كان يتم إغفالها وتجاهلها أو يساء تمثيلها. لذا أسس جمعية دراسة حياة وتاريخ الأميركيين الأفريقيين التي تدعم الأبحاث التاريخية وتنشر مجلة علمية ثقافية وتحدد موضوع شهر تاريخ السود وشعاره في كل سنة. وينوه موضوع شهر العام 2010 "تاريخ التمكين الاقتصادي للسود" بحياة الناجحين من الرجال والنساء السود من أمثال مدام سي جيه ووكر مؤسسة أمبراطورية صناعة مستحضرات التجميل في أوائل القرن العشرين وأول امرأة أميركية أفريقية تجمع ثروة من مليون (1 مليون) دولار. واحتفال جمعية دراسة حياة وتاريخ الأميركيين الأفارقة هذا العام يصادف الذكرى المئوية لتأسيس رابطة المدن القومية التي أنشئت في نيويورك في العام 1910 على يد مجموعة من المصلحين المخلصين، من السود والبيض، الذين توخوا تلبية احتياجات الأميركيين الأفريقيين أثناء هجرتهم شمالا هربا من الاضطهاد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في الجنوب. قال جون فليمنغ، رئيس جمعية دراسة حياة وتاريخ الأميركيين الأفريقيين من العام 2007 حتى العام 2009 والمدير الفخري لمركز متحف سنسناتي، إن إرث أوباما – من أب أسود مولود في كينيا وأم بيضاء مولودة في الولاياتالمتحدة – استمرار للتعبير الذي يعكس الإسهامات التي قدمها الأفريقيون والأوروبيون للتاريخ الأميركي منذ بدايته الأولى." وأعرب فليمنغ عن اعتقاده بوجوب أن يركز شهر تاريخ السود اهتمامه على الجوانب الإيجابية إضافة إلى النواحي السلبية في تجربة السود. وقال إن "من المؤكد أن الكفاح كان موضوعا مستمرا في تاريخنا من البداية. فنحن لم نكن عبيدا قبل أن يقبض علينا في أفريقيا – ومع أن الرق ظل جزءا من تجربتنا طيلة 250 سنة، فإن لنا مئة وبضع سنين من الحرية التي نحن بحاجة إلى التعاطي معها." وقال فليمنغ إنه شهد "تقدما كبيرا على عدة جبهات" لكنه أضاف أنه "لا تزال هناك في نفس الوقت مشاكل كبيرة لا بد من معالجتها، وهي كونهم الطبقة الدنيا دائما في المدن الآن. إذ يبدو أننا غير قادرين على كسر حلقة الفقر. ثم لا تزال هناك بعض جيوب الفقر الرئيسية في المدن" كما هو الحال في حوض نهر المسيسيبي. وأضاف فليمنغ "أن من دواعي اغتباطي أن أرى نشوء المتحف الوطني للأميركيين الأفريقيين على المول (المرج الوطني الممتد من مبنى الكونغرس حتى نصب لنكولن التذكاري) والذي سيروي حكاية أكبر بكثير." وكان الرئيس جورج بوش قد وقّع في العام 2003 على التشريع الذي أصبح قانونا لإنشاء متحف جديد يقام على المرج الوطني بالقرب من نصب واشنطن التذكاري. وعلى الرغم من أن المتحف لم يبن بعد فقد أقام معرضا للصور في المتحف الوطني للوحات والصور في العام 2007 سينتقل لعرضه في متاحف البلاد الأخرى حتى نهاية العام 2011. وأضاف فليمنغ قائلا "أعتقد أن تاريخ الأميركيين الأفريقيين يلقى اهتماما أكبر خلال فبراير أكثر من الاهتمام الذي يحظى به في أي وقت من السنة، وأعتقد أن تلك فرصة ميدانية تتاح لنا فيها فرصة التأكيد على أنه (التاريخ) شأن ينبغي دراسته طوال السنة." ويعلن الرئيس الأميركي في كل سنة تكريم شهر تاريخ السود الذي يعرف أيضا باسم شهر تاريخ الأميركيين الأفريقيين ببيان خاص واحتفال يقام في البيت الأبيض. وتقيم الولايات والمدن نشاطات احتفالية بالمناسبة في مختلف أنحاء البلاد، كما تبث وسائل الإعلام برامج خاصة تتناول مواضيع تتعلق بتاريخ السود. وتتخذ جمعية دراسة حياة وتاريخ الأميركيين الأفريقيين من واشنطن العاصمة مقراً لها نظرا لأن وودسون أقام فيها من العام 1915 حتى وفاته سنة 1950. ويعتبر منزله في المدينة معلما تاريخيا وطنيا.