كيف تحيى القيم؟ كيف تؤثر في الفرد والجماعة؟ وما هي الأساطير التي علينا نقضها من أجل فهم سليم لموضوع القيم؟ تلكم بعض الأسئلة التي أثارها الأستاذ محمد طلابي مسؤول قسم الإنتاج العلمي والفكري والفني بالمكتب التنفيذي المركزي لحركة التوحيد والإصلاح في الندوة الفكرية نظمتها الحركة بوجدة يوم 11 يناير الجاري بالمركب الثقافي باستور. القيمة يجيب الأستاذ المحاضر هي معتقد ما، ديني أو فلسفي مفضل عند جماعة أو أمة ما، يكتسي عندها طابع القدسية وتعتبره المرجعية العليا التي تحدد معالم الطريق لسلوكها وطريقتها في العيش والعمران. والصراع اليوم في نظر المحاضر هو في نفس الآن صراع مصالح وصراع قيم. صراع بين من يعبد الله وبين من يعبد الشهوة. ثم يتساءل: كيف تعيش وتتغذى القيمة لتؤثر في الفرد والجماعة؟ وفي معرض الإجابة عن هذا السؤال، يسرد الأستاذ طلابي أربعة أوعية ضرورية لاستمرار القيم، وهي الوعاء الفلسفي العقدي، الوعاء الغائي، الوعاء السلوكي والوعاء الأخلاقي الباطني أي ما يعرف بالضمير. والهوية هي حزمة القيم التي يؤمن بها فرد ما أو مجتمع ما. وارتباطا بالموضوع، خلص الأستاذ طلابي إلى أن الغاية من الوجود في الفلسفة الغربية المادية هي إشباع الشهوات والغرائز وبذلك انتهت الحرية القائمة على هذا الوعاء الفلسفي إلى تدمير الآدمية لدى الإنسان. ونتيجة هذا التحليل هو تشكيل ثلاثة أنواع من الوعي عندنا وهي الوعي السليم المطابق والوعي المشوه المفتون والوعي لسقيم الشقي. والمطلوب من الحركة الإسلامية أن تدفع بالوعي المفتون نحو الوعي السليم، لأن الاتجاهات المناوئة تريد جره نحو الوعي السقيم الشقي. ويمثل الوعي المشوش المفتون غالبية المجتمع الإسلامي اليوم وهو معافى في وعائه العقدي ولكنه يتميز بسلوك خارجي منحرف أحيانا. وذلك يتأتى من خلال نقض أساطير المحدثين كأسطورة الصدفة وأسطورة الكونية التي تعتبر الحداثة خصوصية غربية فقط. والحقيقة أن الدين الإسلامي هو دين الكونية بامتياز. بعدها تناول الكلمة الأستاذ بلال التليدي، محلل سياسي وعضو هيئة التحرير بيومية التجديد، ليبسط أهم معالم الخط التحريري لهذا المنبر باعتباره لسان حال حركة التوحيد والإصلاح والتي لخصها في ستة مرتكزات وهي: دحض مقولة سمو المرجعية الدولية على المرجعية الإسلامية وفكرة استحالة التقدم بدون علمنة شاملة ثم ادعاء أن الحريات الفردية لا تتجزأ ومقولة ضرورة دعم الدولة في محاولة ترهيبها للإسلاميين و التصدى لخرافة أن الإسلاميين يهددون الاستقرار الاجتماعي. واستعرض المتدخل مجموعة من الأمثلة كملف التنصير وملف التغريب وملف الأسرة وملف الشذوذ وملف اللغة العربية وغيرها. وأضاف أن هذا الصراع القيمي في المغرب لم يعد بين أصحاب الأفكار فقط والاتجاهات المختلفة، بل أصبح صراعا معقدا يتجاذبه ثالوث السلطة والثروة والقيم. المداخلة الثالثة كانت للأستاذ أوس الرمال مسؤول المكتب التنفيذي الجهوي للجهة الكبرى للقرويين والذي قدم عرضا حول مركزية القيم في المنظومة التربوية لحركة التوحيد والإصلاح ، قدم خلاله أهم الكفايات والمهارات التي يتوخاها البرنامج التربوي لدى المتخرج وذكر بأهم الأسس والمرتكزات التي تقوم عليها أوراق الحركة وخاصة الميثاق والرؤية التربوية وأهم القيم التي يسعى إلى غرسها كقيمة الوسطية والتوازن والإيجابية والجمالية وغيرها. هذا وقد جاء في الورقة المؤطرة لهذه الندوة التي تلتها اللجنة المنظمة أن خطاب النهضة عند حركة التوحيد والإصلاح أخذ بعدا قيميا وأخلاقيا انطلاقا من أن النهضة ليست هي ذلك الكم الهائل من الاختراعات والصناعات ، بل هي ذلك الكيان النفسي والروحي الذي يجعل من القيم أداة لصناعة النهضة والحضارة ووسيلة لمعانقة الحياة والعمل بها في الممارسة اليومية ، والالتزام بها سلوكيا داخل المجتمع ، والدفع بالمجتمع للتصالح مع هويته الإسلامية ونظام قيمه الأخلاقية . والعمل من أجل إعادة الاعتبار للإسلام في الفاعلية الحضارية والمجتمعية ، بحيث تصير منظومته العقدية والقيمية حاكمة لسلوك المسلم الفردي والجماعي . وخلال مناقشة عروض هذه الندوة الفكرية التي حضرها عدد من المثقفين الأدباء والفاعلين الجمعويين والمهتمين، أثيرت مجموعة من القضايا المرتبة بموضوع الصراع حول القيم في مغرب اليوم وأساليب مناهضة التيارات الهادفة إلى زعزعة المنظومة القيمية للمجتمع المغربي وتساءل البعض عن مدى نجاعة الأساليب والبرامج التي تبنتها الحركة في سياق التدافع حول القيم كما أثيرت قضية المطالبة بإلغاء القوانين التي تحرم بيع الخمر للمغاربة بدعوى احترام الحريات الفردية. ذ.محمد السباعي"التجديد" @@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@ @@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@ المشروع النهضوي لحركة التوحيد والإصلاح ومركزية القيم في مقاربة موضوعية لمشروعها النهضوي تنظم اللجنة الفكرية الندوة الرابعة الورقة المؤطرة "المشروع النهضوي لحركة التوحيد والإصلاح ومركزية القيم إن كل خطاب نهضوي يبرز على الساحة المجتمعية إلا ويهدف إلى بلوغ جملة من ا لمقاصد يعبر عنها بشكل مباشر أو غير مباشر عبر كتاباته وخطبه وانتقاداته ومواقف . ومن هذه المواقف بالذات تتبلور ملامح أي مشروع نهضوي ، بشكل يسمح بملاحظة القاعدة الأساسية لهذا المشروع . و حركة التوحيد والإصلاح من الحركات الإسلامية التي تعهدت لمواصلة المشروع النهضوي الذي بدأ على يد رموز نهضوية كبيرة كأمثال المرحوم جمال الأفغاني و الشيخ محمد عبده... و اللافت للنظر أن خطاب النهضة عند حركة التوحيد والإصلاح أخذ بعدا قيميا وأخلاقيا انطلاقا من أن النهضة ليست هي ذلك الكم الهائل من الاختراعات والصناعات ، بل هي ذلك الكيان النفسي والروحي الذي يجعل من القيم أداة لصناعة النهضة والحضارة ووسيلة لمعانقة الحياة والعمل بها في الممارسة اليومية ، والالتزام بها سلوكيا داخل المجتمع ، والدفع بالمجتمع للتصالح مع هويته الإسلامية ونظام قيمه الأخلاقية . والعمل من أجل إعادة الاعتبار للإسلام في الفاعلية الحضارية والمجتمعية ، بحيث تصير منظومته العقدية والقيمية حاكمة لسلوك المسلم الفردي والجماعي . إن مسألة البناء النهضوي في تصور حركة التوحيد والإصلاح تستدعي إعادة تركيب النفسية والعقلية المجتمعية ، وذلك بربط إنسانها بالقيم السامية التي يغذيها الدين ، وتفاعله معها إلى درجة تجعل منه شخصية حضارية تعشق القيم النبيلة وتحيا بها وتنتج من خلالها نهضة راشدة . إن هذا التصور دال على عمق نظرة الحركة التي تمكنت من خلالها من تقديم مشروع نهضوي عبر تركيزها على حتمية القيم السامية في مجال النهضة . وهو استجابة أيضا للإشكالية المركزية أصبح يعاني منها المجتمع ، وعلى إشكالية القيم التي انفلت منها الفرد الذي هو أساس الفعل النهضوي ، مصداقا لقوله تعالى : " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " . ومن ثم سعت الحركة إلى الرفع من الهمم لأعضائها ، وتوسيع تضاء تفكيرهم ، قصد الالتصاق بقضايا الأمة و الإنسان ، ومستوعبين لإشكالاتها ، ومتمثلين لأهمية قيمها السامية ومدافعين عنها مبتغين تحقيق نهضة راشدة . وتصور الحركة لم يتوقف عند حدود المدافعة القيمية المحلية ، بل توخى معانقة الآمال العريضة والطموحات الكبيرة ، وهو ما نجد إحدى تجلياته ضمن رسالة الحركة التي توسع المجال الحيوي لأفق تدافعها على مستوى الأمة والإنسانية بتأكيدها على دورها في : الإسهام في بناء نهضة إسلامية رائدة و حضارة إنسانية راشدة , وبناء على الاعتبارات السابقة تصدت حركة التوحيد والإصلاح لكل مطاهر الفساد والإفساد والتي من شأنها أن تعيق مسيرة النهضة والإصلاح في البلاد ، سواء أكان فسادا سياسيا أو اقتصاديا أو ماليا أو أخلاقيا ، من مثل :الرشوة ، الدعارة ، التفسخ ، المخدرات ، الخمور،القمار... كما أنها وقفت أمام مساعي الإباحية الجديدة ،و تيار التطبيع مع المجاهرة بالفاحشة التي باتت تهدد نظام القيم الدينية و الأخلاقية للمجتمع . بل إنها اعتبرت معركة حماية القيم السامية للمجتمع و الدفاع عنها ،و معركة الدفاع عن الأخلاق الفضيلة و الهوية و العمق الحضاري و الثقافي للبلاد هي مسؤولية المغاربة جميعا،و ذلك لتحصين مجتمع العفة و الكرامة من مظاهر التمييع و الإفساد . وبناء على ذلك تكون الحركة قد أدركت مسؤوليتها في الدفاع عن القيم ذرءا للفساد و الإفساد ،ومنعا لمساعي تهميش القيم الإسلامية في المجتمع. وصولا إلى تحقيق رسالتها التي تسعى إليها وهي بناء نهضة إسلامية رائدة وحضارة إنسانية راشدة."