يشكل قطاع أدوات البناء مجالا حيويا بالنسبة لاقتصاد المنطقة الشرقية، بالنظر إلى التطور الهام الذي شهده بفضل الأوراش التي تم إطلاقها بالمنطقة في مختلف الميادين. و يبرز هذا المعطى من خلال تشخيص تم إنجازه مؤخرا من قبل فريق من الخبراء بتعاون مع فاعلين في القطاع تمت تعبئتهم في إطار مشروع "الهجرة والتنمية الاقتصادية بالمنطقة الشرقية" للتعاون التقني الألماني. وأوضحت الدراسة أن التنمية المدعمة للقطاع تتجسد في الارتفاع الكبير لرخص البناء الممنوحة، مضيفة أن الأوراش السياحية الكبرى وبرامج الإسكان وتلك المتعلقة بالتأهيل الحضري للمنطقة وكذا إقامة وحدات صناعية حديثة جديدة ساهمت جميعها في تحفيز هذه الدينامية. ومن جهة أخرى، أشارت الدراسة إلى أن المحافظة على تنافسية القطاع تبقى رهينة بتحسين الشروط المرتبطة بعوامل الإنتاج، خاصة التقليص من الفاتورة الطاقية وتأثير الأنشطة الملوثة على البيئة وتشغيل يد عاملة مؤهلة. وتوصي الدراسة، التي توقفت عند مختلف فرص الاستثمار الممنوحة بالمنطقة والأهداف المرسومة على المدى القصير والمتوسط والبعيد بالنسبة للقطاع، على الخصوص بإنشاء جمعية جهوية للفعالية الطاقية تضم مصنعي أدوات البناء. وسجلت الدراسة أنه يتعين تحفيز المصنعين على اللجوء للطاقات المتجددة من قبل هيئات الدعم الوطنية، ولاسيما الوكالة الوطنية للنهوض بالمقاولات الصغرى والمتوسطة. وقد تم إنجاز هذا التشخيص، الذي وصف ب"السريع والتشاركي"، وفق منهجية المشاركة والعمل من أجل التنافسية المحلية. ويروم تقييم تنافسية قطاع أدوات البناء والتحفيز على التواصل بين الفاعلين وهيئات الدعم والتشجيع على استعمال الطاقات المتجددة وتحديد فرص الاستثمار بالمنطقة الشرقية. وأبرزت الدراسة أن قطاع أدوات البناء والاسمنت يعتبر، في إطار برنامج التنمية الصناعية بالمنطقة الشرقية، بمثابة "ركيزة للصناعة الجهوية". ويشغل القطاع 1750 مستخدما، من بينهم 735 شخصا بمصانع الآجر. ويبلغ الاستثمار السنوي 100 مليون أورو فيما يصل رقم المعاملات السنوي الى 148 مليون أورو. ومن ناحية أخرى، يشكل قطاع صناعة المعادن النشاط الصناعي الرئيسي بالمنطقة الشرقية، حيث يشغل حوالي 25 في المائة من مجموع العاملين بالقطاع الصناعي بالمنطقة ويحقق رقم معاملات سنوي يبلغ 455 مليون أورو. ويمول مشروع "الهجرة والتنمية الاقتصادية بالمنطقة الشرقية" بشكل مشترك من قبل الاتحاد الأوروبي والوزارة الفدرالية للتعاون الاقتصادي والتنمية، ويتم تنفيذه من قبل التعاون التقني الألماني، بشراكة مع وكالة تنمية الأقاليم الشرقية. وسبق وشكل البحث عن سبل تشجيع أفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج المنحدرين من منطقة الريف والمنطقة الشرقية على الاستثمار في مشاريع منتجة عوض الادخار أو الاستثمار في ميدان العقار، محور لقاء تواصلي نظم مؤخرا بالحسيمة ضمن الدورة الثالثة لمهرجان "أنموكار". وأوضحت سعيدة الصقلي المسؤولة عن "برنامج ميديو" (المغرب، الهجرة، التنمية الاقتصادية للمنطقة الشرقية)، في مداخلة لها خلال هذا اللقاء، أن الإحصائيات تشير إلى أن المنطقة الشرقية تستقبل 23 بالمائة من الودائع المالية لأفراد الجالية المغربية والتي تتجه فقط نحو تلبية الحاجيات الخاصة لعائلات المهاجرين والادخار أو العقار عوض الاستثمار في القطاعات الاقتصادية المنتجة. وذكرت بأن "برنامج ميديو"، الذي يموله الاتحاد الأوروبي ووزارة التعاون الاقتصادي والتنمية بالحكومة الفيدرالية الألمانية، انطلق العمل به سنة 2008 ويستمر إلى حدود 2011 بميزانية مالية تقدر بمليون و500 ألف أورو، بهدف توفير الدعم التقني لحاملي المشاريع الاستثمارية بالمنطقة الشرقية ومدينة الحسيمة،وخاصة مشاريع أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج عن طريق خلق محيط يسمح باستغلال الأثر الإيجابي للهجرة.وأكدت السيدة الصقلي أن هذا البرنامج يتوخى تشجيع المغاربة المقيمين بالخارج الذين يرغبون في تقديم دعمهم لمسلسل التنمية بالمنطقة الشرقيةوبالحسيمة من خلال عقد شراكات مع العديد من الفاعلين العموميين، كغرف التجارة والصناعة والخدمات بكل من مدينتي الناظوروالحسيمة.