الوفا "يعفو" عن اللصوص ويشهر بالتلاميذ لا نعرف اسم العبقري الذي أشعل في رأس محمد الوفا، وزير التربية الوطنية، فكرة نشر لوائح الأرقام الوطنية للتلاميذ والتلميذات الذين ضبطوا، يونيو الماضي، في حالة غش أثناء اجتيازهم اختبارات الدورة الأولى من الباكلوريا، لكن مؤكد أن القرار يشبه سقوطا حرا بالنسبة إلى مسؤول حكومي يتردد اسمه كثيرا في تعديلات أبريل المقبل. الوزير الذي كنا ننتظر «بركته» في فضح لصوص المخطط الاستعجالي وناهبي صناديق الوزارة ومافيات التعويضات الخيالية عن المهام والنقل والتكوين والتقييم والتتبع، ونشر لوائح الريع الوظيفي وأشباح التفرغ النقابي، هو نفسه الذي دخل إلى المسجد ب»بلغته»، عبر التشهير المجاني بالمعطيات الشخصية لتلاميذ وتلميذات ضبطوا قبل ثمانية أشهر في حالات متفرقة من الغش المدرسي، واتخذت في حقهم الإجراءات القانونية والتأديبية اللازمة، ما نوهت به الصحافة والرأي العام الوطني في حينه، في إطار أجرأة إستراتيجية الوزارة في مجال زجر الغش في الامتحانات وتحصين مصداقية شهادة الباكلوريا ودعما لقيمتها وطنيا ودوليا. إن المبررات التي قدم بها الوزير لائحته، مثل وضع الرأي العام الوطني والفاعلين التربويين والمترشحات وأسرهم في صورة ظاهرة الغش المدرسي وتفاصيلها، أو توفير المعطيات اللازمة للمتدخلين في عمليات الامتحان جهويا وإقليميا ووطنيا لتتبع تنفيذ العقوبات المتخذة، لن تصمد بالمطلق أمام جرم التشهير بتلاميذ في بداية مسارهم الدراسي أخطؤوا حين لجؤوا إلى الغش، كما يفعل مجتمع برمته، وعبروا عن استعدادهم لتحمل تبعات أخطائهم، دون أن يعني ذلك وضع معطياتهم الشخصية على خط الموقع الرسمي للوزارة، ومساواتهم بهؤلاء الذين يحتلون السكنيات الوظيفية دون سند قانوني، أو أصحاب بعض المقاولات والشركات الذين يغشون في مواد بناء المؤسسات التعليمية ويزورون محتويات دفاتر التحملات وشهادات التسليم. فضلا عن أن التشهير بالتلاميذ قد يؤدي إلى نتائج عكسية، وقد يحرض مستقبلا على سلوكات غير تربوية داخل فصول الامتحانات، فإنه يعتبر، من وجهة نظر التقويم التربوي، فعلا طائشا لا يليق بمؤسسة حكومية مهمتها التربية والتكوين والإصلاح وبناء المستقبل وليس التخريب والتربية على الانتقام، كما أن محاربة الغش، سلوكا وثقافة وتربية مترسخة في المجتمع، باعتقال التلاميذ والتشهير بهم، يشبه كثيرا اعتقال السكين وإطلاق سراح المجرم. إن وزيرا للتربية والتعليم يفخر أنه حرم «أمة» من التلاميذ (حوالي 3211 تلميذا وتلميذة) من الدراسة لمدد تتراوح بين سنة وخمس سنوات، أو زج بتلاميذ في السجن ثلاث سنوات نافذة، ووضع آخرين في أقفاص الاتهام أمام هيأة المحكمة، لا يمكن فعلا إلا أن يكون أحسن من باراك أوباما و»باباه» و»ماماه» حتى، على الأقل أوباما لم يجرؤ يوما أن يضع المجرمين وتلاميذ المدارس في كفة واحدة. برافو الوفا... وإلى تشهير مقبل.