نصف بعض مظاهر و أعراض هذا الداء كما أشارت إليها الحضارة اليونانية القديمة فوصف أبوقراط الذي يعتبره الغربيون أبا الطب الكثير منها كما أن الأطباء في ظل الحضارة الإسلامية تحدثوا عن هذه الأعراض و المظاهر كجزء من المرض ولم يتبلور الداء كمرض مستقل له خصوصيته إلا مع ظهور الحضارة الحديثة في القرن الثاني عشر حيث راج الحديث عن أسبابه و تطوره السرطان ليس داء حديثاً أفرزته الحضارة في القرن العشرين فهو قديم قدم الإنسان ولكن الحضارة الحالية بما أوجدته من تغيرات ضخمة مذهلة ساهمت في رفاهية الإنسان وراحته،وتقدمه فقد ساهمت من جهة أخرى في زيادة الكثير من الأمراض وعلى رأسها السرطان , فالتلوث من جهة والمنتجات الكيماوية و طبيعة الغذاء و الحياة و العمل قد يكون أحد الأسباب التي أدت إلى الزيادة الهائلة في أعداد المصابين بالإضافة إلى تحسن وسائل الكشف فقد أتاح الكشف عن الكثير من الحالات التي لم يكن بالإمكان كشفها سابقاً.وإذا عدنا إلى التاريخ فقد وصف السرطان منذ حوالي 2000سنة قبل الميلادو لكن وصفه كان على شكل أعراض ومظاهر فقط وقد استنتج الإنسان الآن أنها كانت مظاهر السرطان فقد وجد في مخطوطات المصريين القدماء مخطوطات و لم يكن حتى هذه الفترة بالإمكان الحديث عن علاج يوقف تطوره أو شفاءه سوى الاستئصال الجراحي الذي لم يفلح في إحداث تقدم ملموس في العلاج إلى أن جاء القرن العشرين بما حمله من تطور تكنولوجي مذهل فظهرت المعالجة الإشعاعية والكيمائية والجراحية وأصبح الأطباء يتكلمون بشكل أكثر موضوعية ودقة عن أسباب الداء وماهيته وعلاجه فاتحين عصراً جديداً يبشر بحدوث تغير جذري في مسيرة علاج هذا الداء وتطوره وصولا الى الشفاء التام. تنظم جمعية دعم مرضى السرطان بالمغرب الشرقي،مؤتمرها الأول للأنكولوجيا تحت إشراف وزارة الصحة أيام 20 و 21 نونبر 2009 بوجدة تحت شعار:"ما مدى التكفل الكلي بأمراض السرطان بالجهة الشرقية".وسيشارك في أعمال هذا المؤتمر العديد من الأطباء الإختصاصيين من الجهة الشرقية ومن مختلف أنحاء المملكة،وذلك في موضوعات مهمة،كسرطان الرئة وسرطان الثدي وسرطان الجهاز الهضمي. وتدخل مبادرة جمعية دعم مرضى السرطان بالمغرب الشرقي ضمن مجموعة من الأهداف التي ترسم الجمعية من خلالها مخططا لتنمية الجهة من أجل النجاح للتصدي لداء السرطان ومساعدة المرضى من خلال تنمية خبرة الكفاءات الموجودة محليا وجعل الأطباء من جميع أنحاء المملكة والأجانب يطلعون على معانات مرضى السرطان بهذه الجهة،حتى يتمكنون من تقديم ما يستطيعون تقديمه لفائدة المرضى. وسبق ونظمت جمعية دعم مرضى السرطان بالمغرب الشرقي التي تأسست بشراكة مع جمعية الصداقة لأطباء السرطان المغاربة يوم السبت 14 مارس 2009 بمدينة وجدة أولى جلساتها العلمية المتعلقة بالتعريف بأمراض السرطان،وعرف اللقاء تقديم عدة عروض في الموضوع ألقاها مجموعة من الأساتذة والدكاترة المختصين تعرف بأنواع داء السرطان وطرق علاجه والوقاية منه،كما عبرت الجمعية خلال هذا اللقاء حضرته مجموعة من فعاليات المجتمع المدني والأطباء من مختلف التخصصات عن انفتاحها أمام مختلف الهيئات الطبية والجمعوية بالمغرب،لكون علاج أمراض السرطان لا يساهم في الطبيب فقط بل يساهم فيه أيضا المجتمع بأسره.وتهدف جمعية دعم مرضى السرطان بالجهة الشرقية إلى المساهمة في إرساء سياسة وطنية لمحاربة داء السرطان،والمشاركة النشطة في مجال التكوين المستمر عبر تنظيم لقاءات علمية وحصص تكوينية بالوسائل السمعية والبصرية وبمشاركة أطباء أخصائيين وطنيين ودوليين،وكذا تنظيم حملات تحسيسية وحملات للفرز ثم القيام بالتشخيص المبكر للأمراض سرطانية مما يمكن من إنقاد المصابين بها في المنطقة الشرقية،ونسج شراكة مع جمعيات علمية أخرى عبر لقاءات سنوية لمواءمة العلاجات الناجعة وضم جميع النشطين في البروتوكولات العلاجية المناسبة،بالإضافة إلى المساهمة في إنشاء سجل للأمراض السرطانية وإقامة ثلاث أو أربع طاولات مستديرة علمية جهوية سنويا بمشاركة جميع المهيآت الطبية التي تهتم بهذا النوع من الأمراض في الجهة الشرقية،كما تهدف الجمعية إلى إحياء يوم علمي وطني يقرر موضوعه الأساسي بتنسيق مع جمعيات علمية تنشط في محاربة داء السرطان حتى تتمكن من إغناء النقاش الجاد وتشجيع المداخلات في ما يخص المواضيع المهمة والمعاصرة،والقيام باجتماعات متعددة الاختصاصات،وتبادل التجارب و الخبرات العلمية مع هيآت طبية وطنية و دولية.وخلال الجمع العام التأسيسي للجمعية انتخاب الدكتور مصطفى السويح رئيسا،والدكتور عبد الجليل الجناني كاتبا عاما،والدكتورة لمياء بنعامر أمينة للمال،والأستاذ محمد بنقدور والدكاترة المختار الهدام،وخليل بنميرة وكوثر المكاوي،وصباح الطيبي وأخرين كمستشارين،كما تم انتخاب مجموعة من الأساتذة المتخصصين في أمراض السرطان وبعض الفاعلين الجمعويين كشركاء في الجمعية حتى يساهموا بدورهم في عملها الذي لا يقتصر فقط على الميدان الطبي بل حتى المجال المجتمعي.كما منحت العضوية الشرفية للجمعية لكل من المستشار الملكي ذ.عبد العزيز مزيان بلفقيه،ومدير المدرسة المولوية ذ.عزيز حسين،ووالي الجهة عامل عمالة وجدة أنجاد د.محمد ابراهيمي. وحسب إحصائيات 2008،فإن عدد الحالات التي وفدت على المركز بلغت 1205 حالات جديدة،وتأتي الحسيمة وإقليم فكيك (34 حالة) في المرتبة الأخيرة،إذ لا تمثل سوى 8،2 في المائة من مجموع الحالات الوافدة،وتأتي مدينة وجدة في المرتبة الأولى (407 حالات) بنسبة 33،77 في المائة من مجموع الحالات الوافدة.ويحتل سرطان الثدي المرتبة الأولى من حيث عدد الإصابات التي عرفتها الحالات الوافدة على المركز (404 حالات)،يليه سرطان العنق (131 حالة).لكن تبقى هذه المعطيات غير كافية مادامت الجهة الشرقية لا تتوفر على سجل جهوي لداء السرطان، كما هو الشأن بالنسبة إلى الدارالبيضاء. وفي نفس السياق، أبرزت السيدة لطيفة العابدة،الكاتبة العامة لجمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان،أن الجدية التي تشتغل بها الجمعية وفعالية تدخلاتها في مجال محاربة هذا الداء،جعلت عددا كبيرا من الشركاء الوطنيين والدوليين يضعون ثقتهم في الجمعية ويساهمون في مشاريعها...كصندوق الأممالمتحدة للسكان،الذي سيساعد جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان في أحد الأوراش ذات الأولوية ألا وهو ورش محاربة السرطان لدى المرأة.و"أمام انتشار هذا المرض،يبدو واضحا أن المؤسسات المختصة أضحت غير كافية،بحيث لا يتوفر المغرب سوى على ثلاثة مراكز عمومية متخصصة (بمدن الرباطوالدارالبيضاءووجدة)،فضلا عن أربع وحدات تابعة للقطاع الخاص(في كل من الرباطوالدارالبيضاء). ويظل العلاج من المرض غير معمم،إذ أن أقل من ثلث الأشخاص المصابين يستفيدون من تغطية تكاليف العلاج،هذا فضلا عن كون تلك التكاليف باهظة جدا وتفوق الإمكانات المحدودة للعديد من المرضى. ويمثل السرطان ،من خلال أزيد من 30 ألف حالة جديدة كل سنة بالمغرب،آفة اجتماعية محكومة بالكلفة الباهظة لعملية التكفل،وبعدم كفاية برامج الوقاية والتشخيص.وبإرادة مشتركة للشريكين في محاربة داء السرطان هما "جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان" ومختبر "روش" المغرب،اللذان وقعا مؤخرا على"برنامج ولوج" الذي يروم ضمان التكفل بالعلاج لفائدة المصابين من ذوي الدخل المحدود.وهكذا ستوفر الجمعية ،عبر المراكز العمومية للأنكولوجيا ومنها المركز الأنكولوجي الحسن الثاني بوجدة،الأدوية المضادة لداء السرطان بالنسبة للمرضى الفقراء الذين لا يستفيدون من أية تغطية صحية.ولهذا الغرض،سيقوم المساعدون الاجتماعيون لمراكز الأنكولوجيا بتوجيه المصابين المعنيين نحو البرنامج من أجل إعداد ملفهم الطبي والاجتماعي.وستتكلف لجنة مخولة قانونيا بتحديد سريع لوضعية حالة كل مصاب،من خلال دراسة المعايير الطبية والاجتماعية والاقتصادية.وبعد موافقة اللجنة،سيكون بإمكان المصاب تلقي العلاج الكيماوي في مركز الأنكولوجيا حيث سيتم التكفل به. وعدد المغاربة الذين يصابون بمرض السرطان يتراوح بين 35 إلى 50 ألف مريض كل سنة،لا يتم تشخيص سوى 10 بالمائة منها فقط،أما الحالات الباقية،فإنه يتم تشخيصها بعد وصول المريض إلى حالة الألم المتقدم الذي يؤدي في أغلب الأحيان إلى الوفاة وارتفاع عدد مرضى السرطان في المغرب يرجع بالأساس إلى النمو الديموغرافي،كما أن إحصاء المصابين الجدد عمل صعب،وإن توفرت مراكز طبية يتطلب الأمر عملاً طويلاً للتغلب على النقاط السوداء لانتشار مرض السرطان.ويمكن تجنب حوالى 75 بالمائة من الإصابات سنوياً عن طريق الوقاية،والتى تتم بين النساء عن طريق النظافة،وبين الرجال عن طريق الوقاية.وتمثل النساء غالبية الحالات المصابة بهذا الداء في المغرب،حيث يأتي سرطان الرحم في المقدمة،ثم عنق الرحم،أما أغلب الرجال فإنهم يصابون بسرطان الرئة والذي يأتي التدخين في مقدمة أسبابه. جدير بالذكر أن معظم مرضى السرطان في المغرب من الشمال،ويرجع ذلك إلى بقايا الأسلحة الكيماوية التي استعملتها إسبانيا خلال غزوها للمنطقة في أوائل القرن الماضي من أجل إخضاع المقاومة، وتقول بعض الجمعيات الأهلية بأن بقايا تلك الأسلحة مازالت موجودة وأنها هي الذي تسبب الإصابة بالسرطان بين السكان المغاربة.كما أنه كلما توفي مواطن في فكيك بسبب السرطان،إلا وتملك الجميع الخوف من أن يكون بدوره مصابا بهذا المرض العضال،فتتجدد مناقشة هذا الداء وأسبابه ومسبباته،غير أن الأغلبية ترجح أن سبب الإصابة حملتها الرياح الشرقية خلال الستينيات عندما قامت قوات الاستعمار الفرنسي بتجارب كيماوية بوادي الناموس الذي لا يبعد سوى بأربعين كيلومترا. د.عبد الحق حمودود،طبيب بمستشفى تابع للهلال الأحمر بفكيك،سبق وصرح بأن فكيك تعاني من العديد من الأمراض ومن بينها الدودة الشريطية والأمراض الجلدية،إضافة إلى مرض السرطان،الذي قال إن نسبته مرتفعة بالمدينة.وأوضح أن 10 في المائة من الحالات التي يعاينها هي المرضى مصابين بالسرطان أو أعراضه.واعتبر أن حوالي 50 في المائة من سكان فكيك يتوفون بسبب أمراض سرطانية خاصة سرطان الكبد.وأنه من المحتمل أن يكون سبب الإصابة الإشعاع النووي كما يمكن أن تكون أسباب أخرى،مشيرا إلى أن غياب دراسات في المجال يظل عائقا أمام تحسن صحة المواطن الذي يكابد في صمت. وحسب رئيسة جمعية لال سلمى لمحاربة داء السرطان ف"لا يجوز لأحد أن يهتم بهذا الداء من باب اللياقة والعمل بالأعراف فحسب.إنه قرار جسيم ينطوي على التزام قوي بالعمل على تغيير نظرة المجتمع لداء السرطان،واستقطاب كل من يريد أن يصبح المغرب قادرا على تحقيق المزيد من الشمولية والخبرة والإنصاف في رفع المعاناة عن المصابين.لقد أصبح مرضى السرطان يدركون تزايد حظوظهم في كسب هذه المعركة وارتباط هذا النصر بمدى احترام حقوقهم أي الحق في المساواة للحصول على العلاج والحق في الاحترام والكرامة والحق في الأمل. ويتعين أولا الاعتراف بهذه الحقوق وترجمتها إلى واقع ملموس،بصفة تدريجية وبدون تفريط،وذلك من خلال تمتيع أكبر عدد ممكن من المصابين بنفس التشخيص ونفس العلاج وكذا الاستفادة من المستجدات العلمية والطبية دون أي تمييز والتكفل بكل صنف من أصناف السرطان مع مراعاة خصوصيته".