كعادة الأنهار تنزل من القمم بإصرار لتسقي السهول ، انحدر محمد توفيق من زناية ، اقليمتازة ، ليصبح منذ طفولته و نعومة افكاره رجلا ممسكا بزمام مسار حياته ، حمل في صدره كبرياء القمم واصرار الأنهار على المضي قدما مهما صعبت المسالك ، يشق مجراه بصبر و ثبات إذ لم يكن من السهل على يافع مثله أن يلتحف أحلامه و ينتعل طموحه ، و يتعطر بوعيه الوطني المبكر، و يضرب في الأرض في مرحلة حرجة من تاريخ المغرب... لقد عانق محمد الوجود سنة 1950 بزناية . الريف، و للزمان و المكان دلالات تاريخية عظيمة ... لقد وعى محمد على أسرة ترعرت في مدرسة سياسية وطنية، إنها مدرسة الحركة الوطنية التي تركت للتاريخ واحدة من أجمل و أحسن التجارب النضالية ، هي ، هي تجربة ثورة الملك و الشعب، الثور التي خط بها أحرار المغرب بزعامة الراحل محمد الخامس ، معنى لنضال الدولة و الشعب المغربيين ، من أجل مطلبين فقط هما الحرية و الاستقلال ، ثم الديموقراطية و الكرامة . بالرغم من انه غادر عمر الزهور ، فإنه مازال يحتفظ ببريقه و ديناميته ، محمد توفيق الذي تمرس بنضالات الالتزام السياسي و مسؤوليات العمل الجمعوي و المهني ظل متمسكا بوهج الحياة ... جرئ زيادة على اللزوم ، شجاع في مواقفه و تدخلاته، في قراراته و تحركاته.. كان يقول "لا" في زمن كان فيه قول "لا" يكلف صاحبه الكثير من الألم، بل قد يكلفه حياته ... في الثمانينات عارض العامل "بوفوس" رفض ان يطأطئ الرأس ، ورفض الذل و المهانة، رفض الاستسلام لهذا العامل الجبروت، اذن، في سنوات الجمر و الرصاص كان رجل مبادئ لا دمية تحركها المصالح, و بالأمس القريب كان استثناء في زمرة المقاولين و المنعشين العقاريين، اذ كان المقاول الوحيد الذي انتفض علانية في وجه الوالي الاسبق محمد ابراهيمي . مواقفه الجريئة بالأمس البعيد و القريب تنشده كل يوم و تذكرة، بل و تغنيه و تتصاعد مع صخب حياة اسمها محمد توفيق... هي أصلا في مبناها و معناها تشكلت و نمت ضد الصمت و النفاق ، ضد الرياء و الخنوع ، ضد القهر و القمع ، ضد الظلم و الفساد ... مستعد ليخسر كل شيء إلا كرامته ، مستعد ليتنازل عن كل شيء إلا مبادئه و اخلاقه .. انه كالنهر يعود إلى نبعه و الماء إلى مصبه الطبيعي .. قوته نابعة من ايمانه بقيم الدين الاسلامي و بطولات المقاومة الريفية ... الرجل الذي انسل منسحبا من الوظيفة العمومية إلى التمدد في عالم العقار، هو من ملأ حياته ، بلا دوي ، بالوقوف هادئا في مواجهة الصخب .. صخب الاستبداد يعارك امتداداته ليلا و نهارا.. صخب العمل الجمعوي الذي انخرط فيه ايمانا و اختيارا ... صخب العقار المليء بالألغام و الابتزاز ... صخب السياسة حين اختار الاختيار الصعب، النضال و المقاومة ..صخب الأبوة يحوله لحنا يعلن العطف و الحب .. فريد ، و ليس أحد غيره.. الحاج محمد توفيق.. لا يزاحم أحدا على "مساحة" و لا على " تفاحة " بإرادته و إصراره ينسج نسيجه المميز.. يتميز بأنه يعترض ولا يعارض، يفعل و لا يقول ، يواكب ولا يساير.. ينضبط ولا يخضع، ضمير لا يدعى الحكمة، رافض لا يدعي الثورة، و طني خام و مواطن أصيل.. انه استثناء في زمن الكائنات المتناسخة.. قانع في زمن التهافت.. عنيد مثل جغرافية الريف. ان قبيلة زناية بتازة التي استقبلت ميلاد محمد كان المحطة الاولى في مساره التعليمي التعلمي، فيها تلقى تعليه الابتدائي، و كان الموعد مع ألف باء القراءة و ابجديات الكتابة... اذن ، من هنا بدأت مرحلة الانتقال الى عالم التكوين و الثقافة ، و تكون المرحلة الثانية، مرحلة الاعدادي و الثانوي موزعة بين المركز و المحيط ، الرباط و وجدة. كانت سنة 1971 محطة اولى للرجل في عالم الشغل ، حيث الانخراط في الوظيفة العمومية ، ادارة الجمارك، و هنا سيتعلم اشياء جديدة، انها مدرسة أخرى للتكوين و الانفتاح على عوالم جديدة ... سنة 1976 ، سنة المنعطف... محمد توفيق قرر الانسحاب عازما على استكمال التكوين و تغيير المسار . قرر تفجير طاقاته وممارسة قدراته في مجال ترتفع فيه قيود الوظيفة العمومية و تعقيدات مساطر الادارة ... قرر ان يكون حرا طليقا ليعبر عن كينونته و يرفع صوته سياسيا و اجتماعيا. بعد حصوله على الباكالوريا ، اختار تخصص المحاسبة ، و كأنه اراد ان يحضر نفسه للانخراط في عالم المقاولة بعقلية علمية دقيقة و ثقافة استثمارية عصرية ، خصوصا و نحن نلاحظ ان اغلب المنعشين العقاريين بوجدة دخلوا حقل العقار بالرأسمال المادي لا بالرأسمال التكويني . انه مرة أخرى استثناء... سنة 1979 سيعين مسيرا لشركة اقليمية للاستثمار بتازة ، هنا سيغني رصيده التكويني، و يكسب خبرة و دراية في مجال التسيير و التدبير.. هذا المسار أهله ليمارس الأعمال الحرة بكفاءة و استحقاق، فكانت سنة 1983 سنة خوض غمار العقار، و هذا العالم لم يكن مجهولا عند محمد توفيق، فشقيقه كان متألقا في الميدان، واسمه معروف في وجدة، صدقه و مصداقيته على كل لسان... و هكذا سيراكم الرجل تجربة ناجحة في العقار، لكنه سيصطدم بعوائق السلطة و مناورات المؤسسات المعنية، و سيكون في الموعد ، رافضا لي الذراع و مطالبا بإعمال القانون . التحرر من الوظيفة العمومية و من ضوابطها و التزاماتها ، فتح الطريق امام قناعاته السياسية واختياراته الفكرية، سنة 1983 كان الاختيار الصعب، اختيار النضال و التضحية، فكان الانخراط في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية... و نحن نعلم ما معنى ان تكون اتحاديا في هذا الزمن، فالأمر كان يقتضي الكثير من الشجاعة مع الاستعداد الدائم لاستقبال الانتقام... و بالرغم من انه فك ارتباطه بالعمل الحزبي داخل الاتحاد الاشتراكي سنة 1994 ، فإنه لم يفك ارتباطه بالمبادئ التي آمن بها و ناضل من أجلها: العدالة الاجتماعية، المواطنة الفاعلة، الكرامة الإنسانية، الحكامة الجيدة، التنمية المستدامة ، الحب و التسامح ، الكفاءة و العمل ، الصدق و النزاهة... انه لما فك ارتباطه بالاتحاد الاشتراكي لم يفك التزامه بالعمل السياسي ، فالممارسة النضالية عنده قناعة مبدئية واختيار لا رجعة فيه ... من هنا ، لما غادر حزب القرات الشعبية لم يلتحق بحزب من الاحزاب التي صنعتها الادارة في زمن ما ، طمعا في منصب او تهافتا على ريع ، بل اختار حزبا بحمولة اسلامية و شرعية وطنية و مصداقية نضالية، انه حزب العدالة و التنمية الذي انخرط فيه مناضلا سنة 1994 ليتدرج صعودا في صفوفه و في أجهزته التنظيمية ، نائب الكاتب الاقليمي ، فنائب الكاتب الجهوي سنة 1997 و كاتب جهوي سنة 2004 . ألا تومن و لا تعمل ، فذلك طريق اسمه الضياع.. ان تومن و لا تعمل فذلك هو النفاق .. ان تومن و تعمل ، فذلك هو المثل الأعلى ، الاختيار الصحيح و النهج السليم ، القناعة المبدئية و الممارسة الصادقة... الحاج محمد توفيق آمن و عمل ، يؤمن و يعمل، هكذا كان و هكذا سيبقى .. فالسلام عليه يوم آمن و يوم عمل.. آمن بالله واحدا أحدا رب العالمين لا شريك له. آمن بالمغرب وطنا عزيزا و بلدا أمينا. و آمن بجلالة الملك محمد السادس ملكا للبلاد و أميرا للمؤمنين ، رمز السيادة و الوحدة، رائد النمو و التنمية ، حامي الملة و الدين ، قائد المشروع التنموي الذي انخرط فيه المغرب بقوة و بدون رجعة. آمن و عمل ، ارضاء للله وابتغاء فضله، متشبع بالقيم الاسلامية الأصيلة، ملتزم بفرائض دينه الحنيف، حريص على صيانة ايمانه بممارسة الشعائر الدينية بصدق و إخلاص ، له غيرة على الدين و العقيدة.. و اذا كان حريصا على ممارسة العبادات فإنه يؤمن بأن الدين معاملة، لهذا يكافح دون كلل على تجسيد المثل الاسلامية السمحة على أرض الواقع... يواسي المكلوم و يساند المستضعف، يحسن إلى المحتاج و يساعد الفقير.. من هنا قرران يعانق كل المبادرات الرامية إلى الخير و الاحسان، و المؤسسة على التضامن و التآزر ، لا ينتظر جزاء و لا شكورا ، و انما فقط يبتغى خدمة دينه و تجذير مبادئه .. من هنا كان انخراطه في الحركة الاسلامية في تجليها السياسي المعتدل و في تجليها الاجتماعي التضامني، و في تجليها الفكري المسالم... هذه التجليات يجسدها حزب العدالة و التنمية ، من قبل و من بعد. آمن و عمل، عمل حب لوطنه العزيز، و هو الحب الذي رضعه مع حليب الأم ورعاه دفئ الأب... و هو الحب الذي استبطنه في اسرة قاومت القهر و الاستبداد . فوفاء لعائلته و اعتزازا بوطنه رسم لنفسه هدفا واحدا، خدمة الوطن و المساهمة في بنائه، و ذلك من خلال الانخراط في كل الاعمال و المبادرات التي من شأنها تقويم الاختلالات و القطع مع كل الممارسات التي تسيء الى هذا البلد العظيم . اختار طريق الكفاح و النضال من خلال الانخراط الواعي و المسؤول في كل المؤسسات التي تروم الاعلاء من شأن الانسان المغربي واحترام كرامته... انه و اذ يحب و طنه فإن وعى مبكرا ان الطريق الناجع لبناء الوطن يبدأ أساسا ببناء الأنسان باعتبار أن الأمم التي نجحت في مسارها التنموي راهنت بدءا على الانسان ، فلا تنمية بدون موارد بشرية واعية و فاعلة، اذن أحسن استثمار هو بناء الأنسان .. و بناء الانسان يبدأ أساسا من تعليمه ، لهذا قرر الحاج محمد توفيق المساهمة في تحرير الانسان بهذه الجهة من الجهل و الظلام فأسس جمعية النهضة، و هي جمعية محلية تعنى بمحو الامية و التكوين و التأطير. و نحن نعلم ان الامية و الجهل خطران يتهددان أي مشروع تنموي يروم النهوض ببلادنا. آمن و عمل ، عمل تلبية لنداء صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله، تلقى الرسالة و استوعب الخطاب الملكي التاريخي بوجدة، الخطاب الذي يعتبر خارطة طريق بناء الجهة الشرقية ، الخطاب الذي رسم معالم جهة جديدة، جهة نامية و متقدمة. من هنا كان القطع مع التقسيم الاستعماري ." مغرب نافع و مغرب غير نافع " فالمغرب في عهد محمد السادس بلد واحد و موحد ، و هو كله نافع بجهاته و مدنه و بواديه و قراه، المغرب لا يمكن أن يتقدم إلا بالنهوض بجميع جهاته، و على الجميع أن يؤمن بمستقبل المغرب و يساهم في اقلاعه و تنميته . الحاج محمد توفيق و في للملكية، مؤمن بالشرعية و المشروعية ، منخرط في العهد الجديد، لهذا تشبع بالخطاب الملكي يوم 9 مارس 2011 ، الخطاب الذي أذن بميلاد دستور جديد، دستور يكرس الاختيار الديموقراطي و يجذره ، دستور أعطى دليلا آخر بأن المغرب فعلا يشكل استثناء في المحيط العربي...مغرب له من التاريخ و الشرعيات ما يجعله يصمد و يتخطى الصعاب بشجاعة و بحكمة... و كفاعل سياسي ساهم في تأطير واقناع ناخبي و ناخبات وجدة بغية انجاح هذه المحطة الحاسمة من تاريخ المغرب... انخراط في حملة توعوية لتحسيس الناس بأهمية الحدث و نتائجه الواعدة، و كان الرهان أن يصوتوا بنعم للدستور الجديد. و فعلا المغرب رفع التحدي و كسب الرهان. و كفاعل اقتصادي فالحاج محمد توفيق مومن بالمشروع الملكي الطموح الذي يروم تغيير الوضع الاقتصادي لمدينة وجدة، بمعى تأهيل الاقتصاد و تحسين ظروف الاستثمار و محيطه في المدينة و تحسين المؤشرات الاقتصادية. و في هذا الاطار نسجل انخراط الحاج توفيق في المشروع، فهو منعش عقاري مواطن واع كل الوعي بالدور الذي يجب أن يلعبه كمقاول في تنمية اقتصاد وجدة و المساهمة في تشغيل أبنائها ، و هذه الروح المواطنة هي التي تميز عن كل من ركب العقار طريقا سهلا لمراكمة الثروة و لا يهم كيف. و حرصه على الدور المحوري الذي يلعبه الفاعلون الاقتصاديون في انعاش المدينة اقتصاديا هو الذي حركه لمقاومة الاستبداد و الفساد و كل الاساليب القانونية التي تجهض المبادرة.. و بنفس الشجاعة التي واجه بها بالأمس العامل بوفوس و الوالي ابراهيمي ، بنفس الشجاعة أشاد بجهود الوالي محمد امهيدية في تحريك الاقتصاد بوجدة، وزرع الثقة في رجال الأعمال، و مقاومة الفساد و التماطل الاداري، و تشجيع الاستثمار و المستثمرين . في الندوة التي عقدتها جمعية المنعشين العقاريين بوجدة يوم الجمعة 5 أكتوبر 2012 بفندق كولف اسلي ، تتبعت بدقة تدخلات الحاج محمد توفيق عضو الفدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين و عضو جمعية المنعشين العقاريين بوجدة، و سجلت اشادته القوية بالوالي امهيدية الذي يتواصل باستمرار و فعالية مع المجزئين و المستثمرين و الذي ساهم في حل الكثير من الاشكالات ورفع الكثير من الحواجز، افرج ورخص لمجموعة من المشاريع التي كانت تعاني من الغبار فوق الرفوف. و انا اتابع تدخلات و اجوبة الحاج توفيق، لا حظت تحولا جذريا في خطاب الرجل، فمن خطاب النقد العنيف للسلطة و المصالح الادارية المعنية بالأمس، إلى خطاب الاشادة و التنويه بالوالي العامل محمد امهيدية فما الذي تغير؟ طبعا محمد توفيق ليس من اولئك الذين يبدلون تبديلا ، و لا واحدا من الذين يرفعون شعار" الله ينصر من أصبح" ، فالكثير من المجزئين و المنعشين العقاريين كانوا ينهجون ثقافة الامتثال والتقرب من كل عامل- والي جديد صيانة للمصالح و كسبا للريع الاقتصادي ،اذن اشادتهم بالوالي امهيدية غير ذات معنى ، فاقدة للصدق و المصداقية ، لكن محمد توفيق استثناء. فما الذي تغير اذن ؟ شخصيا حاولت ان افهم ما يقع و أن أجدله تفسيرا مقبولا . مادام ان الوضعية السابقة بخصوص المنتخبين ورؤساء و مسؤولي المؤسسات العمومية لم تتغير فإنه لا يمكن إلا اعتبار الوالي العامل محمد امهيدية قيمة مضافة للمدينة. مع المفهوم الجديد للسلطة تأسست ثقافة جديدة كنفيض لثقافة الامتثال في الشكل و المضمون و الوظيفة، ثقافة جديدة تستمد وجودها من الانفتاح على المواطنين و المجتمع ، ثقافة حريصة على اشراك الفاعلين المدنيين و السياسيين و الاقتصاديين في العملية التنموية، و قد لا حظنا كيف تشبع محمد امهيدية بهذه الثقافة الجديدة ، بل و كيف يجسد ها كواقع. و منذ وصوله إلى مدينة وجدة ظل محمد امهيدية مسكونا بخطاب التنمية و التحديث و احداث فرص الشغل ، ولأن حساسية منطقة حدودية مثل وجدة تتطلب رجلا محنكا من طينة امهيدية ، لتدبير كافة التناقضات و الاكراهات، فإن ساكنة وجدة، و فاعليها، مرتاحون لإنجازاته على مستو الاستثمارات و التنمية المحلية.. قانوني متمرس، خبير و بارع في دراسة الملفات و ابداع الحلول الناجعة لها ، الرجل وراءه تجربة غنية و متنوعة و يتوفر على طاقة نادرة في الاقتراح و الانجاز.