الفرقة الولائية للشرطة القضائية بفاس عمقت البحث مع أربعة أشخاص اعتقلوا على خلفية سرقة قطع حديدية وبراغ من السكة الحديدية بمخرج نفق أرضي قرب حي ظهر المهراز، ما كان سببا في إصابة 47 شخصا بجروح متفاوتة الخطورة، بعد انقلاب عربات القطار رقم 206 الرابط بين وجدة ومراكش. ولم يغفل البحث كل احتمالات ودوافع هذه السرقة، تخوفا من أن تكون للحادث علاقة بعمل إرهابي قد يكون وراءه تنظيم معين، أو تمويله من جهة أجنبية، ما استبعدته المصادر المتحدثة عن عملية سرقة عادية، للحصول على المال، دون نية أخرى. واستطاعت فرقة مكافحة العصابات فك لغز هذا الحادث، في زمن قياسي لم يتعد 12 ساعة، بعدما شددت الحراسة على كل المحلات المختصة في شراء المتلاشيات، وأصحابها، ما سهل التعرف على هوية أحدهم الذي اتضح أنه اشترى مسروقات السكة الحديدية، التي حجزت من قبل الشرطة. وكان إيقاف «م. أ»، البالغ من العمر 42 سنة، والأب لطفلين بدون سوابق، خطوة مهمة في البحث المفتوح، الذي أفضى إلى اعتقال 3 متهمين تتراوح أعمارهم بين 18 و44 سنة، عزاب ويتحدرون من باب الغول بالليدو، وليست لهم سوابق قضائية، بينما ما زال البحث جاريا عن متهم آخر يوجد في حالة فرار. ولعل أهم الإشارات التي كانت سببا في تحديد هويات الموقوفين، تداول أخبار ومعلومات عن قيام مجموعة من شباب باب الغول بسرقة السكة الحديدية، وبيعها إلى أصحاب المتلاشيات، بعدما مشطت عناصر الشرطة، موقع الحادث، وعاينت أثر التخريب وتفكيك عدة صفائح وأقفال مثبتة للسكة. واستمعت، في محضر قانوني، إلى المتهمين الذين اعترفوا بالمنسوب إليهم، وكيفية السطو على تلك القطع، بعد استغلالهم غياب حارس خاص بالموقع المعروف كنقطة أمنية سوداء يستغله بعض المنحرفين، لترصد ضحاياهم. وحسب مصدر مطلع فإن المتهمين أبدوا، في البداية، النية في إنكار المنسوب إليهم، لكنهم سرعان ما اعترفوا تلقائيا، إذ قدموا تفاصيل مختلف العمليات التي قاموا بها بعدة مواقع للسكة الحديدية، خاصة بمناطق ويسلان وبنسودة وباب الغول. وأكدت المصادر أن المتهمين تسللوا إلى النفق ليلا وعمدوا إلى نزع عدة مثبتات بالسكة، قبل حملها وإخفائها بمنازلهم، مشيرة إلى أن قطعا منها بيعت إلى تاجر متلاشيات، بمبالغ مالية تراوحت بين درهم ودرهمين للكيلوغرام الواحد، قبل أن ينكشف أمرهم، إثر التحريات التي باشرتها مصالح الأمن. وأوضحت أن المحققين فوجئوا باعتراف المتهمين بتنفيذ عمليات سرقة مماثلة في أوقات سابقة، تأسفت لعدم تقديم شكايات في شأنها من قبل المكتب الوطني للسكك الحديدية، مشيرة إلى سرقتهم 10 قطع حديدية و22 لولبا مخصصا لتثبيتها، نقلوها ليلا على مراحل إلى الحي المذكور. وأبرزت أن الشرطة القضائية حجزت لدى المشتبه فيهم قطعا وأدوات حديدية يرجح أنها استعملت في تقطيع القطع المستولى عليها، دون ضوضاء أو إثارة انتباه العربات العابرة للطريقين الرئيسيين القريبين من النفق والمؤديين إلى مستشفى الغساني ووسط المدينةالجديدة. وأكدت أن غرضهم من تلك السرقة، كسب مدخول مالي من إعادة بيع القطع إلى تاجر متلاشيات يملك محلا بحي السعادة، في ربيعه الثاني والأربعين، أوقف بدوره بتهمة شراء المسروق، فيما أحيل المتهمون على النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بفاس، بعد إنهائهم مدة الحراسة النظرية. وينتظر أن يحال المتهمون على قاضي التحقيق بالمحكمة ذاتها، بتهم «تكوين عصابة إجرامية والسرقة الموصوفة داخل ممرات السكة الحديدية، المقترنة بالليل والتعدد وظروف التشديد»، إضافة إلى تهم محاولة القتل العمد وتخريب ممتلكات الدولة. وأوضحت المصادر ذاتها أن كل المصابين في حادث انقلاب عربات القطار قبيل أذان صلاة مغرب الخميس الماضي، غادروا المستشفيات التي نقلوا إليها مباشرة بعد الحادث، بعد خضوعهم إلى العلاج الضروري، باستثناء حالة واحدة ما تزال تحت المراقبة الطبية. وكان مصدر مسؤول بالمكتب الوطني للسكة الحديدية عزا الحادث إلى عمل تخريبي طال نظام التثبيت بالسكة، بعد السطو على تلك المثبتات، فيما يتحمل المكتب جزءا من المسؤولية، لعدم مراقبته الخطوط بشكل يومي، وعدم تخصيص حراس دائمين بالنقط السوداء على طول السكة.