جاء في مستهل منشور وزارة الداخلية رقم :83 ق.م.م/3 بتاريخ : 23 مايو 2000 والموجه إلى الولاة وعمال عمالات وأقاليم المملكة حول تدبير المقابر الإسلامية والمحافظة عليها وصيانتها ما يلي :"... سبق لي وأن لفتت انتباهكم إلى الوضعية المزرية التي توجد عليها غالبية مقابر المسلمين عبر تراب المملكة ولا سيما المتواجدة منها بالجماعات القروية ، كما دعوتكم من خلالها إلى حث الجماعات التابعة لدائرة اختصاصكم على الاعتناء بالمقابر الإسلامية وبتنظيمها وصيانتها والمحافظة عليها.ويؤسفني أن أذكركم مرة أخرى بكون المقابر الإسلامية لازالت في معظمها على حالتها المزرية حيث رغم النداءات المتكررة من هذه الوزارة قصد الاعتناء بها ، ورغم الأسئلة النيابية المتعددة التي قدمت إلى الحكومة ، لم تبذل الجماعات المعنية أي مجهود ملموس للخروج بها من تلك الأوضاع المزرية ...ّ". ومن بين الجماعات التي تبدو وأنها أهملت مقابرها جماعة عين الصفاء ، ذلك أن حال المقبرة الوحيدة والرئيسية المتواجدة في مدخل القرية يثير الأسى والحزن ، فكل من يزورها ، أو حتى يمر بالقرب منها ، يحبس أنفاسه بسبب الروائح الكريهة والغير محتملة المنبعثة من تدفق عشرات الأمتار المكعبة يوميا وعلى مدار الساعة من المياه العادمة من الصهريج الرئيسي لشبكة الصرف الصحي بالقرية والمتواجد على بعد بعض الأمتار فقط من المقابر التي تضم رفات الأعزاء والأمهات والأجداد الأوائل رحمة الله عليه جميعا . وهو مشهد يوخر مشاعر الإنسان لعدة اعتبارات ، فهي بعيدة عن المناحي الحضارية ، فيها تشويه للطبيعة والبيئة بالإضافة إلى أنها لا تعبر عن القيم الأخلاقية والإنسانية لمجتمعنا ذلك أنها تعبير ساخر وصارخ عن انتهاك حرمات الأموات ، الأمر الذي يطرح مجموعة من الأسئلة المحرقة .. لماذا مقبرة عين الصفاء مهملة من طرف المسؤولين المحليين من سلطات وجماعة ومنتخبين ؟ وأين حرمة الموتى والمقابر ؟ وأين هي الميزانية المخصصة لصيانتها سيما وأن السور الدائر بالمقبرة لا يتعدى علوه المتر الواحد ومتآكل في الكثير من جوانبه لا يحفظ المقابر من الدخول إليها بعشوائية ومن الحيوانات السائبة . ... مع ارتفاع درجة الحرارة خلال هذه الأيام وتشبيع الأرض المجاورة لمقبرة عين الصفاء بالمياه العادمة وتمدد هذه المياه أصبحت تنبعث منها روائح تزكم الأنوف إضافة إلى تسببها بانتشار الكثير من الحشرات الضارة والفيروسات ، والأمر الذي يدعو الجهات المعنية وكل من يهمه أمر الأموات إلى معالجة الأمر عاجلا ، وهنا يحضرني قول الشاعر العربي جرير الذي رثى زوجته قائلا : لولا الحياء لهاجني استعبار ... ولزرت قبرك والحبيب يزار . والسؤال: لو عاد هذا الشاعر للحياة ورأى حال مقبرة عين الصفاء فهل كان سيقول هذا البيت من الشعر ؟