الفلاحون الصغار ينتظرون بداية الأسبوع المقبل لإنقاذ زراعتهم هل سيعيش القطاع الفلاحي هذا العام لحظة الخسارة الكبرى؟ وهل فقد الفلاحون الأمل في حصد ثمار موسم فلاحي جيد جراء شح الأمطار واستمرار موجة البرد؟ من المرتقب أن يشهد المغرب تساقطات مطرية بداية من الأسبوع المقبل، حسبما أعلنت عنه مديرية الأرصاد الجوية الوطنية. ويعيش مهنيو الفلاحة حالة من الترقب والانتظار لما ستجود به السماء من تساقطات من شأنها أن تعيد الأمل في تدارك الزراعات الخريفية وإنقاذ موسم فلاحي بات قاب قوسين أو أدنى من التعثر. في هذا الصدد قال عبد العزيز أمهروق، رئيس جمعية الأطلس المتوسط للفلاحة والتنمية أنه»على مستوى المناطق الجبلبية، فالأمطار المقبلة قد تستفيد منها المساحات التي تم زرعها مبكرا».أما بالنسبة للبعض الآخر ف»الأمطار الأولى التي تساقطت في بداية الخريف وما نجم عنها من فيضانات أغرقت العديد من المزروعات». وأضاف رئيس الجمعية الفلاحية قائلا أن «الذين تأخروا في عملية الزرع هناك احتمال كبير أن لا تفيدهم هذه التساقطات المقبلة».وأرجع أمهروق عملية التأخر في عملية زراعة الأراضي إلى «النقص في الإمكانيات التي يشكو منها أصحاب هذه الأراضي». أما مجهودات الدولة التي اعتبرها «جبارة في إطار المغرب الأخضر» ف» لا يستفيد منها هؤلاء بل يستفيد منها فقط أصحاب الإمكانيات الكبيرة». وعلل ذلك بكون أن» إعانات الدولة لهؤلاء الفلاحين الصغار المثقلين أصلا بالقروض لا تجد طريقها، في نهاية المطاف، إلا إلى مؤسسة القرض الفلاحي في إطار استرداده لديونه على الفلاحين».وطالب أمهروق الدولة بأن تقوم بدراسات حول طبيعة الأراضي المتواجدة بالأطلس المتوسط ونوعية الزراعات التي تلائمها وهو موضوع» لا يهتم به المسؤولون صانعوا السياسة الفلاحية بالبلاد»،حسب قوله. واعتبر رئيس الجمعية الفلاحية أن» شح الأمطار أثرت أيضا على النباتات وبالتالي على وضعية مربي المواشي». وقال إن» قطعان الماشية والأبقار انخفضت أثمانها في الأسواق نتيجة لهذا الوضع». أما بالنسبة لأحمد أوعياش، رئيس الكنفدرالية المغربية للتنمية الفلاحية والقروية، فإن «استمرار موجة البرد والصقيع التي تضرب المغرب من شأنها أن تضر مساحات زراعية شاسعة، باعتبار هذه الموجة لا تساعد في عملية إنبات المزروعات». واعتبر أوعياش أن «من شأن التساقطات المطرية المرتقبة أن تعمل على تدارك هذا الأمر لأن الوضع مازال لم يصل إلى المستوى الكارثي». غير أن» المساحات في نطاق الزراعات البورية مازالت تترقب التساقطات المطرية في الأيام المقبلة من أجل إنقاذها». وحسب مديرية الأرصاد الجوية الوطنية فقد تشهد السهول الداخلية تساقطات مطرية بكميات معتدلة ابتداء من بداية الأسبوع المقبل. وفي هذا الصدد قال محمد بلعوشي، المسؤول بقسم التواصل بمديرية الأرصاد الجوية الوطنية, في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء, أن التنبؤات التي توصلت بها مديرية الأرصاد الجوية, تفيد على أن الضغط الآصوري الذي هو عبارة عن منطقة للضغط الجوي المرتفع, ظهرت عليه بعض بوادر التلاشي مما سيسمح للاضطرابات الجوية التي كان يدفع بها نحو وسط أوروبا , بالتسرب إلى شمال غرب المغرب, ابتداء من ليلة الأحد الاثنين. كما أوضح أن هذه الاضطرابات سوف تتسرب إلى كل السهول الداخلية وينتج عنها تساقطات مطرية بكميات معتدلة, ستصل حتى الجنوب, وذلك ابتداء من بداية الأسبوع المقبل. وفي الوقت الذي تتنامى فيه مخاوف الفلاحين من تأثير تأخر التساقطات المطرية واستمرار برودة الطقس على زراعة الحبوب والحوامض والخضر والفواكه، إلي جانب تربية الماشية، يرى محمد السعيدي مدير الكنفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية “كوماديم”، بأنه من السابق لأوانه تقييم الوضع في الظرف الراهن والحكم بأن الموسم الفلاحي لهذا العام سيعيش مرحلة الخسارة الكبرى كما أسماها. “صحيح أن هناك بعض المزروعات دخلت منذ أسابيع فمنعطف الظرفية الحرجة والمقلقة، إلا أننا لم نصل بعد إلي مرحلة الخطر” يقول السعيدي في تصريح ل “الأحداث المغربية”، ويضيف: “من هنا للأسبوع الجاي يمكن لينا نعطيو تقييم أولي، والخطر الكبير يمكن لينا نتحدثو عليه يلا استمر الجو على هاذ الحال حتى لشهر فبراير ومارس الجايين” فمنتوجات الحبوب، التي تقدر مساحتها المزروعة هذا العام بنحو 5 ملايين هكتار، ليست وحدها المعنية بقلق ومخاوف الفلاحين، يشير مدير كوماديم، فمعظم المزروعات الفلاحية تتأثر بقلة الأمطار وانخفاض درجة الحرارة إلي المستويات التي هي عليها الآن، وخصوصا حينما تنزل تحت الصفر كما حدث ببعض المناطق كتادلة وغيرها، “ففي هذه الحالة تتضرر بشكل كبير غلة الأراضي المزروعة بالحوامض والخضر والفواكه وغيرها من المنتوجات الفلاحية الهامة في ضمان الغذاء الأساسي للمواطنين ” يشير محمد السعيدي واقع يحيلنا إلي تبرير أسباب ارتفاع أسعار هذه المواد الغذائية بالأسواق في الآونة الأخيرة، وخاصة منها منتوجات الخضر التي حلقت أثمنة تقسيطها فوق القدرة الشرائية للأسر، حيث نتج عن تضرر منتوجات الطماطم بشكل خاص من موجة الصقيع التي ضربت الأراضي غير المغطاة، في إتلاف حصص هامة من المحاصيل وإحداث نقص في العرض ترتب عن عجز قدرته على تلبية الطلب الداخلي، تطبيق زيادات ملموسة في الأسعار. حينها، لم يجد محمد سبكي مدير سوٍق الجملة للخضر والفواكة بالدار البيضاء، سوى الإستنجاد بدعوة “الله يرحمنا بالشتا”، في الوقت الذي خيم فيه التشاؤم على نبرة صوت مهني آخر بالقطاع عندما قال “حتى يلا جات الشتا مع بداية الصيمانة الجاية، كما تتوقع مديرية الأرصاد الجوية، ما غاديش يمكن ليها توفر المردودية اللي خططو ليها الفلاحة فالأول”. علاش؟ سؤال أجاب عنه هذا المهني من خلال التأكيد على واقع تعثر الموسم الفلاحي هذا العام، وهو التعثر الذي ارتبط في نظره بعوامل استمرار موجة البرد من جهة، وتأخر وقلة الأمطار من جهة ثانية بعدما تسببت في تراجع المساحات الفلاحية المزروعة هذا العام، “وهو ما سيضعف حتما مردودية الإنتاج الفلاحي” على حد تعبيره..