البطولة: نهضة بركان يبتعد في الصدارة بفوزه على المغرب الفاسي ويوسع الفارق مع أقرب ملاحقيه إلى تسع نقاط    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مجلسا النواب والدولة في ليبيا يستغربان تدخل الخارجية الليبية في لقائهم في المغرب    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    جرسيف .. نجاح كبير للنسخة الرابعة للألعاب الوطنية للمجندين    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    روسيا تمنع دخول شحنة طماطم مغربية بسبب "أمراض فيروسية خطيرة"    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    "وزيعة نقابية" في امتحانات الصحة تجر وزير الصحة للمساءلة    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في نظرية لتعريب الإدارة المغربية في عصر العولمة
نشر في وجدة نيوز يوم 03 - 02 - 2009


التحديات الكبرى ونظريات الحل
محفوظ كيطوني
التقديم
يمثل موضوع تعريب الإدارة المغربية إحدى الهموم الرئيسية لأعظم المفكرين والباحثين و الجمعويين والسياسيين ( الشرفاء ) منذ فجر الاستقلال .وقد ثار هذا الموضوع بين الفينة والأخرى وفق المتغيرات السياسية والمستجدات العالمية .دون أن يحقق الهدف المنشود منه ،حتى أصبح اليوم أمر حتمي التفعيل في ضل عجلة العولمة التي دخلت علينا بدون استئذان ،والتي إما أن نكون حتى نحن لدينا القدرة في عضويتها والعمل على مسايرتها بما يخدم مصالحنا وهويتنا وإما ستدوسنا ونبقى ملتصقين بعجلتها أينما سارت سرنا معها وأينما وجهتنا توجهنا.توجه القطيع .
وفي خضم هذه الثورة العلمية العالمية ،وهذه السيطرة الفرانكفونية على الثقافة الوطنية ،وهذه الهوة بين الإدارة والمواطن المغربي ...
أي لغة تحتاج إدارتنا المغربية لتحقيق أهدافها – من خلال الاستخدام السليم للموارد البشرية والمادية المتاحة – أخذ في الاعتبار البيئة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية ،بالإضافة إلى الإيديولوجية السياسية التي توجه أنشطتها وعملياتها وتشكل الإطار العام لها ؟؟
وبعبارة أخرى أين نحن ( أفراد ،أسرة ، مؤسسات ، دولة ،حضارة ) من هذا الاستعمار اللغوي والفكري للإدارة والحياة المغربية ؟؟والهادف إلى تحطيم الهوية ( المغربية ،العربية ،الإسلامية )وجعلها لا شيء في معادلة العولمة ؟؟
وبعد أن طرحنا {باختصار} في الجزء الأول الأسس -التي تمثل اللبنة الأساسية والمرجعية الثابتة لنظريتنا لتعريب الإدارة المغربية - وذكرنا الواقع -الذي ما هو إلا نتيجة ما تأصل لدينا منذ عهود الاستعمار الذي دأب على إضعاف كيان الأمة العربية الإسلامية ،ومنه ما ترتب على العوائق والاختلالات السياسية للدولة ومنه ما هو مستورد بامتياز ،وفي جميع الأحوال فقد أصبح هذا الواقع يدعوا بمرارة وحسرة وبطرق غير مباشرة إلى ضرورة تعريب الإدارة المغربية ،مادامت هذه الأخيرة تمثل الكيان والهوية والتقدم ..وركزنا على الطابع الغالب لهذا الواقع من فقر وجهل من جهة ،و فرانكفونية الإدارة واختلالها من جهة ثانية ،وفوضوية بعض الامازيغ من جهة ثالثة .
نأتي في هذا الجزء الثاني لنتناول بصفة عامة التحديات الكبرى التي نراها تقف كحاجز مانع لأي تعريب ونذكر بعدها للأهم النظريات التي تحدد موقفنا بصراحة وتبين لنا نظريتنا اتجاه تعريب إدارتنا.
التي كما قلنا أنها تعطي منطلق فكري تصاعدي في طرح القضية التي لم تعد فقط نزعة ثقافية وأدبية بل هي مسألة سياسية وإستراتيجية بامتياز .
أولا : التحديات الكبرى
01: غياب الارادة السياسية :
الكل يعلم أن هناك تحدي خطير أصنفه من أخطر التحديات التي أصبح يقف حجرة عثرة أمام قضية تعريب الإدارة المغربية وبدأ يطلق عليه مصطلح (( المؤامرة الصامتة )) ضد العناية باللغة العربية، مع أن جهود مزاحمتها وإقصائها جارية على قدم وساق.
ولن أطول هنا لكون المسألة واضحة وضوح الشمس ،إلا أني سأطرح تعليق زميلي الاستاذ عبد الفتاح الفاتحي مسؤول الإعلام بالجمعية المغربية لحماية اللغة العربية على جواب الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان السيد العلمي سعد في معرض رده على سؤال شفوي بمجلس النواب حول هيمنة التوجه الفرنكفوني على الثقافة الوطنية ،قال بان تدابير مرسوم إلزامية استعمال اللغة العربية في الوثائق والمذكرات والمراسلات والمحاضر والعقود والتقارير والاجتماعات وغيرها من الوثائق المتبادلة بين ادارات الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية سواء فيما بينها أو مع المواطنين ستبقى رهينة بمدى تجاوب وانخراط باقي الاطراف الاخرى من اعلاميين وفاعلين واقتصاديين واجتماعيين ومختلف هيئات المجتمع المدني .
فالوزير بهذا يستبق أيادي قد تمنع صدور هذا المرسوم وخروجه الى حيز التنفيذ ..والاكيد أن تلك الايادي هي التي لازالت تعترض على اخراج أكاديمية محمد السادس للغة العربية الى حيز الوجود بعد مرور حوالي نصف عقد من الزمن على صدور الظهير الملكي لانشائها.
أما من ناحية موقف أحزابنا المغربية التي اصبحت خاوية على عروشها ،وأصبحت نخبها لا تقدرعلى شيئ سوى الخلود في المناصب حتى الموت ،واي منصب كان ،المهم هو الخلود فيه،نحن أعضاء حزب الشعب ندعوها كما يدعوها الوطن أن تعلن موقفها بشجاعة ،وأن لا تبقى كسفينة بدون اتجاه،والرياح السياسية المصلحية هي المتحكمة في دواليبها ،وأن لا تكتب فقط اسمها باللغة العربية وتحته الاسم بلغة التيفيناغ،فهذه الاحزاب لم تنصر حتى اللغة العربية وترجع لها هبتها وتلزم تداولها ،رغم أنها اللغة الرسمية للمملكة المغربية ،فبالاحرى ستدعم اللغة الامازيغية ؟ ومن هي هذه الاحزاب التي نتكلم عنها ان كان مجموع الاصوات التي حصلت عليها مجتمعة لا تتجاوز 34٪،أي أن هناك حزب الاغلبية من الشعب يمثل أكثر من 60 ٪.
أما المثقفين المغاربة فجلهم أعلنوا انعزالهم للمشاركة السياسية،واصبحوا أكثر أنانية لا يهمهم لا دين ولا وطن ولا مجتمع ..وتركوا الساحة فارغة للانتهازيين منهم .
ومعظهم تركوا المغرب واسسوا حياة جديدة في بلاد المهجر التي أعطتهم فرصة اثبات الذات وفتحت لهم الافاق.
والقليل منهم يعثبرون أن القضايا الوطنية الكبرى مسؤوليتهم أولا ،والتزامهم بنصرة هذه القضايا اسمى من أي منصب وأسمى من أي حزب وأسمى من أي مصلحة شخصية أو شخص ما .
الا أن هذه الفئة قليلة كما قلت وكلمتها شبه مهمشة ومقصية من مناصب اتخاذ القرار والمسؤولية ،ولكن عددها في تزايد وكلمتها في تصاعد .
02: العولمة :
تعرف العولمة بأنها التعامل على نطاق عالمى، لا يحول دونه حاجز أو عائق. فهو عالم مفتوح دون سقف أو جدران، متداخل بين أطرافه، متقارب بين أجزائه، قوام ثروته الموارد البشرية والخبرات الواسعة المسماة بالمعلومات.
وإن شئنا الحقيقة .. فإن العولمة فى الأصل هى مفهوم إسلامى منبثق من التعاليم الإسلامية، حيث خاطب الله جل وعلا رسوله الكريم بقوله: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" كما قال عليه الصلاة والسلام: "إنما بعثت للناس كافة" . فشمولية الإسلام هى العولمة الحقيقية، وثمرتها هى المعلوماتية الإسلامية التى لا تخص جنسا أو لونا أو عرقا . أما عولمة اليوم فهى تعنى عولمة العلمنة المستمدة من العلمانية.
فتيار العولمة قد طغت عليه العلمانية التى طرحت الدين جانبا واهتمت ببريق المكاسب الاقتصادية، حيث أن العولمة بهذا المعنى هي رأسمالية العالم على مستوى العمق بعد أن كانت على مستوى سطح النمط ومظاهره. كما تعرف العولمة على أنها: تعبير عن ظاهرة تاريخية موضوعية تمثلت في البداية ثقافة بالمعنى الانثروبولوجى تخلقت وتشكلت بنمط إنتاجى هو نمط الإنتاج الرأسمالي الذي اخذ يمتد ويتوسع ويسود حتى اصبح لا مجرد حضارة غربية كما يقال بل حضارة عصرنا الراهن وان اختلف مستواها من مجتمع لآخر. إنها اليوم حضارة رأسمالية عالمية تعد امتدادا تاريخيا متطورا متجاوزا لمختلف الثقافات والحضارات الإنسانية السابقة.
ولم يعرف العالم تغييرا كبيرا فى البنية الحركية والتطورية كما يشهده اليوم، فالآلاف الستة من السنوات التى تشكل التاريخ المدون للبشرية لم تشهد ما شهدته من تضاعف المعرفة المكتسبة خلال القرن السابق، حيث تزايدت بصورة تصاعدية كبيرة، مما يعنى أن ما كان يتطلب آلاف السنين من التطور يتم خلال عقد واحد ، متضاعفا خلال سنوات قليلة فى المستقبل، وكأننا أشبه بقطار زمنى يخترق حاجز التطور وتزداد سرعته كلما توغل فى الاختراق.
وهذه الظاهرة الإعصارية تتمثل فى النظام الاقتصادى الذى ينبع من الرأسمالية الغربية التى تهيمن على اقتصاد العالم بعد تقهقر جميع الأنظمة الأخرى أمامها فى الفترة الأخيرة، كما تتمثل فى ثورة العلوم بمجالاتها المختلفة. حيث يمكن إيجاز ذلك فى:
◄الثورة المعلوماتية: وهى الثورة الرقمية فى دنيا المعلومات التى تصدرت قوائم التقدم العلمى، وربطت العالم من خلال شبكة المعلومات بشتى الخدمات، فأصبح بإمكان الفرد أن يتصل بأى فرد آخر بالعالم ويخاطبه سواء عن طريق الكتابة أو الصوت المسموع، وأن يبيع ويشترى، ويعرض خدماته ويستقبل خدماته العلمية والطبية والتسويقية وغيرها دون أدنى مشقة، وقد حطمت هذه الثورة حاجز اللغة حيث أمكن من خلال بعض المواقع على الشبكة الترجمة الفورية لمعظم لغات العالم، كما حطمت حاجز المكان وحاجز الزمان متمثلة فى السرعة الهائلة التى تتم بها المعاملات والاتصالات. فهى ثورة غير مسبوقة بجميع المقاييس حيث فاقت الطائرة والبرق والهاتف وكل مخترعات القرن العشرين.
◄الثورة الاقتصادية: وهى ثورة ترتبت على المعلوماتية فى عالم الأسواق ورؤوس الأموال، فقد خطت بخطى واسعة نحو ربط الاقتصاد العالمى بشبكة واحدة ، حيث اجتمعت 23 دولة عام 1984 وأسست (منظمة الجات وهى تعنى الاتفاقية الدولية للتجارة) التي قررت إلغاء حواجز التبادل التجاري والجمارك بين دول المنظمة التي ازداد عددها ليصبح حجم تجارتها يمثل أكثر من 90% من عمليات التبادل التجاري العالمي، وقد تقررت في جلسات تلك المنظمة القوانين والمقاييس والأنظمة التي تحكم عمليات التبادل التجاري. ثم أُنشئت (منظمة التجارة العالمية) لتحل محل منظمة الجات في بداية عام 1996، و لتكون مجلساً مشرّعاً له نطاقٌ أوسع وقوةٌ مستقلة وصلاحيات أكبر في تقنين عمليات التبادل التجاري العالمي ومتابعة تطبيق قرارات الدول المنظمة وحل النزاعات بينها .
◄الثورة التكنولوجية: وهى التزايد المتسارع فى عالم التكنولوجيا والتصنيع فى جميع المجالات، ومن أمثلتها: اختراع القطار السريع (المونوريل) والقطار الهوائى ذى السرعة الفائقة، والطائرات ذات السرعة الصوتية ، وسفن الفضاء وغيرها من المركبات التى حطمت الحاجزين الزمانى والمكانى.
◄ الثورة البيولوجية: لقد هبت على العالم فى الآونة الأخيرة جنون البحوث البيولوجية، حيث توصل العلماء إلى إمكانية استنساخ المخلوقات !!، وخرائط الجينات الوراثية!!، ونقل الأعضاء، وتأجير الأرحام وغيرها مما يقف أمامها العقل والدين فى حيرة
.. أيصدقها أم يرفضها . ومهما كان من الأمر إلا أننا لا ننكر أننا أمام مستجدات واقعية من العلوم تحتاج إلى تقنين وتدبر!!
ثانيا : نظريات الحل :
نعرض بعض النظريات والبدائل لحل اشكالية تعريب الادارة المغربية في عصر العولمة و تتمثل اهمها فى:
1 نظرية الانعزال
وهى اللجوء إلى الموروث والانطواء والانعزال بالفكر التقليدى خوفا من التغيير، نتيجة التعلق بمفاهيم دينية تصور للمخطط سلبية التحديث خوفا من الانزلاق مع تيار العولمة . وهذه النظرية مرفوضة مع واقعنا ولا تتساير مع وجهة النظر الإسلامية الصحيحة التى تحض على بذل الجهد فى سبيل العلم والمعرفة اتباعا لتعاليم الرسول عليه الصلاة والسلام فى قوله: "اطلبوا العلم ولو فى الصين".
2 نظرية الانصياق
وهى القبول المطلق لكل إفرازات الحضارة العولمية بإيجابياتها وسلبيتها، مع الخلط التام لكل المناهج المستوردة، بالاعتبار القاصر أن الآلات والتكنولوجيا هى منجزات علمية تعبر عن قمة الحضارة، وأن المتخلف عن ركبها يعبر عن الرجعية بعينها. وهذه النعرة يتبناها العلمانيون دعاة التخريب والفوضى ، وهى مرفوضة من وجهات النظر العقائدية والاجتماعية وغيرها.
3 نظرية التحدى
تحتاج هذه النظرية إلى قدرات ومهارات عالية، وأكثر من ذلك أنها تحتاج إلى عقول مفكرة وعزيمة فائقة وقدرات مادية وتنظيمية عالية، لدخول حلبة التنافس والتفوق على المد العالمى الغربى والشرقى، وقد تكون مقبولة لدى النفس، ولكننا لا يمكننا بأى حال من الأحوال خوض هذه التجربة ورحم الله امرؤا عرف قدر نفسه... وقد تكون صالحة فى المستقبل مع تغير الظروف أما اليوم .. فلا.
4 نظرية المعرفة
وهذه النظرية هى أكثر النظريات قبولا، فهى تتناول حتمية التغيير والتواؤم مع المستجدات العالمية، والانتقاء الحذر الذى يقوم على الفحص والتدقيق، حيث أن هذه المستجدات قوامها اليوم هو المعرفة، إيمانا منا بما ذكره القرآن الكريم: "قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون" . كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضلكم إيمانا أفضلكم معرفة. ويؤكد العديد من المفكرين أن القوة فى القرن القادم لن تكون فى المعايير الاقتصادية أو العسكرية ولكنها تكمن فى عنصر المعرفة. فبعد أن كانت المعرفة مجرد إضافة إلى سلطة المال والعضلات باتت اليوم فى جوهرها الحقيقى سلطة .حيث ترتبط القوة العسكرية والاقتصاد بالقدرة المعرفية كأساس للتفوق. ومع يقيننا بأن الرجوع إلى الوراء أمر مستحيل وأن خوض غمار هذه الثورة أمر واجب النفاذ، وبعيدا عن حمى ونعرة "التراث" وقضايا الدفاع عنه، والتباكى على أهداب الماضى ونبذ كل ما هو جديد، فليس من المنطقى أن نظل نمتطى الدواب بينما السيارات الفارهة تسير بجوارنا!! أو أن نظل فى أكواخ أجدادنا الطينية وغيرنا يتنعم فى القصور!!.
إننا يجب أن ننظر إلى القضية من منظور آخر، وهو منظور الند للند، فشبكة المعلومات هذه إن لم نتعامل معها من منطلق القوة فستتحول لحصارنا كالفئران التى لا حول لها ولا قوة. ونحن لسنا أقل من تلك الشعوب التى يقال عنها الشعوب المتقدمة لا ثقافة ولا معرفة ولا عزيمة. وانطلاقا من التعاليم النبوية التى تحض على التواؤم الحذر وتوطين المعرفة الذي يهدف الى الرقي والتفاعل الحضارى والتواصل الثقافى مع مختلف الشعوب والامم.
◄ الخلاصة:
نحن المغاربة .. نملك الكثير من عناصر القوة ، والكثير من عناصر الحركة ، والكثير مما يمكن لنا أن نؤصل إنسانيتنا ونتفاعل مع المستجدات بعقل واع وفكر راق وفعل متدبر:
01 باعتبار التنوع الثقافي والتعدد اللغوي الامازيغي كمنطلق وحدة وقوة تحت الهوية الاسلامية واللغة العربية السامية.( ان زاح التعدد اللغوي والتنوع الثقافي عن الهوية الاسلامية بلغتها الام ،فهو بداية منطلق التفرقة والعنصرية والفوضوية ،رغم أن ملامح هذه الفوضوية في ظل رد الاعتبار للغة الامازيغية بدأت تظهرعند البعض وتجل أهمها في نظريات وافكار الحزب الامازيغي الذي لحسن حظ المملكة، أن وزارة الداخلية المغربية مشكورة لم تعترف به ).
02 علينا أن نواجه مشاكلنا بكل وضوح وصراحة وتكون لدينا الجرأة فى كشف عيوبنا واتخاذ القرار المناسب، بما يضمن لنا أن نمد جذور حضارتنا الأصيلة بحضارة الغد ، لتكون أكثر وضوحا وأكثر إشراقا،وأن نفكر في كيف نبني لا في كيف نهدم.لكون الهدم سهل و البناء صعب والكثير من الانانيين والانتهازيين أخذ يختصر الطريق باتخاذ نظريات وسياسات الهدم.
03 أن نعترف ان الادارة الراشدة التى نحلم بها فى المستقبل، لهى حصاد الفكر المستنير والعمل الدائب نحو الأفضل.
إننا في بحر هذا العالم المتراكم والمتلبّد بالصراعات علينا أن نسبح وإلا فالغرق هو ما ينتظر تقاعسنا وضعفنا. لقد أحاطت بنا العولمة شئنا أم أبينا وأُدخلنا عصر العولمة بكل الحيلة بالقوة والرغبة إما أدوات أو مواد أولية مصدرة أو مواقع استثمار ومنتجون أو أسواق وأفواه مستهلكون. إن العولمة ليست مجرد مال وصناعات متقدمة وعلوم إنما هي صراعات فكرية وعقائدية وثقافية إنها هوية يراد منها المسخ والاضمحلال وأين نحن من قوله تعالى:( وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) وأين يكمن سر هذه القوة التي أمر الله سبحانه وتعالى بإعدادها هل هي في نفوسنا أم في نفوس الآخرين؟! فنحن أمام معركة حضارية وعقائدية وسياسية وثقافية كبيرة.
والمملكة المغربية حيال تلك التكتلات الكبيرة والأوضاع الخطيرة الضاغطة ضعيفة يسهل اصطياد رواد نظريات الهدم والتفرقة وإخضاع مسؤوليها الانتهازيين والتحكم بمساحاتها السياسية و الااقتصادية والاجتماعية تحكماً مباشراً ولا سيما خلخلة المجتمع وتفكيك الاسرة المغربية ...
لكننا لسنا في متاهات اليأس وليست هذه نهاية العالم أو نهاية التاريخ بالنسبة لأمتنا المغربية إذا تبقى هناك وبشكل عام إمكانية أن تحاول التخلّص من السيطرة نسبياً وأن تصمد بوسائلها الخاصة إلى حدود وتبقى هناك طاقة روحية مصدرها الإيمان والإسلام تستطيع أن تقاوم وان تصمد وتستأنف مسيرة النهضة وترسم صورة مشرقة لادارتنا المغربية .
محفوظ كيطوني
باحث في الإدارة [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.