محمد حومين في أفق بلورة" استراتيجية وطنية لمشروع المؤسسة". مكتب الدراسات" جيو ادراو" يزور بعض المؤسسات التعليمية في ثلاث نيابات بالجهة الشرقية لقد كثر الحديث عن السلة الضخمة من المشاريع الإصلاحية، التي يحملها السيد الوزير الجديد المحترم على متن" التراكتور" المزود بطاقة وزارة السيادة، وهي مشاريع قابلة للنجاح وإخراج مدرستنا العمومية من أزمتها، إذا صاحب ذلك الانتقال من" سياسة الشفهي" إلى مجال التطبيق بتكليف من وزارة التربية الوطنية، يقوم مكتب الدراسات" جيو ادراو" بزيارة بعض المؤسسات التعليمية في ثلاث نيابات بالجهة الشرقية، والتي بلغ عددها 14 مؤسسة، منها 11 مدرسة وإعدادية بنيابة فجيج، وإعدادية ومدرسة واحدة بنيابة الناظور، وإعدادية القدس بنيابة وجدة- أنجاد. معظم هذه المؤسسات تتواجد في الوسط الحضري، باستثناء ثلاث منها تقع في الوسط القروي، وتدخل هذه الزيارات الميدانية في إطار الدراسة التي تقوم بها الوزارة من أجل إيجاد تصور مشترك في أفق بلورة" استراتيجية وطنية لمشروع المؤسسة". لقد استهدفت مختلف اللقاءات التي يقوم بها مكتب الدراسات، التعريف بالمؤسسات التي تتوفر على تجارب في مجال مشروع المؤسسة، وعلى ما تتوفر عليه من إمكانيات في علاقة بتفعيل مشروع المؤسسة، أو التي لا تتوفر على هذه التجارب باعتبارها عينة ضابطة، كما تم استجواب مجموعة من فرقاء المؤسسة التعليمية وشركائها حول مشروع المؤسسة المنجز داخل مؤسساتهم من حيث موضوعه، وخطته، وكيفية تدبيره، وطرق تقويمه، وسبل تطويره، وكذا المساهمين في إنجازه، وتم استقصاء آراء السادة الأساتذة في الموضوع، و آراء المتعلمين بخصوص مشروع المؤسسة.. لقد اتبع المشرف على الدراسة منهجية إجراء المقابلات المنفردة، مع كل من السادة المديرين المعنيين بالدراسة، وكذلك فريق الأساتذة، ونفس المقابلات تمت مع ممثلي مجلس التدبير وجمعية الآباء والشركاء. يظهر أن الوزارة قررت أخيرا مأسسة وتعميم" مشروع المدرسة" على كل المؤسسات التعليمية، بدلا من اقتصاره على التجارب التي دشنها مشروع" ألف"، أو تلك التجارب الذاتية التي خاضتها العديد من المؤسسات التعليمية على الصعيد الوطني، والتي حققت نتائج ممتازة، تمثلت في الرفع من مستوى التلاميذ، ودعم مردود يتهم التحصيلية والمهارية، و جعلت المؤسسات فضاء موازيا لممارسة مختلف الأنشطة الفنية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والرياضية، متجاوزة النظرة الكلاسيكية للمدرسة التقليدية التي ينحصر دورها في تقديم المعلومات والمعارف فقط، وما عدا ذلك ، فما أنزل الله به من سلطان. لقد ساهم مشروع المدرسة في تعبئة الأطر التربوية المنخرطة فيه، وساهم في تحسين مردود الفعل المدرسي، كما وكيفا، وحاول التصدي لمختلف أنواع الفشل والهدر المدرسيين في العديد من المؤسسات، وكرس انفتاح المؤسسة التعليمية على محيطها السوسيو - اقتصادي، وانفتاحها على التجارب التربوية الأخرى، تجسيدا لمفهوم الشراكة التربوية، والتي تعتبر من أبرز المستجدات التربوية الحديثة التي تبناها النظام التربوي المغربي ضمن عشرية الميثاق الوطني للتربية والتكوين، ولكن بشكل محتشم، ذلك أنه لم يشر، في مجالاته ودعاماته الأساسية، بشكل مفصل وواضح للشراكة التربوية أو مشروع المؤسسة، بل حتى الشراكات التي تحدث الميثاق عنها، ظلت حبرا على ورق، ولم تطبق منها إلا النزر القليل، كالشراكة بين الدولة والجماعات المحلية لتمويل قطاع التعليم، والشراكة بين المعاهد التقنية والمقاولات الصناعية والمالية. ظهر مشروع المؤسسة في الدول الأنجلو *** ونية، وتبنته فرنسا منذ أوائل الثمانينيات، وارتبط المشروع في خلفياتة التربوية والإيديولوجية، بالتربية الحديثة الداعية إلى الحرية والمبادرة الفردية والفكر التعاوني التشاركي، في إطار منظور براجماتي ليبرالي، وحاول النظام التربوي المغربي منذ 1994 مع المذكرة الوزارية رقم73 تحت عنوان( دعم التجديد التربوي في المؤسسات التربوية)، ومع المذكرة الوزارية رقم 27 بتاريخ 24- فبراير-1995 التي تحمل نفس العنوان، تبنى هذا التوجه، إلا أن المناخ المتأزم لقطاع التربية والتعليم في تلك المرحلة، ونكبة المدرسة العمومية التي تم الاعتراف بها بشكل رسمي، وما نتج عنه من ميلاد للميثاق الوطني للتربية والتكوين، ومروره مر الكرام على المفهوم، شكل معيقا وإكراها ذاتيا وموضوعيا، حال دون الحصول على نتائج ملفتة للنظر يمكن الاعتماد عليها وتعميمها خاصة بالجهة الشرقية، وذلك رغم محاولة مشروع" ألف" الذي حاول تعليق الجرس ومحاولة ترسيخ وتوضيح الكثير من المفاهيم. ويجب أن نعترف أنه نجح لحد بعيد في الكثير من المؤسسات التعليمية، التي تناول مشروعها المدرسي، الجوانب البيداغوجية والتربوية والحياتية، مثل ما حدث في الثانوية الإعدادية القدسبوجدة، وأخرى بالجهة الشرقية. وفي الأخير، نتمنى صادقين للسيد الوزير وطاقمه الجديد- القديم، النجاح حيث فشل سلفه، ونثير انتباه سيادته أن الاكتفاء بصناعة المذكرات والقرارات الوزارية التي لم يعد يلتفت لها أحد، والاستمرار في سياسة ترديد الشعارات الموسمية، وتفريخ التظاهرات التربوية التي تقف عند حدود التنظير والتجريد، إستراتيجية أظهرت سنوات الإصلاح فشلها الدريع، ونظن أن أفضل مدخل لمقاربة العمل بمشروع المؤسسة، يكمن في فرضه بنص قانوني، كما فعلت فرنسا في سنة 1989، وإجبار المؤسسات التعليمية على إعداد مشاريع خاصة بها، والعودة إلى التوجيهات الرسمية الصادرة سنة 1973، التي ألحت على تخصيص 10% من استعمال الزمن، لإنشاء رفقة التلاميذ،" مشاريع في مواضيع تربوية، تخرج عن إطار المواد الدراسية المقررة". لقد كثر الحديث عن السلة الضخمة من المشاريع الإصلاحية، التي يحملها السيد الوزير الجديد المحترم على متن" التراكتور" المزود بطاقة وزارة السيادة، وهي مشاريع قابلة للنجاح وإخراج مدرستنا العمومية من أزمتها، إذا صاحب ذلك الانتقال من" سياسة الشفهي" إلى مجال التطبيق والتنفيذ والتقويم والنقد الذاتي، وتسهيل المساطر وتحديد المسؤوليات، وتحفيز الجادات والجادين من نساء ورجال التعليم ماديا ومعنويا، وذلك أضعف الإيمان، وحث شركاء المدرسة على المشاركة الفعلية والملموسة." وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ".صدق الله العظيم.