الطريقة الصوفية العلوية المغربية / ... وإذكاء روح العمل والعبادة لدى الفرد ومواكبته للتطور والمساهمة في تنمية محيطه والحفاظ على هويته والدفاع عن ثوابت الأمة بمناسبة حلول السنة الهجرية الجديدة 1435 ه، أحيت الطريقة الصوفية العلوية المغربية احتفالا دينيا روحيا، يوم الثلاثاء 5 نونبر 2013 م، بعد صلاة المغرب، بزاويتها بمدينة تاوريرت الكائنة بحي التقدم، بحضور عدد كبير من منتسيبها ومريديها، وكذلك عدد كبير من شيوخ ومريدي الطرق والزوايا الصوفية الأخرى بالمملكة، ووفد من نقابة الشرفاء الأدارسة، ومحبي آل بيت رسول الله، وكذلك وفد من السلطات المحلية.
الاحتفال السنوي، نظم تحت شعار: " سُنة باقية وطريقة ماضية".. وفي هذا الصدد، أوضح الناطق الرسمي للطريقة الصوفية العلوية المغربية، السيد رضوان ياسين: " إن سُنة الهجرة ليست مقتصرة على الأنبياء والرسل، بل تشمل أيضا كل مسلم ومؤمن- حيث قال الله سبحانه وتعالى في سورة الفتح/ الآية 22:" سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً".
في نفس السياق، أكد مقدم زاوية الطريقة الصوفية العلوية المغربية بمدينة تاوريرت، السيد الحاج محمد مستعين؛ أن زاوية الطريقة بمدينة تاوريرت، تتشرف بتنظيم هذا الاحتفال السنوي من أجل المحافظة على تراث وثوابت الأمة، و تقريب مفهومهما لشباب اليوم".
الحفل انطلق بعد صلاة المغرب بتلاوة سورة الواقعة جماعة، وبعد ذلك قراءة الورد العام للطريقة ( الوظيفة)، وسند الطريقة، ثم تلاوة سورة الفتح جماعة.
بعد أداء صلاة العشاء، استمر الحفل بالذكر، والسماع، والمديح على سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم، وتجويد وتلاوة للقرآن الكري،م تخللته كلمات بالمناسبة من عدة علماء وأساتذة، وأقيمت حضرة ربانية، أضفت جوّاً من السكينة، والطمأنينة، والسكون على الحفل، وألقى فضيلة شيخ الطريقة الصوفية العلوية المغربية، وممثلها العام بالمملكة، كلمة مملوءة بالمعاني والأنوار حول المعاني الحقيقية للهجرة بالنسبة للمؤمن والمريد. هي الهجرة، محطة في حياة العبد، وجب المرور منها.. والهجرة الحقيقة هي من هاجر هوى النفس، وما نهى الله والرسول عنه؛ من أجل تقوية الإيمان، والزيادة في التوكل على الله، مع الأخذ بالأسباب، والإخلاص في العمل من خلال الثبات على المبدإ والمنهج، ومراعاة حدود الشريعة. هي بالنسبة للمؤمن والمريد، سُنَّةَ يجب العمل بها، وطريق لا بد أن يسلكه من أجل المضي في تحقيق الغاية العظمى، والهدف الأسمى، وهي تزكية النفس، والتحلي بمكارم الأخلاق؛ لمزيد من الترقي في درجات الإحسان، والتقرب إلى الله عز وجل قصد نيل الرضا والرضوان. قال الله تعالى في سورة التوبة/ الآية 100:" وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ".
إن هذا الترقي في درجات الإحسان، يمكن بلوغه من خلال اتباع منهج تربوي روحي، مبني على محاسبة، ومجاهدة، ومراقبة النفس. قال مؤسس الطريقة الشيخ أحمد بن المصطفى العلوي، في بعض من الأبيات: مريد المعنى له سمة في وجهه
ونور على الجبين ضاء فتلألأ تراه خافض الطرف ينبيك حاله
مذلل للوصال ذلا حوى ذلا يكون عبدا لله في كل حالة
آتيا بفرضه ومعتبرا النفلا وليحاسب نفسه بنفسه قبلها
وليكن نائب الحق بنفسه أولى وليس لك هذا إلا بصحبة من
له مقام يسمو وقدر تبجلى
بعد قراءة دعاء اللطفية، وفي جو روحاني خشعت فيه القلوب، رفعت أكف الضراعة إلى الله عز وجل أن يرزق أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمداً السادس، العز، والنصر، والتمكين، وأن يبارك خطواته الميمونة، ويديم عليه موفور الصحة، والعافية، والسعادة، والهناء، ويحفظ ولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن، ويشد أزره بشقيقه الأمير مولاي رشيد، وباقي الأسرة الملكية الشريفة.. كما رفعت أكف الضراعة إلى الباري تعالى بأن يتغمد برحمته الواسعة جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني، ثم تليت برقية الولاء والإخلاص المرفوعة إلى صاحب .الجلالة الملك محمد السادس نصره الله
استمر الحفل البهيج إلى ساعات متأخرة من الليل، امتزج فيه تلاوة القرآن، والمديح والسماع، مما خلق جوا روحانيا، مكّن الحاضرين من التزود بشذرات ربانية.
إن الهدف الأسمى للطريقة الصوفية العلوية المغربية من هذا الاحتفالات والملتقيات، هو غرس المحبة في قلب المريد، وإذكاء روح العمل والعبادة لدى الفرد، ومواكبته للتطور، والمساهمة في تنمية محيطه، مع الحفاظ على هويته، والدفاع عن ثوابت الأمة
معلوم أن الطريقة الصوفية العلوية المغربية، تأسست منذ أكثر من مائة عام، و شيخها الحالي، وممثلها العام بالمملكة المغربية، هو الشيخ الحاج سعيد ياسين، وسندها متصل خلفا عن سلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولها عدة زوايا في مختلف جهات المملكة، يسيرها" مقدمون"، حيث تقام لقاءات أسبوعية للذكر والفكر.