يعد قطاع الصيد البحري من أهم الأسس الاقتصادية بالمغرب، ويشتغل آلاف البحارة بقطاع الصيد الساحلي في ظروف لا إنسانية، تتميز بقساوة وطول مدة العمل، في غياب حد أدنى لشروط السلامة والوقاية من حوادث الشغل التي تصل حد الغرق والوفاة وغياب حماية اجتماعية، نتيجة زهد الأجور وانعدامها في فترات طويلة من السنة، جراء اعتماد البيع في السوق السوداء التي تسمح للباطرونا بسهولة سرقة أجور البحارة. وستظل هذه الأوضاع الكارثية مستمرة ما لم يتحد كل البحارة العاملين بالقطاع في إطار تنظيماتهم النقابية، لرفع الحيف عنهم، والدفاع عن حقوقهم الأساسية في التنظيم والحريات. وفي هذا الصدد، نتطرق للوضعية المزرية التي يعيشها بحارة كل موانئ هذا الوطن الجريح، ونخص بالذكر بحارة ميناء العرائش، وهنا أطرح الأسئلة التالية: من يتحكم في بيع السمك بعد اصطياده، مع غياب القانون الذي ينظم العلاقات بين العمال البحارة ورب المركب؟ إن هذا الأخير أحل لنفسه هذه المهمة، حيث يقوم ببيع المنتوج، معتبرا أن السمك في ملكيته وحده، فيبيعه بالطريقة التي ترضيه، وبالثمن الذي يروقه، لأن تجار السمك، معظمهم أرباب المراكب، أما البحارة الذين يتوجهون للاصطياد بالبحر، ويأتون بالسمك، ويصعدون به لرصيف الميناء لا يستفيدون شيئا، والتعسف يطال حتى طريقة صرف الأجور. والشيء الذي يميزنا نحن بحارة الصيد الساحلي، هو أن أجرتنا تكون بالحصص، ويجعلونها أسبوعية حتى يتمكن رب المركب من تضخيم المصاريف، لتسهيل تقليص أجرة البحارة. والمصاعب لا تتوقف عند هذا الحد، فعندما لا تسمح الظروف بالإبحار، وتتوقف حركة البحر، لا يجد البحار ما يعتاش منه، فالظروف الجوية السيئة تجعل البحار يعيش ظروفا قاسية ومهمشة، لا يجد أدنى ما يقتات به، ويعيش حياة غير مستقرة. من يقوم بتهريب السمك؟ يصطاد كل مركب في الليلة ما بين 500 إلى 1000صندوق تقريبا عندما يكون السمك وفيرا، لكن نسبة قليلة هي التي تبقى محليا، والباقي يتم تصديره للمناطق التي لا تتوفر على البحر، ورب المركب هو الذي يتكلف بتلك العملية، أما نحن البحارة، فنأتي لهم بالسمك فقط، وهم يصدرونه بطريقتهم، ويؤدون لنا أجورنا بالكيفية التي يريدون رغم وجود قانون عرفي يحدد المكلف بعملية التصريح، أو ما يسمى" بالدلال"، وبموازاته المنتوج الكلي من السمك. إننا نعلن استنكارنا لهذه العملية، لأننا لا نلمس ذلك في الواقع، ولا نراه. نحن نأتي بحوالي 600 صندوق، بينما 50 أو 100 هو الظاهر، والباقي يتم تهريبه بطريقة غير شرعية، باستعمال شتى الوسائل، كالتزوير، والرشوة، والزبونية. من يتحكم في توزيع المصاريف المشتركة؟ نحن نأتي بمحصول الإنتاج الذي نصطاده، ويتم حصر المصاريف المشتركة التي نقوم بخصمها بعدما تكون مشتركة بين البحار ورب المركب، ويتم توزيع الحصص تبعا للقانون العرفي الذي يحدد 50 بالمائة لفائدة الطاقم، و50 في المائة لرب المركب، لكن هذا البند لا يتم احترامه، بل يبقى مجرد كلام، لأننا في غياب مندوب البحارة، لا نعرف كم بقي من حصة الطاقم. هنا تبرز مشكلة تتعلق بعدم التصريح بالكمية الحقيقية من السمك، وعدم تفعيل الضوابط والأعراف المنظمة للدلالة، في تواطؤ مكشوف بين أرباب المراكب وتجار السمك، مما يفوت حتى على الدولة حقوقها، ويجعل راتبنا المحصل دون مستوى الخطر والجهد الذي نبذله، زيادة على الحالة المزرية للمراكب التي لا تتوفر فيها شروط السلامة، ودون تدخل لحماية أرواح البحارة، وخير دليل على ذلك، هو العدد المرتفع للموتى والمفقودين، وكذلك رفع سومة التعويضات العائلية إلى 1380 درهما، مما يفوت على البحارة حقوقهم، وخصوصا التزوير الذي يلحق عملية التصريح بالمنتوج، في غياب دور المراقبة التي يجب أن تتحملها الدولة، بما يعنيه ذلك من إضاعة حقوق البحارة، وكذلك الطرد التعسفي الذي يتعرض له البحار من طرف أرباب المراكب، بدون مبرر، ودون حضوره، أمام سكوت المسؤولين والأبواق الانتخابية. إذاً، فإن مجمل هذه المشاكل والخروقات، تستدعي منا النضال كحل وحيد لإقرار حقوق البحارة.