مجلس الحكومة يتدارس مرسوماً متعلقاً ب"طنجة تيك" يوم الخميس    حوض اللوكوس .. الأمطار الأخيرة تنعش حقينة السدود بأكثر من 50 مليون متر مكعب    جائزة القيادة في النوع الاجتماعي: البنك الدولي يكرم لُبنى غالب، عضو مجلس إدارة مجموعة طنجة المتوسط    استمرار الأمطار والثلوج بالمملكة غدًا الأربعاء.. وطقس بارد مع رياح قوية في عدة مناطق    العواصف تُعرقل حركة السفر بين طنجة والجزيرة الخضراء عبر خط طنجة – طريفة    أمطار رعدية وتساقطات ثلجية بعدد من مناطق المملكة اليوم الثلاثاء    مركزية ONCF بالمغرب تضع أطر وإدارة محطة القطار بالجديدة في مواجهة احتجاجات الزبناء بحكم الأعطاب المتكررة وغياب جودة الخدمات    القنيطرة .. العثور على جثة طفلة داخل حاوية نفايات    الرئاسة المغربية لمجلس السلم والأمن لشهر مارس.. المملكة تدعو إلى تعزيز دور لجنة الحكماء    إسبانيا تلغي احتفالات "إنزال الحسيمة" لتجنب توتر دبلوماسي مع المغرب    الأداء السلبي ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    العراق يملك واحدا من أعلى احتياطيات الذهب عربيا ب162طنا    سقوط طبيب ومروج ل"القرقوبي" في يد أمن بركان    أمطار غزيرة ورعدية تتراوح بين 50 و70 ملم تهدد مناطق بالمملكة    مسؤولون يترحمون على محمد الخامس .. باني الأمة ومضحي للاستقلال    انتخاب بوعياش بالإجماع لرئاسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان    تلوث الهواء يطال 14 مدينة هندية    الناصيري ينفي الإساءة إلى حجيب    الشابي يشيد بقتالية الرجاء بعد الفوز على النادي المكناسي    الحبس والطرد من الإمارات.. تفاصيل قضية الفاشينيستا روان بن حسين في دبي    صيدلاني يشجع الشك في "الوعود الدعائية" للعقاقير الطبية    علماء: الإكثار من الدهون والسكريات يهدد المواليد بالتوحد    عمر الهلالي يعرب عن رغبته في تمثيل المنتخب المغربي    المسرح يضيء ليالي الناظور بعرض مميز لمسرحية "الرابوز"    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    حركة المرور تعود إلى طبيعتها على الطريق الجهوية 302 الرابطة بين تبانت وزاوية أحنصال    نهضة الزمامرة يعيّن الفرنسي ستيفان نادو مدربًا جديدًا خلفًا لبنهاشم    فتح باب الترشيح للاستفادة من دعم مشاريع النشر والكتاب هذا العام    انتقادات لاذعة تطال نيمار لمشاركته في "كرنفال ريو"    توقعات أحوال الطقس ليوم الثلاثاء    الوداد الرياضي يستعد لمواجهة اتحاد طنجة بغيابات وازنة    كيف يؤثر الصيام في رمضان على الصحة ويحسنها؟    ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.. باريس سان جرمان يسعى للثأر من ليفربول    كاف تفتح طلبات البث التليفزيوني لبطولاتها    تقرير: أسعار العقارات سجلت استقرارا خلال العام الماضي    غواتيمالا.. إعلان حالة التأهب وإجلاء المئات إثر ثوران بركان فويغو    الصين تختم اجتماعات القيادة السنوية    تناول السمك يتيح تطور الشخصية الاجتماعية عند الأطفال    الجزائر بين العزلة الدولية وسراب النفوذ أوحينما لا تكفي الأموال لصناعة التحالفات    حتى ‬لا ‬تبقى ‬الخطة ‬العربية ‬الإسلامية ‬لإعمار ‬غزة ‬معطلة ‬    قمة ‬جزائرية ‬تونسية ‬ليبية ‬لنسف ‬القمة ‬العربية ‬الطارئة ‬في ‬القاهرة    الصين: متوسط العمر بالبلاد بلغ 79 عاما في 2024 (مسؤول)    تنظيم الملتقى الأول ل''رمضانيات السماع و المديح للجديدة    الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.. من الشعارات الانتخابية إلى محكّ السلطة    شخصيات عربية وإفريقية وأوروبية بارزة تنعى الراحل محمدا بن عيسى    مركز في بني ملال يحتفل بالمرأة    غضب شعبي يجتاح سوقا بصفرو    الجديدي يفرض التعادل على الحسنية    دليل جديد يتوخى توعية المغاربة بمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب    ‬"وترة" يدخل دور العرض بعد رمضان    برعاية إبراهيم دياز .. أورنج المغرب تطلق برنامج Orange Koora Talents    جماعة بني بوعياش تنظم ورشة لإعداد برنامج عمل الانفتاح بحضور فعاليات مدنية ومؤسساتية    بعثة تجارية ألمانية لتعزيز التعاون الاقتصادي في قطاع الفواكه والخضروات    ملخص كتاب الإرث الرقمي -مقاربة تشريعي قضائية فقهية- للدكتور جمال الخمار    "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ..؟" !!(1)    دراسة: الكوابيس علامة مبكرة لخطر الإصابة بالخرف    الأمازِيغ أخْوالٌ لأئِمّة أهْلِ البيْت    القول الفصل فيما يقال في عقوبة الإعدام عقلا وشرعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغربية تنقل حكايات حزينة من ميناء الدارالبيضاء
البحارة.. رجال لا يبكيهم سوى الظلم

حركة مراكب الصيد، لا تهدأ، سفن كبيرة وقوارب صغيرة، ترابط في ميناء الدارالبيضاء، تمهيدا لعبور البحر للصيد.بحارة يجهزون شباكهم ومراكبهم للإبحار، وآخرون يفرغون غلات صيدهم، ومجموعات أخرى من البحارة يستسلمون تحت أشعة الشمس الدافئة للنوم، بعد ساعات طويلة من العمل في ظلمة الليل، هذا هو الميناء.
في الوقت الذي يستعد فيه الناس العاديون إلى الخلود إلى النوم بعد يوم مضن، يغادر رجال البحر أضواء المدينة ودفء الساحل، وصخب العاصمة الاقتصادية، نحو فضاء، الكلمة فيه للعثمة، ولغط البحارة، وأمواجه المتكسرة على حافة المركب، إذ الإبحار نحو مناطق الصيد بالميناء، يبدأ في العاشرة ليلا.
طبيعة المهنة وظروف حياة رجل البحر، أقل ما يمكن القول عنها "قاسية وصعبة"، التحضير للرحلة مليئة بالمفاجآت، تستغرق مدة أطول من خوض غمار الإبحار.
صالح البحار
"المغربية" كانت على موعد مع رجل من رجال البحر، يعلم كل صغيرة وكبيرة في الميناء، إنه صالح أزويت، قبطان سابق، والكاتب العام للبحارة الصيد الساحلي في ميناء الدارالبيضاء، خبرته وماضيه وحاضره، الذي قضاه في الميناء، أكسبه احترام كل البحارة، وحوله إلى مستشار وملجأ كل من وقع في مشكل، واستعصى عليه الحل.
مجرد رؤية البحارة وتجار السمك بالتقسيط له في الميناء، يبعث على الارتياح. أثناء جولة قصيرة مع صالح، قصده أكثر من عشرة أشخاص للتحدث معه على انفراد، في أمورهم الشخصية، لم تكد تمر دقائق قليلة، ليتدخل صالح لفض نزاع صغير حتى لا يتحول إلى معركة، بين أحد الحراس وشاب يشتغل في الميناء.
تحدث صالح ل "المغربية" عن الظروف القاسية للبحارة، خاصة خلال هذه الفترة من السنة، قائلا "يعيش بحارة ميناء الصيد الساحلي ظروفا قاسية، دون تصريحات بالأجور، من مبيعات السمك، لكي يأخذ صندوق الضمان الاجتماعي، ستة في الماء عن التعويضات العائلية لبحارة الصيد الساحلي"، بعد النقص الحاد في الثروة السمكية، في السنوات الأخيرة، وجد البحارة صعوبات في ادخار مبلغ مالي يوجهون به متطلبات الحياة، وينفقونه على أسرهم، يقول أزويت "في خمس سنوات الأخيرة، أصبحنا متضررين من الأموال المستخلصة لصالح الضمان الاجتماعي، لأن من المفروض على أرباب المراكب تسجيل العمال في الضمان الاجتماعي، ليستفيد البحار من التغطية الصحية والتعويض عن العجز أو في حالة الوفاة، لأن البحار ليس لديه أجر شهري قار".
معاناة وفقر
ظروف العمل مع أجر قليل وغير منتظم، وعدم وجود ضمان صحي ولا أي ضمان اجتماعي، هي المعاناة بعينها، إذ يعيش رجال البحر في فقر مستديم، ويقولون إن سبب امتهانهم هذه المهنة قليلة المردود، هو الفقر والأمية، وغياب بديل يقيهم الفقر والحرمان ويضمن لهم الحياة الكريمة.
محمد يعمل بحاراً منذ 32 عاماً مهنته هي "الرايس"، قائد فريق يتكون من 24 بحارا، تتكلم ملامحه عن تجارب طويلة وقاسية مع البحر وعوالمه، بعد أن فضل التزام الصمت لدقائق، مبديا انشغاله بإعداد وجبة الغذاء، تحدث قائلا "32 سنة وأنا أمارس هذه المهنة، الأمور لم تتغير، المعاناة نفسها تتكرر كل سنة، أوضاعنا تسير نحو الأسوأ، ولن تتغير نحو الأحسن، ليس لدينا لا ضمان اجتماعي ولا تغطية صحية، ولا نستفيد من التقاعد".
محمد، أب لخمسة أبناء يعيشون في مدينة أخرى، يجد في الكثير من الأحيان صعوبة في توفير ولو 1200 درهم في الشهر، يضيف "لا أرى أبنائي إلا بعد كل 15 يوما وفي المناسبات، هذا في حال وفرت مبلغا ماليا مهما، أما في حال العكس فأنا أفضل البقاء هنا، لأن ليس لدي ما أحمله إليهم، لأن ليس لدينا مورد رزق قار، الخروج على الله والدخول على الله، كل نهار ونهارو".
معاناة رجال البحر، لا تقف عند هذا الحد، فبعد نهاية رحلة كل يوم، يجد البحارة أنفسهم مرغمين على الخلود للنوم، وأخذ قسط من الراحة، فوق صناديق خشبية للسردين، في مخازن باردة مخصصة لتجهيزات البواخر، في انتظار رحلة جديدة.
الدولة والبحار أكبر المتضررين
بسبب تعذر إيجاد أماكن يكترونها بأثمان مناسبة ليناموا فيها، حوّل البحارة فضاء هذه المخازن إلى شبه أكواخ وكهوف، تنسيهم ولو لساعات قليل، جهد ليلة قاسية، حول هذا الوضع البائس، يقول عبد القادر، زميل محمد في المهنة، إن الدولة والبحار أكبر المتضررين في قطاع الصيد البحري، لأن الدولة تضيع في الضرائب، إذ أن مركب الصيد يدخل للميناء، بخمس مائة صندوق من الأسماك مثلا، ولا يؤدي أرباب المركب الضرائب سوى على مائة صندوق من الأسماك.
وفي ظل هذا الوضع تساءل عبد القادر "كيف سيتسلم البحار حقوقهم المادية؟"، ويضيف "أكثر من أربع سنوات والبحارة لا يتلقون أي مقابل مادي عن أبنائهم، ولا يستفيدون من مجهودهم البدني، كما أن هناك عددا كبيرا من البحارة، تقاعدوا عن العمل ولا يحصلون سوى على مبلغ مالي هزيل (500 درهم) لا يكفيهم حتى في تغطية مصاريفهم العائلية".
في ميناء الدارالبيضاء، هناك من يتحدث، عن ما يسمونه "لوبي" مكون من أرباب مراكب الصيد، والموظفون في الميناء، يتسببون في كوارث مشاكل للبحارة. عبد القادر، صانع شباك الصيد، تحدث بجرأة قائلا "إنهم يضيعون الدولة في الضرائب، التي تؤدى عن الثروة السمكية، وأعتقد أن هناك تواطؤ، إذ لا يجري تسجيل الثروة السمكية على حقيقتها، وليس هناك من يسائل هؤلاء".
ميناء في حجم "ميناء الدارالبيضاء"، لا يتوفر على مقر للوقاية المدنية، ولاعلى سيارة إسعاف تسهر على نقل البحارة إلى المستشفى في حال وقوع حوادث عمل.
يقول أزويت "عند وقوع حادث في مراكب الصيد البحري، يخبر قبطان المركب السلطات في الميناء، وفي الوقت الذي نحاول إدخال الشخص المصاب إلى الميناء، وانتظار وصول سيارة الإسعاف إليه الميناء، يكون البحار المصاب لقي حتفه".
ويضيف "نطالب بتوفير سيارة إسعاف، تكون حاضرة على مدى 24 ساعة في ميناء الصيد، للسهر على نقل المصابين من البحارة، وعلى مقر لرجال الوقاية المدنية، للتصدي لحوادث اشتعال النيران، لأن هناك عدة حوادث تقع ولا يجد البحارة من يمد لهم يد العون في الوقت المناسب"، سُجل خلال السنة الماضية وقوع عشر حوادث عمل، وفي غياب مصالح وزارة الصحة فهناك عدد من البحارة ممن توفوا في ظروف غامضة، إثر إصابتهم بأمراض عضوية كانوا يعانونها في صمت، إلى أن فاجأهم الموت، ورغم وجود مصحة في ميناء الصيد، وتوفرها على طبيب وممرض إلا أنها لا تتوفر على الأدوية والتجهيزات الضرورية، لعلاج المرضى والمصابين.
يقول عبد الواحد، بحار "لم نشهد يوما، زيارة لجنة عن وزارة الصحة للكشف عن الحالة الصحية للبحارة، خاصة أنهم يعانون عدة أمراض مزمنة، كالربو والروماتيزم"، ورغم هذه المعاناة لا يستطيعون الصراخ في وجه مشغليهم، خوفا من أن يكون مصيرهم الطرد، وبالتالي فقدانهم مورد رزقهم الوحيد.
عبد القدوس أمضى سنوات عمره في العمل كبحار، فضل البقاء دون زواج رغم تقدمه في السن، لأن ظروف عمله لا تسمح له بأن ينعم بدفء الأسرة، تحدث بحرقة، وانزعاج، من على فراشه في المخزن، الذي يتخذه مكانا للنوم، رفقة أصدقائه في المهنة، يقول "هنا إذا تكلمت على مشاكلك وهمومك، ما تلاقاش بلاصتك".
يوجد بالميناء 200 مركب صيد
يوجد في ميناء الدارالبيضاء أكثر من 200 مركب صيد، تتوزع بين مراكب صغيرة وكبيرة، بينها 80 مركبا للصيد بالجر، وأكثر من 75 مركبا صغيرا، ويعمل في كل مركب للصيد بالجر 34 بحارا، وفي المركب الصغير 24 بحارا.
ويصل معدل الدخل اليومي لكل بحار 80 درهما في أحسن الأحوال، ويعتبر قطاع الصيد البحري مصدرا رئيسيا لإيرادات المغرب، إذ يصطاد سنويا 800 ألف طن قيمتها نحو 4 ملايير درهم، ويساهم بنسبة 56 في المائة، من الصادرات الغذائية، ويوفر نحو 500 ألف فرصة عمل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.