يعد قطاع الصيد البحري دعامة أساسية لتنمية الإقليم اقتصاديا بحيث تبرز مكانته من حجم المعاملات وقيمتها، واجتماعيا يظهر جليا أنه المشغل الأول مباشرة من خلال فرص التشغيل التي أوجدها من وحدة الإنتاج الأولى (المركب) مرورا بالتسويق والتصنيع والاستهلاك ثم التصدير، وبطريقة غير مباشرة عبر سلسلة متشابكة ضمن اقتصاد مجهري من الصعب ضبطه، تفيد مصادر ذات علاقة وطيدة بالقطاع. و بحسب نفس المصادر، فإن نسبة مهمة من سكان الإقليم تعتمد كليا أو جزئيا في معيشتها على قطاع الصيد البحري إذ يفوق عددهم 8.000 بحارا، ويمكن تصنيفهم إلى بحارة دائمين، وهؤلاء يمكن حصرهم في بضع مئات من الأفراد من الذين يتخذون من الصيد حرفة دائمة طوال شهور السنة وهم بالضرورة بحارة السفن بالجر، وسفن الصيد بالخيط والزوارق، وينصب صيدهم على السمك الأبيض والقشريات والرخويات، ومحصولهم غالبا ما يأخذ طريقة إلى الأسواق الخارجية الوطنية والدولية، ونسبة منه تبقى للاستهلاك المحلي، وينضم إلى هؤلاء كوكبة تجار السمك والوسطاء الذين يقتنون، عن طريق المزاد الذي ينظم بالسوق الخاضع لمكتب الصيد البحري، حصيلة تلك السفن والقوارب. و إلى بحارة موسميين، وهؤلاء يشكلون نسبة كبيرة من مجموع البحارة، فبالإضافة إلى البحارة من سكان المدينة هناك أعداد وفيرة من سكان قرى وبوادي الإقليم الحاصلين على الوثائق الإدارية البحرية الذين يفدون للعمل على متن سفن صيد السردين والسمك الصناعي، ويشكلون بذلك أعلى نسبة بين البحارة بشكل عام، ويمتد عمل هؤلاء البحارة الموسميين ثمان أشهر في السنة تبتدئ بحلول ماي وتنتهي بحلول دجنبر من كل سنة، وخلال هذه الفترة ينضاف عشرات من العاملات والعاملين إلى رقم البحارة الموسميين والذين يستوعبهم معملين لتصبير السمك مازالا يقاومان من أجل البقاء. عمال وعاملات (معاملي) التصبير، هؤلاء يمكن اعتبارهم موسميون لأن عملهم يرتبط أساسا بالسمك الصناعي والسردين الذي لا يتوفر إلا خلال أشهر معدودة في السنة، وقد كانوا يشكلون في سنوات الوفرة بضعة آلاف وباتوا الآن يشكلون بضعة عشرات بعد أن أغلقت معامل التصبير أبوابها لأسباب شتى ظاهرة وخفية. وإذا ما أدركنا أهمية ذلك العمل الموسمي بالنسبة لأولئك العاملات والعمال تفيد مصادر نقابية محلية، أدركنا حجم المعاناة الذي صار إليه حال معظمهم من الذين يفتقدون إلى البديل بسبب غياب القطاعات الإنتاجية بالمدينة والإقليم بصفة عامة، ومشكل الهجرة بدوره قد ساهم في استفحال معاناتهم، إذ أوجد اليد العاملة بوفرة في غياب وحدات إنتاجية مستوعبة مما أحط من قيمة اليد العاملة، ومكن أرباب العمل من فرض الأساليب التي يرتؤونها في إدارة وتسيير العمل مما يعرض الكثير من العمال والعاملات إلى ضياع حقوقهم. (خ.ن) 35 سنة، مطلقة عاملة بمعمل لتصبير السمك أكدت أنه خلال سنوات السبعينات وأوائل الثمانينات كانت العاملات يشتغلن في ظروف تكاد تكون حسنة أما الآن فقد تغيرت الأمور لأسباب مختلفة ومتداخلة، وأن العديد من المعامل أغلقت أبوابها وشردت عمالها وعاملاتها وتحولوا بين عشية وضحاها إلى متسكعين ومتسولين والبعض منهم امتهن حرفا هامشية كبيع السجائر بالتقسيط، والفواكه والخضر و"الميكا". أما (م.ش) 43 سنة أب لخمسة أطفال، بحار بأحد الزوارق، فقال أن البحارة لا يلقون اللوم على البحر، فهو يعطي أوقات العطاء، ويمنع أوقات المنع، ولكنهم يلقون اللوم على الظروف التي دفعتهم لامتهان هذه الحرفة الخطيرة، وأضاف أن سرد مشاكل البحارة في هذه العجالة لن يفيد في شيء لكونها معروفة لدى الخاص والعام، وأكد أن ما ينتظره البحارة هو أن تتضافر الجهود إقليميا ومركزيا لوضع حد لمشاكل قطاع الصيد البحري ورد الاعتبار للبحار وحمايته من كل التجاوزات. من جهة أخرى، وحسب الإحصائيات المتداولة فإن عدد السفن العاملة بقطاع الصيد البحري يفوق 97 وحدة، 35 منها لصيد السردين والسمك الصناعي، و24 للصيد بالجر، و 38 للصيد بالخيط، هذه السفن يعمل معظمها خارج ميناء الصويرة وخاصة في موانئ آسفي، و أكادير و طانطان و العيون، ويتساءل العاملون بقطاع الصيد البحري بالصويرة عن الأسباب التي تدفع تلك السفن إلى العمل خارج الإقليم بل منها من يصطاد في مياهه ويذهب بصيده إلى ميناء آخر، " و يفيد أحد التقنيين بالميناء، أن الأسباب تكمن في صغر حوض الميناء إذ لا يتعدى هكتارين وعمقه ما بين 2 و 4 أمتار مائية، مع ثلاث أرصفة طولها لا يتجاوز 475 متر معظمها تحتله أوراش صناعة المراكب ومطعمين، مما يدفع معظم المراكب للتوجه إلى موانئ المدن الأخرى التي تتسع لكل الراسين على أرصفتها، مما يحرم، يتابع التقني المذكور، مدينة الصويرة والإقليم ككل من نشاط ورواج تجاريين كفيلين بإنعاش الحركة الاقتصادية وتمكين آلاف الأسر من الحصول على لقمة العيش، فهذا الحرمان يطال معملي تصبير السمك اللذين يعتمدان على استيراد السردين والسمك الصناعي من موانئ نائية مما يكلفهما غاليا بسبب مصاريف النقل والتي جعلت معامل سابقة تعزف عن الاستيراد وبالتالي لجأت إلى تسريح عمالها، لتتأزم بذلك ساحة التشغيل وهي أصلا متأزمة إلى حد لا يطاق. وذكرت مصادر متطابقة من ميناء الصويرة، أن المراكب التي كانت تصر على إفراغ حمولتها بالميناء تكون أمام أمرين، إما أن تجد الميناء مكتظا بالمراكب والزوارق التي دخلت باكرا، فتضطر إلى انتظار دورها، وإما أن تجد حالة الجزر التي تعيق المراكب عن دخول الحوض فتضطر إلى الانتظار حتى تأتي حالة المد، وفي الأمرين معا يكون مصير حمولة تلك المراكب المنتظرة التلف فتعطي ما يسمى ب "الكوانو" هذا في الماضي، تقول نفس المصادر، أما في الحاضر فإن الميناء يعرف حالة ركود لا عهد له بها.