تتطلع استراتيجية الصيد البحري الجديدة التي يعتزم المغرب الانخراط فيها إلى مضاعفة الناتج الداخلي الخام للقطاع بثلاث مرات، والتصدي لحجم حضور القطاع غير المهيكل بتقليصه إلى النصف، والتوجه نحو إحداث عشرين ألف منصب شغل جديد. وتتوخى الاستراتيجية، التي أعلن عنها أمس الثلاثاء خلال افتتاح أشغال الدورة الثانية للمجلس الأعلى لحماية الموارد البحرية بأكادير، رفع الناتج الخام للقطاع من 8.3 مليار درهم في 2007 إلى 18.3 مليار درهم في سنة 2020، وتقليص حجم القطاع غير المهيكل في رقم معاملات القطاع من 30 في المائة إلى 15 في المائة ونقل صادرات منتوجات الصيد من 1.2 مليار دولار إلى 3.1 ملايير دولار. وتتطلع الرؤية الجديدة التي سيسترشد بها القطاع في أفق العشر سنوات القادمة إلى نقل الأصناف المصطادة في إطار الحصص من 5 في المائة حاليا إلى 95 في المائة، في نفس الوقت اهتمت برفع استهلاك الفرد للأسماك في السنة من 10 كيلوغرامات إلى 16 كيلوغراما. كما تسعى خارطة الطريق إلى بلوغ هاته الأهداف عبر ثلاثة محاور، يروم أولها ضمان ديمومة الموارد الهشة والمعرضة للصيد المفرط، وتمكين الفاعلين الاقتصاديين من رؤية تخول لهم وضوحا أكبر عند اتخاذ قرار الاستثمار وحث الصيادين على ممارسة الصيد المسؤول. ويرمي المحور الثاني إلى ضمان الشروط الملائمة للجودة عند معالجة المنتجات وخلق شفافية أكبر على امتداد السلسلة وضمان ميكانيزمات فعالة للبيع في الأسواق، ويروم المحور الثالث ضمان وفرة وانتظام مادة أولية ذات جودة عالية وتوسيع حصص المنتوج المحلي في السوقين المحلي والدولي. وفي سبيل تحقيق مطلب ديمومة الموارد، تشير الاستراتيجية الجديدة إلى اللجوء إلى تهيئة المصايد باعتماد نظام الحصص عبر تحقيق المردودية القصوى المستدامة ل 95 في المائة من الموارد المفرغة في الموانئ، مقابل 5 في المائة حاليا، والتوجه نحو تغيير ممارسات الصيادين بما يحقق مطلب الصيد المسؤول وضمان رؤية واضحة للمهنيين لتشجيعهم على الاستثمار. وتنحو الرؤية الجديدة نحو جرد ومتابعة الموارد البحرية وإعداد تسميات متجانسة لكل الأصناف ووضع نظام معلوماتي للقطاع، في ذات الوقت تروم بلوغ هدف ملاءمة وعصرنة مجهود الصيد، وهو ما سيتأتى في تصور واضعي الاستراتيجية عبر السماح بإعادة تكوين المخزون والعمل على استقرار مستوى مردودية السفن في نسبة 10 في المائة على الأقل، وتجهيز 100 في المائة من السفن بتجهيزات التبريد. وتعد الاستراتيجية بتزويد موانئ الصيد بالبنيات التحتية والتجهيزات الضرورية وضمان الشروط الملائمة للجودة عند معالجة المادة الأولية، والعمل على تقليص نشاط القطاع غير المهيكل بتحسين شروط عمل المراقبين. بالموازاة مع ذلك تتطلع الاستراتيجية الجديدة إلى تهيئة مجالات مينائية مخصصة للأنشطة ذات الصلة بالصيد البحري، وتوفير شروط العمل والسلامة الملائمة وحسن التحكم في مسار المنتجات داخل الموانئ. وتحرص الرؤية الجديدة على توفير شبكة من البنيات التحتية للبيع الأولي للمهنيين والعمل على إدخال المزيد من الشفافية والمنافسة في ميكانيزمات تحديد الأسعار والاحتفاء بالجودة عبر تحديد شبكة أوسع لتقييم الجودة. وتشدد على جعل السمك مادة غذائية يسهل الحصول عليها وتأطير البيع بالجملة وضمان السلامة الصحية لمستهلكي منتجات البحر. ولم تغفل الاستراتيجية الجانب الصناعي في القطاع، حيث تسعى إلى تسهيل ولوج الصناعيين إلى المواد الأولية، بما يتيح الرفع من استعمال الطاقة الإنتاجية وتوسيع تشكيلة المنتجمات المتوفرة بالسوق المغربية وتلك الموجهة للتصدير وتأمين الموارد البحرية. في الوقت نفسه تعد الاستراتيجية الجديدة بدعم توجه الصناعيين نحو الأسواق الواعدة في سبيل رفع حصص المغرب في السوق العالمية من 3.3 في المائة حاليا إلى 5.4 في المائة في العقد المقبل، والتوجه نحو تحسين تثمين الأسماك السطحية بما يسمح بجعل المغرب رائدا في كل المنتجات المشتقة من السردين والرفع من إنتاج المنتجات المجمدة. وسوف يجري وضع خمس أدوات من أجل تحقيق أهداف الرؤية الجديدة، بحيث ستتولى اللجنة الوطنية للصيد تحديد سياسة تهيئة الصيد البحري ومتابعة التنفيذ وتقييم التأثيرات، ويوكل لصندوق عصرنة مجهود الصيد إعادة هيكلة أسطول الصيد البحري، وتتولى الوكالة الوطنية لتنمية تربية الأسماك إنعاش وتنمية أنشطة تربية الأسماك، فيما يسهر مركز تثمين منتجات البحر على توفير اليقظة التكنولوجية في خدمة الصناعة السمكية، وينكب مرصد التشغيل في قطاع الصيد البحري على التدبير القبلي للحاجيات من الموارد البشرية.